مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
✍️{وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا}(1)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
04/01/2023 القراءات: 305
1 - إنهم كاذبون في هذا القول.
2 - إنهم تابعون للكاذبين من قبلهم. فالذين من قبلهم من الكافرين زعموا هذا الزعم، وافتروا هذا الافتراء.
3 - إن الله ما أراد منهم الكفر، ولا رضي لهم الشرك، لا هم ولا الذين من قبلهم.
4 - والدليل على أن الله ما رضي لهم ولا لمن قبلهم الكفر والشرك، أن الله قد عذّب السابقين الكافرين، وأوقع بهم بأسه وانتقامه، وحصل لهم بسبب كفرهم وشركهم التدمير والهلاك. وأنَّ الله سبحانه عادلٌ في أفعاله وقضائه، فلو رضي منهم الكفر وأراد لهم الشرك، لما عذّبهم ودمّرهم. وطالما علمنا علم اليقين أنهم قد عُذِّبوا ودُمَّروا وأهلكوا، وعلمنا علم اليقين أنه بسبب كفرهم وشركهم وضلالهم، علمنا علم اليقين أن الله ما رضي منهم الكفر والشرك والضلال، ولا طلبه منهم، ولا أمرهم به.
5 - إنهم في كلامهم السابق لا يصدرون عن علم، ولا يملكون عليه حجةً ولادليلاً ولا برهاناً، فإذا كان كذلك فكيف يقبلون هذا الكلام؟ ويصدِّقون أنفسهم فيه؟.
6 - إنهم في هذا الزعم الباطل متبعون للظن الخادع، والتخريص الواهمٍ، والحدس المضلّل، والتخمين المشكّك، فكيف يجعلون هذا علماً وحجة، ويزعمون بها النجاة يوم القيامة.
قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
وهذه الآية هي بيانٌ لما يرضاه الله ومايامر به. وتقريرٌ لما يليق به سبحانه في هذا الموضوع -ارتكاب المحرمات والمعاصي والذنوب-.
إن الإِنسان هو الفاعل لما يختار. فهو الذي قد يقوم بالكفر والمعصية والفاحشة -ونلاحظ الفاعل في فعل " تكفروا "- فإذا فعل ذلك، فإنه لن يضر الله بجريمته، لأن الله غنيٌّ عنه، وسبحان من لا تضرّه معصية!.
ثم إن الله لا يقبل من هذا كفره وفجوره ومعصيته، ولا يرضاه -ونلاحظ الفاعل في فعل " لا يرضى لعباده "- فالإنسان هو الذي يختار الكفر، والله هو الذي لا يرضاه له.
أما إذا اختار الإنسان الإيمان والطاعة، وقام بالشكر لربه -فهو فاعل " تشكروا "- فإنه ينال بذلك رضوان الله، لأن الله هو الذي يرتب عليه الرضى -فهو فاعل " يرضه " والمفعول به هو الشكر- ويحقق له القبول، ويفيض على عبده الشاكر ما يفيض من رضوانه وتوفيقه وإنعامه.
إن الله خلق الإنسان مزدوج الاستعداد، عنده استعدادٌ للسير في طريق الخير، واستعدادٌ للسير في طريق الشر. {إِنّا هَدَيْناهُ السبيل إِمّا شاكِراً وَإِمْا كَفوراً}، وإن الله جعل فيه القدرة على اختيار أي الطريقين، ومتابعة السير فيها. {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} -وَنَدعو إلى إمعان النظر في الأفعال الستة، وملاحظة الفاعل في كل فعل منها، وتوظيف هذا في استخلاص لفتات إيمانية عقيدية في موضوع الهدى والضلال-.
وهذا الإنسان في اختياره لجانب الهدى أو الضلال، لن يخرج عن مشيئة الله سبحانه وعلمه، فإن الله هو الذي شاء له ذلك، وعلم ما سيقوم به:
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
إنه لن يخرج عن مشيئة الله، لأنه لا يقع في الكون شيء إلا بعلم الله ومشيئته سبحانه -وإلا ما كان إلهاً- فهو الخالق لكل شيء: {إِنّا كل شَيْء خَلَقْناه بِقَدَر}. ولهذا: فهو شاء كُفْر هؤلاء وشركهم، بمعنى أنهم لم يفعلوه رغماً عنه -سبحانه- ولا أنه لم يكن عالماً بما سيختارونه - سبحانه -: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.
كل شيء يحدث -ومنه كفر الكافرين ومعصية العصاة- فبمشيئة الله سبحانه الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
ولكن مشيئة الله لها مظهران وجانبان:
1 - مشيئة العلم: بمعنى علم الله بما سيكون، وما سيفعله هذا الإِنسان من خير أو شرّ، قبل أن يفعله هذا الإِنسان، وكون هذا الفعل في مشيئة الله وعلمه وتقديره قبل أن يخلق الكون وما فيه ومن فيه. وعلى هذا نحمل هذه النصوص:
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
2 - مشيئة الرضا: بمعنى رضى الله عن ما يفعله الإنسان وقبوله له، وأمره به وطلبه منه، فهذه لا تكون للكافرين والعصاة وأصحاب الذنوب والفواحش، بل تكون للمؤمنين الشاكرين العابدين {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}.
***
✍️{وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا}(1)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة