مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (190)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


21/06/2024 القراءات: 461  


-علمُ الناس في أربع:
روى الحافظ ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم وفضله» (1/ 62): «عن سفيان بن عيينة قال: سمعتُ جعفر بن محمد [الصادق] يقول: وجدنا علم الناس كله في أربع:
أولها: أنْ تعرفَ ربَّك.
والثاني: أنْ تعرفَ ما صنعَ بك.
والثالث: أنْ تعرفَ ما ‌أرادَ ‌منك.
والرابع: أنْ تعرفَ ما تخرجُ [به] مِنْ دينك. وقال بعضُهم: ما يُخرجك مِنْ دينك».
وما بين معقوفين زيادة مني.
وهذه الكلمات تُشرح في مجلد.
***
-أعمالي لغير الله:
قال المؤرخ الواعظ يوسف سبط ابن الجوزي في كتابه «مرآة الزمان» (1/ 134):
«من عجائب اليمن: وادي بَرَهُوت بحضرموت، وفيه جُبُّ فيه أرواحُ الفجَّار، وفي هذا الوادي أَطَمَةٌ تقذفُ بالجمر، كالتي في الهند.
وحكى جدَّي (الإمام أبو الفرج) رحمه الله تعالى في مجالس وعظه، وقد سمعتُه، وذكرها في بعض مصنفاته وقال:
قدم ‌بغدادَ رجلٌ من خراسان حاجًّا وكان معه مالٌ، فأودع بعضَه عند بعض الزهاد ومضى إلى الحج، فلما عاد وجد الزاهدَ قد مات، فسأل أهلَهُ: هل أوصى بمالٍ؟
قالوا: لا، فاهتمَّ [أو: فاغتمَّ]، فسأل بعضَ العلماء عن الطريق إلى كشف الحال، فقال له: ما ثمَّ إلا أنْ ترجعَ إلى مكة وتقفَ على زمزم وتنادي باسمه: يا فلان، فإن أجابك [فاسأله عن وديعتك]، وإلا فاذهب إلى بَرَهوت، فيه بئر فيها أرواحُ الفجّار، وفي زمزم أرواح المؤمنين.
فرجع الرجل إلى مكة ووقف على زمزم ونادى: يا فلان، فلم يجبه، فخرج إلى اليمن ووقف على [البئر بـ] وادي بَرَهوت وإذا هو جُبٌّ عميقٌ مظلمٌ يطلعُ منه الدخانُ واللهبُ، وناداه، فأجابه [بانكسار] وقال: لبيك.
فقال: وأين مالي؟
قال: تحت الدرجة الفلانية، اذهبْ إلى أولادي وعرِّفْهُمْ فهم يعطونك إياه.
فقال: ألستَ الزاهدَ العابدَ، فما الذي أوقعك ها هنا؟
فقال: كانت أعمالي لغير الله تعالى.
وعاد الرجلُ إلى ‌بغداد، وعرَّف أهله، فحفروا المكان وأعطوه إياه».
وجاء في «كنز الدرر وجامع الغرر» لأبي بكر بن عبدالله بن أيبك الدواداري (1/ 215): «قال ابن الجوزي». والصواب: "قال سبط ابن الجوزي...". وما بين المعقوفين منه.
***
-العمل بالموعظة:
أنشدني الدكتور عبدالله البشير -رحمه الله تعالى- لوالده في ديوانه "الوصية بالتقوى":
يا ربِّ إني قد وعظتُ فشدَّ مِنْ ... أزري لأمتثلَ المواعظَ مسبقا
***
-شمِّرْ:
شمِّرْ عسى أنْ ينفع التشميرُ … وانظرْ بفكركَ ما إليه تصيرُ
طولتَ آمالًا تكنَّفها الهوى … ونسيتَ أنَّ العُمْر منك قصيرُ
قد أفصحتْ دنياك عن غدراتها … وأتى مشيبُك والمشيبُ نذيرُ
دارٌ لهوتَ بزهوها متمتعًا … ترجو المقامَ بها وأنت تسيرُ
واعلمْ بأنك راحلٌ عنها ولو … عُمِّرتَ فيها ما أقام ثبيرُ
ليس الغنى في العيش إلا بلغة … ويسيرُ ما يكفيكَ منه كثيرُ
لا يشغلنّك عاجلٌ عن آجلٍ … أبدًا فملتمِسُ الحقيرِ حقيرُ
ولقد تساوى بين أطباقِ الثرى … في الأرض مأمورٌ بها وأميرُ
التبصرة لابن الجوزي (1/ 120).
***
-رد العلم إلى الله:
(من جميل ولطيف بل بديع كلام الإمام النووي، فيما أذكر، أنه يندر أن تجد فقرة في شرحه لصحيح مسلم إلا وختمت بقوله: "والله أعلم"، أو: "والله أعلم بالصواب".
كما يكثر أن يقول: "والله أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة والفضل والمنة، وبه التوفيق والعصمة").
د. عباس زغنون – المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
***
-رثاء مدينة (عانة) العراقية:
أنشدني الصديقُ العالمُ الأديبُ الدكتور عمر بن عبدالعزيز العاني في رثاء تلك المدينة العريقة التي أُغرقتْ:
الـنـواعـيـر والـهوى والفراتُ ... والأسـاطـيـر والـنوى والشتاتُ
وتـر الـذكـريـات يـعزف لحنًا ... يـا لـقـلـبـي ستعزف الذكرياتُ
فـاحـمـلـيني على السفين فما لي ... غـيـر ذكـرى الذين كانوا وماتوا
والـسـواقـي الـتـي تزفّ صبانا ... والـعـنـاقـيـد فـوقها مشرعاتُ
الأمان الأمان إنّ فـؤادي ... رهـن ذكـرى وثَـمّ تـقضى الحياةُ
الـنـواعـيـر والـرحى وشجون ... وبـقـايـا رسـومـهـا والـرفاتُ
آذن الـبـيـنُ بـالـرحـيل وما إن ... ودّعـتـنـا عـلـى الجوى (عاناتُ)
فـإذا بـالـسـمـاء تـمطر ذكرى ... قـد خـلـتْ أمـس قـبلها المثلاتُ
وعانات هي عانة.
***
-تحريفات في "شرح الكوكب الساطع"
جاء في كتاب "شرح الكوكب الساطع" للسيوطي (2/ 28):
"وقد كذبتك نفسك فاكذبنها ... لما منتك تعزير أقطام".
والصواب: لما منتك تعزيرًا قطامِ.
وجاء في (2/ 397) في الكلام على شروط الاجتهاد: "وقع في نسخةٍ من جمع الجوامع: ويعرف سير الصحابة. قال الشيخ جلال الدين [المحلي]: ولا وجه له على قول الأكثر بعد التهم.
والصواب: بعدالتهم.
وفي (2/ 444): "كان الشيخ ضياء الدين القرني [كذا] له لحية طويلة إلى قدميه، وإذا ركب تتفرق فرقتين، فكل من رآه من العوام يقول: سبحان الخالق! فيقول: أشهد بأن العوام مؤمنون بالنظر؛ لأنهم يستدلون بالصنعة على الصانع".
والصواب: القرمي. وله ترجمة في «بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة» (2/ 13).
وقد بيَّض السيوطي للكلام على القرمي في «لب اللباب في تحرير الأنساب» (ص: 206) فقال: «قلت: ‌القرمي: إلى .... ». وسكتَ الداودي.
***
-نشأة المدرسة الآصفية في الفلوجة:
حدثني الحاج عبدالهادي الراوي رحمه الله قال: "كان الإمام والخطيب في الجامع الكبير الشيخ حامد ملا حويش، فكنت أقرأ عليه أنا وبعض إخواني الكتب العلمية، ثم أردنا أن يكون لذلك صفة رسمية ففاتحنا الشيخ حامدًا، ثم قدمنا طلبًا إلى إدارة الأوقاف، فنقلوا لنا المدرسة الآصفية من بغداد إلى الفلوجة بمشيخة الشيخ حامد، ثم انتقل هو إلى بغداد وجاء مكانه الشيخ محمد أمين الكبيسي القاضي -وكان عالمًا مطلعًا وهو ضرير- فقرأنا عليه، ثم جاء الشيخ عبدالعزيز السامرائي -وكان في هيت-".
قلت: وفي عهده ازدهرتْ المدرسة وكثر طلابها، ثم جاء بعده الشيخ إبراهيم رحيم الهيتي، ثم الشيخ خليل الفياض، ثم الشيخ عبدالستار حردان، ثم السيد عماش -وفي عهده دخلنا المدرسة وخرجنا- ثم نُقل وجاء مكانه آخر.
وقد أسستْ سنة (1364هـ - 1944م).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع