مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (7)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


28/02/2023 القراءات: 336  


وبعد أن أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ثلاثة أيام تحرك بجيشه نحو المدينة ومعه الأسارى من المشركين، واحتمل معه النفل الذي أصاب من المشركين، وجعل عليه عبد الله بن كعب، فلما خرج من مَضِيق الصفراء نزل على كَثِيب بين المضيق وبين النَّازِيَة، وقسم هنالك الغنائم على المسلمين على السواء بعد أن أخذ منها الخمس‏.‏

وعندما وصل إلى الصفراء أمر بقتل النضر بن الحارث وكان هو حامل لواء المشركين يوم بدر، وكان من أكابر مجرمى قريش، ومن أشد الناس كيدًا للإسلام وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه علي بن أبي طالب‏ رضي الله عنه

ولمـا وصل إلى عِرْق الظُّبْيَةِ أمر بقتل عُقْبَة بن أبي مُعَيْط ـ وهو الذي كان ألقى سَلا جَزُور على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، وهو الذي خنقه بردائه وكاد يقتله، لولا اعتراض أبي بكر رضي الله عنه ـ فلما أمر بقتله قال‏:‏ من للصِّبْيَةِ يا محمد‏؟‏ قال‏:‏ ‌‏(‏النار‏)‌‏.‏
وكان قتل هذين الطاغيتين واجبًا نظرًا إلى سوابقهما في إيذاء المسلمين وعداوتهما لله ولرسوله ، فلم يكونا من الأسارى فحسب، بل كانا من مجرمى الحرب بالاصطلاح الحديث‏.‏

ولما وصل صلى الله عليه وسلم إلى الرَّوْحَاء لقيه رءوس المسلمين ـ الذين كانوا قد خرجوا للتهنئة والاستقبال حين سمعوا بشارة الفتح من الرسولين ـ يهنئونه بالفتح‏.‏ وقال أسيد بن حضير‏ رضي الله عنه:‏ يا رسول الله، الحمد لله الذي أظفرك، وأقر عينك، والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوًا، ولكن ظننت أنها عير، ولو ظننت أنه عدو ما تخلفت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‌‏(‏صدقت‏)‌‏.‏

ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مظفرًا منصورًا قد خافه كل عدو له بالمدينة وحولها، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة، وحينئذ دخل عبد الله بن أبي وأصحابه في الإسلام ظاهرًا‏ .

وقدم الأسارى بعد بلوغه المدينة بيوم، فقسمهم على أصحابه، وأوصى بهم خيرًا‏.‏ فكان الصحابة يأكلون التمر، ويقدمون لأسرائهم الخبز، عملًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حكى أبو عزيز - وقد أسره أخوه مصعب بن عمير ومعه رجل أنصاري - أن آسريه كانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوه بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسرى. حتى ما تقع في يد أحدهم خبزة إلا ناوله إياها قال: "فاستحي فأردها علي ما يمسها" وهذا الموقف آية على حسن معاملة الأسير في الإسلام وإيثاره بأفضل ما عند آسريه. مما لا نجد له مثيلاً في تواريخ الدنيا.

وقد استحق المقاتلون ببدر أن ينالوا التقدير الكبير الذي صار يلازم كلمة "البدري" حتى كونوا الطبقة الأولى من الصحابة في سجل الجند لعمر رضي الله عنه فكانوا يأخذون أعلى العطاء واحتلوا الصفحات الأولى من كتب الطبقات، وهكذا نالهم التكريم الأدبي والمادي على مر الدهور

وقد أوضحت الأحاديث الصحيحة فضل البدريين وعلو مقامهم في الجنة، فقد أصيب حارثة بن سراقة الأنصاري رضي الله عنه يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر واحتسب، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع. فقال: "ويحك - أو هبلت - أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس "

وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه الذي أخبر قريشاً بخبر قدوم المسلمين لفتح مكة فعفا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم" ولما قال عبد لحاطب: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدراً والحديبية"


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (7)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع