مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (109)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


24/12/2023 القراءات: 504  


تتمة مهمة في الفتوى والعلم النافع وغيره للتسولي:
"...وقال تعالى: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) (الأحزاب: 30) الآية. وما ذاك إلا لكونهن -رضي الله عنهن- أعلمَ الناس بشريعته وسنته، فبمخالفتهن لشريعته مع علمهن بها وجبتْ مضاعفة العذاب والخطاب لهن ولجميع الأمة، لأن العالم إذا خرج عن الطريق تبعه الجاهل، واعتقد أن ذلك حلال، فيكون هذا الخارج قد أهلك نفسه وأهلك غيره، كما قال عليه السلام: "إن الله لا ينزع العلم من صدور الرجال انتزاعًا ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالًا فسئلوا فأفتوهم بغير علم فقد ضلوا وأضلوا أي هلكوا وأهلكوا".
وقوله: "بغير علم" يعني إما عن جهل ابتداء وإما بعد علم، وأفتى بغير علم عمدًا.
وإثبات الضلال والهلاك للأتباع يدلُّ على أنهم لا يعذرون بخطئهم في الاعتقاد، وهو صريح قوله تعالى: (ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النار) (الأعراف: 38) يعني أن الكفار يقولون يوم القيامة: ربنا هؤلاء الأحبار والرؤساء أضلونا، وزعموا أن ما يدعوننا إليه من عبادة الأوثان واتباع الشهوات ومخالفة الأنبياء هو الطريق الحق فاعتقدنا ذلك. ونحن لا نعلم فاعذرنا وآتهم عذابًا ضعفًا من النار. قال تعالى: (لكل ضعف} (الأعراف: 38) فسوى بين المتبوع والتابع في مضاعفة العذاب، ولم يعذر التابع بخطئه في اعتقاده.
وقولهم: "مَنْ قلَّد عالمًا لقي الله سالمًا" معناه إذا كان العالم مشهورًا بالعلم والتقوى، فالتقوى تمنعه من أن يقول باطلًا، والعلم يعرفُ به ما يقول، وإن لم يكن كذلك، فلا يجوز استفتاؤه ولا تقليده، ومقلدُه مغرورٌ لاحقٌ له الوعيد المذكور". انتهى بتصحيح بعض الكلمات، ويحتاج النص إلى عزو الأحاديث.
***
أهمية الفقه أيضًا:
قال الحافظ السخاوي في «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» (1/ 174):
«وكانوا [أي العلماء] يتفرسون فيه [في ابن حجر] النجابة، حتى قال له المحب محمد بن ‌الوجدية -إذ رآه حريصًا على سماع الحديث وكتبهِ-: اصرفْ بعضَ هذه الهمّة إلى الفقه، فإنني أرى بطريق الفراسة أن علماء هذا البلد سينقرضون، ويُحتاج إليك، فلا تقصرْ بنفسك، فكان كذلك، ما مات حتى شُدت إليه الرحال، قال شيخنا: فنفعتني كلمتُه، ولا أزالُ أترحم عليه بهذا السبب. انتهى».
***
أموات لم يبلوا:
جاء في «تلقيح فهوم أهل الأثر» (ص103): «نقل أن عمرو بن ‌الجموح وعبدالله بن عمرو بن حرام ‌دُفنا في قبر واحد فخرب السيل قبرهما فحفر عنهما بعد أربعين سنة فوُجدا لم يتغيرا كأنما ماتا بالأمس».
وفي البداية والنهاية (12/ 344): "إذ هم بميت طري عليه سيفه وثيابه".
إن أكفانه لم تكن بليت بعد. الأنساب (7/ 147).
ابن سمعون توفي سنة (387)، ونُقل سنة (426).
وانظر: الدر الثمين لابن الساعي (ص: 129).
***
مِن مؤلفات ابن سراقة الشافعي:
-أحكام الوطء. نقل السيوطي منه في "المستظرفة في أحكام دخول الحشفة"، و"الرد على من أخلد إلى الأرض".
-إعجاز القرآن. نقل منه السيوطي في "الرد على من أخلد إلى الأرض"، و"إرشاد المهتدين إلى نصرة المجتهدين"، و"تشنيف السمع بتعديد السبع"، و"أنموذج اللبيب". وسماه في "إرشاد المهتدين": الأعداد. وهو الإعجاز نفسه.
***
شوق المفارِق:
مقيمٌ بأطراف الثنايا صبابة ... أسائلُ عن أظعانكم كل قادم
ديوان الشريف الرضي (2/380)
***
شيخ وجأ رئة:
كتب على طرة مخطوط "نسيم السحر" لأبي منصور الثعالبي، ضمن مجموع من آيا صوفيا (٢٠٥٢)، الذي نُسب خطأ لإبراهيم بن أحمد الأسْترُوشني، بيت فيه إلغاز:
إني رأيت عجيبًا في محلتكم... شيخًا وجارية في بطن عصفورِ
نقله: أمين السعدي عفا الله عنه.
شيخًا وجأ رئةً سهّل الهمزتين.
***
في الأمل:
من لطيف الشعر في هذا المعنى ما أنشد الإمام العلامة ثعلب النحوي:
رُبَّ ريحٍ لأُناسٍ عَصَفتْ ... ثم ما إن لَبِثتْ أنْ رَكَدتْ
وكذاكَ الدهرُ في أفعالهِ ... قدمٌ زلَّتْ وأخرى ثَبَتتْ
بالغٌ ما كان يرجو دونه ... ويدٌ عمّا استقلَّتْ قَصُرتْ
وكذا الأيامُ من عاداتـِها ... أنـها مُفسِدةٌ ما أَصلَحتْ
ثم تأتيكَ ‍مقاديرٌ لها ... فترى مُصلِحةً ما أفسَدَتْ
د. بلال فيصل البحر.
***
حفظ الصحة:
"إن الصحة تحفظ بالمثل، والمرض يدفع بالضد، فصحة القلب بالإيمان تحفظ بالمثل، وهو ما يورث القلب إيمانًا من العلم النافع والعمل الصالح، فتلك أغذية له كما في حديث ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا: "إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وأن مأدبة الله هي القرآن" والآدب المضيف فهو ضيافة الله لعباده ... (فراغ في الأصل).
مثل آخر الليل، وأوقات الأذان والإقامة، وفي سجوده وفي أدبار الصلوات، ويضم إلى ذلك الاستغفار؛ فإنه من استغفر الله ثم تاب إليه متعه متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى، وليتخذ وردًا من "الأذكار" في النهار، ووقت النوم، وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف، فإنه لا يلبث أن يؤيده الله بروح منه، ويكتب الإيمان في قلبه. وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس باطنة وظاهرة، فإنها عمود الدين، وليكن ‌هجيراه: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها بها تحمل الأثقال، وتكابد الأهوال، وينال رفيع الأحوال. ولا يسأم من الدعاء والطلب، فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل فيقول: قد دعوت ودعوت فلم يستجب لي، وليعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، ولم ينل أحد شيئًا من ختم الخير: نبي فمن دونه إلا بالصبر".
مجموع الفتاوى (10/ 136-137).
***
وفاة عالم:
نشر الأخ الكريم الشيخ محمود النحال يوم الأحد (23/ 12/ 2023م):
"إنا لله وإنا إليه راجعون، مات شيخنا العلامة المحقق الدرعمي أشرف بن محمد نجيب، ولم تر عيني قط أعلم منه بقراءة الأصول الخطية، وهو من بيت علم، وأجداده كانوا من شيوخ الأعمدة بالجامع الأزهر، وورث عنهم عشرات المخطوطات التي بخطهم، وكانت لديه مكتبة مشحونة بنوادر الطبعات، ولكنه باعها منجمة بعدما مرض وضاقت به الدنيا".
رحمه الله رحمة واسعة.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع