مدونة محمد سلامة الغنيمي


الوهن وضعف الأمة: تحليل معمق وتوصيات عملية الجزء الثاني

محمد سلامة الغنيمي | Mohamed Salama Al-Ghonaimi


26/03/2024 القراءات: 96  


ومن هذا المنطلق يمكننا حصر أسباب ضعف الأمة وتدنيها إلى مستوى الوهن، الذي استحقت معه العقوبة الكونية، في سبب رئيس وهو: ضعف عوامل الإصلاح في مقابل قوة عوامل الإفساد، وذلك بلا شك يعود إلى غياب المصلحين وغلبة المفسدين.
ويتفرع عن هذا السبب الرئيس أسباب أخرى أكثر تفصيلا، مثل:
- الابتعاد عن الدين: يعد الدين مصدر القوة والوحدة للأمة، وله دور محوري في ترسيخ القيم والأخلاق الحميدة ولذلك، فإن الابتعاد عن الدين يؤدي إلى انتشار الفساد والضياع، ويضعف الشعور بالمسؤولية والواجب.
- الفرقة والاحتراب الداخلي: تعد الوحدة عنصرا أساسيا لقوة الأمة، بينما تؤدي الفرقة والتناحر إلى تفككها وضعفها. ولذلك، فإن ترسيخ القيم الإسلامية الاجتماعية، ونشر ثقافة التسامح والاحترام بين أفراد المجتمع يعد أمرا ضروريا لنهوض الأمة.
- الجهل والتخلف: الذي خلفته ضعف المنابر الدعوية والمؤسسات التعليمية أمام المنصات الإعلامية التي ركزت بقضها وقضيضها على إثارة الشهوات والشبهات، فخلف ذلك انجراف نحو الشهوات وتجريف للثوابت وتغييب للوعي وتجهيل للنشء .-
التبعية والتواكل: تؤدي التبعية للغرب إلى فقدان الأمة لسيادتها واستقلالها، وذوبان خصوصيتها في الآخر المتكالب عليها، بينما يؤدي التواكل إلى إهمال الاعتماد على الذات، والاقتيات على منتجات الآخر المادية والثقافية. ولذلك، فإن تعزيز الثقة بالنفس والاعتماد على الإمكانات الذاتية يعد أمرا ضروريا لنهوض الأمة.
- الفساد الإداري والمالي: يؤدي الفساد إلى إهدار المال العام، وتغييب الكفاءات، وتعطيل للطاقات البشرية، وإضعاف ثقة المواطنين في حكومتهم، ويؤدي إلى انتشار الفقر والبطالة والجهل. ولذلك، فإن محاربة الفساد بكل أشكاله يعد أمرا ضروريا لنهوض الأمة.
وقد انبثق عن هذه التحديات الكثير من الأزمات المعقدة التي أفقدت الأمة فعاليتها، مثل:
- ضياع الهوية الإسلامية والقومية: يؤدي الوهن وضعف الأمة إلى فقدانها لهويتها الإسلامية والقومية، وتصبح عرضة للتأثيرات الخارجية، مما يؤدي ضعف تماسك المجتمع أمام تيار الغزو الفكري الجارف.
- تسلط الأعداء: تصبح الأمة الضعيفة عرضة لتسلط الأعداء، ونهب ثرواتها، وفرض سيطرتهم عليها، وتصبح أمام كالقصعة أمام آكليها.
- انتشار الفقر والبطالة: يؤدي الوهن وضعف الأمة إلى انتشار الفقر والبطالة، وازدياد تأزمات المشكلات الاجتماعية.
- ضعف الشعور بالأمان: يؤدي الوهن وضعف الأمة إلى ضعف الشعور بالأمان، وازدياد الشعور بالخوف والقلق، وبالتالي ضعف الإنتاج والمشاركة.
التوصيات العملية:
النهوض بالأمة مسؤولية الجميع، ولا يمكن تحقيقه إلا بتضافر الجهود للقضاء على الوهن والضعف، والعمل على تحقيق الإصلاح الشامل في جميع المجالات، ومن أهم التوصيات.
- الاهتمام بإعداد العلماء المجددين والدعاة المصلحين، الذين يحاربون البدعة وينشرون السنة، ويجددون للأمة دينها، ويأخذون بأيدي أفرادها إلى صحيح المنهج.
- التطوير المستدام في وسائل التعليم والدعوة والإعلام بما يوافق العصر، ويطرح البديل الإسلامي الوسطى المستنير أما أجيال الشباب، الذين استهوتهم وسائل الإعلام المغرض.
- نشر العلم والوعي من خلال جميع منصات التواصل العلمي والاجتماعي، بحيث يقدم الوعي المستنير من جهات متعددة وبطرق مختلفة، يبدد غياهب ظلام الجهل، ويفتت صخور الشبهات، ويكشف خبث دثار الشهوات.
- الاهتمام بالتعليم الجيد الذي يعمل على تنمية المهارات وإثارة القدرات ونقل الثوابت التي تقي الجيل من فتن العصر.
- الاعتماد على الذات وتشجيع المنتج المحلي، بالإضافة إلى التنفير من الاستهلاك التفاخري، الذي يستنزف الثروات ويغلف العقول.
- التخلص من التبعية للغرب، ومقاومة الغزو الفكري، واستحضار روح الإيمان الذي يخلص الأمة من حالة الوهن ويعزز من قوتها النفسية.
- محاربة الفساد الإداري والمالي بكل أشكاله وصوره، ويتم ذلك من خلال إيقاظ الضمير، وتعزيز القيم، وإعلاء الشرع والقانون فوق المصالح الشخصية.
وأخيرا، لن تنهض الأمة من كبوتها وتتخلص من الوهن إلا على أيدي العلماء المجددين والدعاة المصلحين، والمعلمين ورثة الأنبياء والمرسلين؛ لأن هؤلاء من يشكلون وعي الأمة، ويشدونها إلى المنهج الصافي الذي وضعه الله لخير الأرض كلها.


تربية، فكر، نهضة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع