مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


فقه الطهارة 3-أنواع النجاسات وكيفية التطهر منها(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


07/08/2023 القراءات: 411  


وعلى هذا :

ما حكم تطهير جلود الميتة بالدباغ :

للفقهاء أربعة أقوال:

1- الشافعي وأحمد : يطهر كل شئ إلا الكلب والخنزير.
2- مالك :لم يجعل الدبغ من المطهرات وحملوا الطهارة الواردة في الحديث على النظافة وأباحوا استعمال المدبوغ في اليابس والماء، وفي المذهب رواية أخرى أنه مطهر .
3- أبو حنيفة : يطهر كل شئ إلا الخنزير أما الكلب فإنه يطهر بالدبغ لأنه ليس نجس العين .
4- قول أبي يوسف وداود الظاهري والشوكاني :يطهر كل شئ حتى جلد الكلب والخنزير ،
وهو الراجح ؛ لأن الأحاديث الواردة في هذا الباب لا فرق فيها بين الكلب والخنزير وما عداهما كما قال الشوكاني في نيل الأوطار ، ومال إليه العلامة القرضاوي في كتابه فقه الطهارة

وعلى هذا ما ظهر الآن من بعض الصناعات الجلدية خاصة من جلد الخنزير (كالحقائب والأحذية والملابس ) لا حرج من استعمالها .

3– الأنفحة :

الأنفحة أوالمنفحة مادة مساعدة لصناعة الجبن، يمكن أن تكون سائلة أو جافة، تستخرج من معدة العجول الرضيعة وتحتوي على أنزيم الرنين الذي يعمل على تخثير الحليب لصنع الجبن، حيث يأخذون قطرة أو قطرتين من الأنفحة ويخففونها بماء ثم يضعون قطرات من هذا المخفف على كمية كبيرة من الحليب فيتجبن.

حكم الأنفحة :

ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه :

1- إن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة يجوز أكل الجبن المصنوع منها اتفاقاً .

2- وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية ، ففيها خلاف بين الفقهاء :

أ‌- فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة ، ودليلهم: أن الإنفحة نجسة، لكونها في وعاء نجس، وهو كرش الميتة، فيكون مائعاً لاقى نجساً فتنجس بمجرد الملاقاة، ولأن اللبن لو صب في إناء نجس تنجس، فكذلك الإنفحة لكونها في وعاء نجس.

ب‌-وذهب جماعة من الصحابة والتابعين منهم عمر، وسلمان الفارسي، وطلحة، والحسين بن علي وغيرهم، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، واختاره ابن تيمية ؛ ذهبوا إلى طهارتها ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال في “الفتاوى ” والأظهر أن جبنهم حلال – أي المجوس – وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر….. لأن إنفحة الميتة طاهرة على هذا القول ، لأن الإنفحة لا تموت بموت البهيمة ، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس .

وإذا كان هذا هو الراجح ، فسواء علمنا مصدر الإنفحة وأنها من حيوان مذكى ، أو غير مذكى ، أو لم نعلم ، فلا حرج عليك في أكل الجبن المصنوع منها .

ما رواه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل، قال: ذكرنا الجبن عند عمر، فقلنا: إنه يصنع فيه أنافيح الميتة، فقال: “سموا عليه وكلوه”. وهذا سند في غاية الصحة، وقال أحمد: هو أصح حديث في الباب، كما سبق.

ويدل عليه أيضا أن سلمان الفارسي كان نائب عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام، وقد ثبت عنه: أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء؟ فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه.

ومعلوم أنه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب، فإن هذا أمر بين، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس: فدل ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها،

د- ميتة الآدمي ؛ وهي طاهرة لحديث : ” إن المؤمن لا ينجس ” متفق عليه .
ولم يفرق بين حال الموت وحال الحياة ومعلوم أن نجاسة المشرك المذكورة في قوله تعالى : ” إنما المشركون نجس ” إنما هي نجاسة معنى لا عين بدليل أنَّ الله تعالى أباح لنا أن نتزوَّج نساء أهل الكتاب، وأن نأكل طعامهم، مع أنَّ أيديهم تلامسه؛ والإنسان يلامس زوجته إذا كانت من أهل الكتاب، ولم يَرِدْ أَمْرٌ بالتَّطَهُّر مِنْهنَّ؛ وهذا هو القول الصَّحيح .

نعود إلى أنواع النجاسات :

( 2 ) الدم :
وهو إما دم إنسان أو حيوان وتفصيله على النحو التالي :

1- دم الحيض والنفاس و الاستحاضة :
دم الحيض نجس باتفاق العلماء ، والأدلة على نجاسته كثيرة نذكر منها :-
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ قَالَ{ تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ} متفق عليه
وحكم دم النفاس ودم الاستحاضة كحكم دم الحيض ، وكذا الدم الخارج من أحد السبيلين ( القبل أو الدبر) ، لملاقاة النجاسة فهو نجس.
-2 دم الإنسان غير دم الحيض :
وهو مختلف فيه بين المتقدمين من العلماء والمتأخرين على النحو التالي :
فقد ذهب الأئمة الأربعة إلى نجاسته ودليلهم على ذلك قول الله تعالى :{ قُل لاّ أَجِدُ فِي ما أُوْحِيَ إِلَيّ مُحَرّماً عَلَىَ طاعم يَطْعَمُهُ إِلاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنّ رَبّكَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } الأنعام – الآية 145.

بينما ذهب المتأخرون منهم على طهوريته منهم الشوكاني والألباني وابن عثيمين ودليلهم ما يلي :

1ـ أنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة حتى يقوم دليل النَّجاسة، ولا نعلم أنَّه أمَر بغسل الدَّمِ إلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، فلو كان نجساً لبيَّنه ؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى ذلك.


فقه الطهارة 3-أنواع النجاسات وكيفية التطهر منها


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع