مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


أجهزة الأمم المتحدة المختصة بحماية حقوق الشعوب الاصلية -ج2

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


10/11/2022 القراءات: 2625  


ثالثا: لجنة القضاء على التمييز العنصري :
تعتبر هذه اللجنة الهيئة الدولية المشرفة على تطبيق اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري لسنة 1965 وتتكون من 18 خبيرا تنتخبهم الدول الأطراف في الاتفاقية من بين مواطنيها ولمدة 4 سنوات ويؤدون خدماتهم بصفتهم الشخصية.
وللجنة اختصاص هام وهو تلقي الرسائل الواردة من الافراد او الجماعات داخل الدول الأطراف في الاتفاقية ( المعترفة منها للجنة بهذا الاختصاص) والتي تحمل شكاوى عن انتهاكات او ضحايا لاي حق من الحقوق الواردة في الاتفاقية بعد ان يكونوا قد استنفذوا طرق التظلم المحلية المتوفرة وفقا لقانون كل دولة طرف مما يتيح للأفراد العادين الية دولية لتنفيذ احكام الاتفاقية وحماية حقوقهم من اي انتهاك عندما لا تسعفهم القوانين الوطنية في ذلك، كما تتولى اللجنة النظر في التقارير المقدمة من الدول عن التدابير التشريعية او القضائية او الإدارية وغيرها وتبدي بشأنها الاقتراحات والتوصيات العامة( ) ناهيك عن تقديمها المساعدة في تسوية المنازعات فيما بين الدول الأطراف بشان تطبيق الاتفاقية.
وبخصوص دور اللجنة في مجال حماية حقوق الشعوب الاصلية نظرت من جانبها في الانتهاكات الموجهة ضدهم بقدر ما تشكله من تمييز ضدهم استنادا الى ما تملكه من حق تلقي الشكاوي والالتماسات من افراد وجماعات هذه الشعوب واتخاذ ما يلزم حيالها ، كما مكنتهم من المشاركة في تقديم معلومات والتقارير عن أوضاعهم الى اللجنة التي قد تكون موازية في مضمونها للتقارير التي تلتزم الدول الأطراف في الاتفاقية بتقديمها بما يعطي لها قدرة فحص مصداقية المعلومات المقدمة من الأخيرة والتأكد من صحتها وقد نظرت اللجنة مؤخرا في التقارير المقدمة من بعض الدول الأطراف التي يتواجد على أراضيها جماعات من الشعوب الاصلية كدولة الكاميرون في 22- 23 شباط 2010 واعتمدت بعض الملاحظات الختامية والتوصيات للدولة المعنية من اجل النهوض بمستوى حقوق هذه الشعوب لديها.
ويبدو ان مشكلة التمييز ضد افراد الشعوب الاصلية من قبل السكان الاخرين في الدولة التي يتواجدون فوق اقليمها تعد من ابرز واكبر التحديات التي تواجههم وليس من الغريب القول ان تركيز الأمم المتحدة على مشاكل الشعوب الاصلية واهتمامها بقضاياهم انبعثت من مشكلة التمييز ضدهم ومكافحتها العنصرية الموجهة اليهم حتى ان بوادر ونواة هذا الاهتمام بدأت مع تكليف اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الانسان ( والتي كانت تسمى آنذاك ( باللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات ) المقرر الخاص مارتينيز كوبو باجراء دراسة عن مشكلة التمييز ضد الشعوب الاصلية في العام 1970 التي اكتملت عام 1984 حيث وثقت بعناية التمييز ضدهم وتم القاء الضوء على مجموعة واسعة من القوانين المعمول بها لحماية افراد هذه الشعوب التي كانت بعضها ذات طابع تمييزي في مضمونها والبعض الاخر كانت تتجاهل أصلاً وجود هذه الشعوب ، وخلصت الدراسة في النهاية الى ان استمرار التمييز ضد الشعوب الاصلية يهدد بقائها وكان لذلك اثره حيث انشى الفريق العامل المعني بالسكان الأصليين في عام 1982 كنتيجة مباشرة لهذه الدراسة التي اجراها كوبو.
رابعا : مؤتمر الأطراف الخاص باتفاقية التنوع البيولوجي :
شكلت اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 1992 جهازا خاصا بها يتولى الاشراف على تنفيذها اسمته بمؤتمر الأطراف الخاص بالاتفاقية ويعقد هذا الجهاز اجتماعات عادية واستثنائية، ويعاونه عدد من الأجهزة الأخرى فضلا عن انشاءه فريقا عاملا مفتوح العضوية مخصص لتنفيذ المادة (8/ فقرة ي) من الاتفاقية ذات الصلة بالشعوب الاصلية التي تدعو كل طرف متعاقد الى احترام معارف وابتكارات وممارسات المجتمعات الاصلية والمحلية المجسدة أساليب الحياة التقليدية ذات الصلة بصيانة التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو قابل للاستمرار والحفاظ عليها وتشجيع تطبيقها على أوسع نطاق بموافقة ومشاركة أصحابها وأيضا تشجيع الاقتسام العادل للمنافع التي تعود من استخدامها كذلك أسس المؤتمر منتدى دوليا خاصا للسكان الأصليين معني بالتنوع البيولوجي كهيئة استشارية له استنادا للمادة (23 / ف 4 / ز) من الاتفاقية.
ولعب مؤتمر الأطراف دورا هاما في تعزيز وحماية حقوق الشعوب الاصلية عن طريق احترام التراث الفكري والثقافي للمجتمعات الاصلية ذات الصلة بحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام ، كما دعى الى توفير الدعم والتعاون مع الأجهزة المشكلة الأخرى( المنتدى والفريق العامل ) لتنظيم عقد الندوات واجراء الدراسات عن شؤون التنوع البيولوجي الخاص بالشعوب الاصلية كانخفاض معدل فقدان التنوع البيولوجي والعمل على تحقيق اهداف الالفية الإنمائية للشعوب الاصلية وغيرها( ). واقرر المؤتمر بأهمية مشاركة الشعوب الاصلية والمجتمعات المحلية بدءا بالمستوى المحلي وانتهاءا بالمستوى الدولي في طائفة واسعة من برامج عمل الاتفاقية بما يشمل تعزيز ترشيح أعضاء ومندوبي عنهم داخل الوفود الرسمية للمشاركة بعمليات ووظائف الاتفاقية ولاسيما الأدوار الخاصة بالنساء من هذه الشعوب والعمل على بذل الجهود الكفيلة بتنفيذ الالتزامات الناجمة عنها بواسطة استراتيجيات وخطط عمل وطنية للتنوع البيولوجي وبمشاركة فعالة كاملة ومؤثرة.
نود التذكير أخيراً بان الأجهزة والهيئات التي تعمل على حفظ وصون وحماية حقوق الشعوب الاصلية داخل منظومة الأمم المتحدة قد تتعدد وتتجاوز ما اشرنا اليه خاصا الأجهزة المعنية بتوفير الحماية العامة لحقوق الانسان سواء اكانت اتفاقية او على صعيد المنظمات المتخصصة والإقليمية المرتبطة بالأمم المتحدة. وعلى كل حال فان الدور الذي تلعبه هذه الأجهزة والاليات التي اتينا على ذكرها وعلى الرغم من ايجابيتها وسعيها الحثيث في توفير الحماية اللازمة لكنها تبقى دون المستوى المطلوب ويعود ذلك الى أسباب عديدة منها تعارض عملها مع سيادة الدول وتلكؤ الدول المعنية في توفير المعلومات والبيانات الواجبة فضلا عن تكميم افواه افراد هذه الشعوب ومنظماتهم عند الحديث عن التمييز والانتهاك لحقوقها وقيمها بالإضافة الى لجوء بعض الدول


الشعوب الاصلية - الأمم المتحدة- اليات الحماية والتعزيز


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع