مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


إذا أعجبتك خصال امرئ ... فكنه تكن مثل ما يعجبك

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


13/07/2023 القراءات: 300  


من تفكر علم أن كثيرا من أهل الجنة في نقص بالإضافة إلى من هو أعلى منهم غير أنهم لا يعلمون بنقصهم وقد رضوا بحالهم وإنما اليوم نعلم ذلك، فالبدار البدار إلى تحصيل أفضل الفضائل، واغتنام الزمن السريع مرة قبل أن تجرع شراب الندم الفظيع مرة، وقل لنفسك أي شيء إلى فلان وفلان من الموتى فلهم فنافس:
إذا أعجبتك خصال امرئ ... فكنه تكن مثل ما يعجبك
فليس على الجود والمكرمات ... إذا جئتها حاجب يحجبك
وقال أيضا لذات الحس شهوانية وكلها معجون بالكدر، وأما اللذات النفسانية فلا كدر فيها كالأرايح الطيبة والصوت الحسن والعلم، وأعلاه معرفة الخالق سبحانه، فمن غلب عليه شهوات الحس شارك البهائم، ومن غلب عليه شهوات النفس زاحم الملائكة.
وقال أيضا: تفكرت يوما فرأيت أننا في دار المعاملة والأرباح والفضائل فمثلنا كمثل مزرعة من أحسن بذرها والقيام عليها وكانت الأرض زكية والشرب متوفرا كثر الريع، ومتى اختل شيء من ذلك أثر يوم الحصاد، فالأعمال في الدنيا منها فرض وقد وقع فيه تفريط كثير من الناس، ومنها فضيلة وأكثر الناس متكاسل عن طلب الفضائل، والناس على ضربين عالم يغلبه هواه فيتوانى عن العمل، وجاهل يظن أنه على الصواب، وهذا الأغلب على الخلق، فالأمير يراعي سلطنته ولا يبالي بمخالفة الشرع، أو يرى بجهله جواز ما يفعله، والفقيه همته ترتيب الأسئلة ليقهر الخصم، والقاص همته تزويق الكلام ليعجب السامعين، والزاهد مقصوده تزيين ظاهره بالخشوع لتقبل يده ويتبرك به، والتاجر يمضي عمره في جمع المال كيف اتفق ففكره مصروف إلى ذلك عن النظر إلى صحة العقود، والمغرى بالشهوات منهمك على تحصيل غرضه تارة بالمطعم وتارة بالوطء وغير ذلك فإذا ذهب
العمر في هذه الأشياء وكان القلب مشغولا بالفكر في تحصيلها.
فمتى تتفرغ لإخراج زيف القصد من خالصه، ومحاسبة النفس في أفعالها، ودفع الكدر عن باطن السر وجمع الزاد للرحيل، والبدار إلى تحصيل الفضائل والمعالي؟ فالظاهر قدوم الأكثرين على الحسرات. إما في التفريط للواجب أو للتأسف على فوات الفضائل، فالله الله يا أهل الفهم اقطعوا القواطع عن المهم قبل أن يقع الاستلاب بغتة على شتات القلب وضياع الأمر.


إذا أعجبتك خصال امرئ ... فكنه تكن مثل ما يعجبك


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع