مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو


هل الزلزال عقوبة من الله تعالى؟ (2)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


19/02/2023 القراءات: 610  


وقد تكون الزلازل غضبًا وانتقامًا من الكافرين، وقد أهلك الله تعالى الأمم الماضية بكفرهم وجحدهم لرسالات رب العالمين، قال الله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:40].
وقد تكون عذابًا في الدنيا للمسلمين، ورحمة لهم في الآخرة، قال عليه الصلاة والسلام: (‌أُمَّتِي ‌هَذِهِ ‌أُمَّةٌ ‌مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ) [رواه أبو داود برقم: 4278].
وقد تكون ابتلاء لأهل الميت بالهدم، فعَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ ‌وَصَاحِبُ ‌الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ) [رواه البخاري برقم: 2829، ومسلم برقم: 1914].
وقد تكون تذكيرًا وإشارة ليوم القيامة، يوم الزلزلة الكبرى، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1].
كما علينا أن لا ننسى أن في كل محنة منحة، وفي كل بلية عطية، وفي كل مصاب ثواب، ومن فوائد البلوى والمحن للعز بن عبد السلام: الشُّكر عليها؛ لما تضمَّنته من فوائدها، كما يشكر المريضُ الطبيبَ القاطعَ لأطرافه، المانعَ له من شَهَواته، لما يتوقَّع في ذلك من البُرء والشِّفاء.
ثم لا حرج من صلاة الآيات في المساجد أو في البيوت، حيث أجاز الأحناف هذه الصلاة فقال الكاساني الحنفي: "وَكَذَا ‌تُسْتَحَبُّ ‌الصَّلَاةُ ‌فِي ‌كُلِّ ‌فَزَعٍ: كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ، وَالزَّلْزَلَةِ، وَالظُّلْمَةِ، وَالْمَطَرِ الدَّائِمِ؛ لِكَوْنِهَا مِنْ الْأَفْزَاعِ، وَالْأَهْوَالِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ صَلَّى لِزَلْزَلَةٍ بِالْبَصْرَةِ". [بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1406هـ - 1986م: 1/282].
وجاء في صحيح ابن حبان في ‌‌ذِكْرُ وَصْفِ صَلَاةِ الْآيَاتِ، برقم: 2830، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (‌صَلَاةُ ‌الْآيَاتِ ‌سِتُّ ‌رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ).
وأخيراً: من جميل ما وصف الأديب مصطفى بن أحمد بن محمد الدمياطي الزلزال حين قال:
إن تناسيت أوقات أنْسٍ تقضَّتْ.. لستُ أنسى لياليَ الزلزالِ
أَذْكرتْنا كيف المنام بمهد.. وأرَتْنا بالعين رقْصَ الجبالِ
أَشْهدتْنا تَمايُلاتِ قصورٍ.. بِاهْتِزازٍ كَحَالةِ الأطفالِ
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء والغلاء وشماتة الأعداء، وأنزل علينا الرحمة والسكينة والشفاء، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر يا رب العالمين.


الزلزال، العضب، الهدم، يوم الزلزلة، صلاة الآيات، الأفزاع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع