مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (175)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


10/05/2024 القراءات: 27  


-كشف تحريفات:
قال أبو الشيخ الأصبهاني (ت: ٣٦٩) في كتابه «طبقات المحدِّثين بأصبهان والواردين عليها» في ترجمة "أبي بكر عبدالله بن محمد بن النعمان بن عبدالسلام المتوفى سنة (281)، (3/ 289):
"يَروي عن أبي نُعيم، وعمرو بن طلحة العباد، وأبي ربيعة، والناس، كثير الحديث، ثقة، مأمون، كان يمتنع من الحديث، رأى دويا [كذا والصواب: رؤيا] فحدَّث.
قال أبو عمرو بن عقبة: سمعتُ علي بن مثوبة يقول: ما أحد وقع عليه الولايةُ إلا عبدالله بن محمد بن النعمان. يعني أنه من أولياء الله.
وحكى [أو: وحُكي] أن أباه، قال يومًا وهو يشتكي عينه: لا يأكل العنب، [كأنه قال هذا لأهل بيته. أو أن الصواب: لا تأكل العنب]، [فلم يعد يأكله] فقال له ‌مالكٌ: ‌لا ‌تأكلُه!، [كذا والصواب: ما لكَ لا تأكله؟!] فقال: ما أكلتُه مذ قلتَ لي لا تأكلْه".
***
-غريبة:
حدثني الأستاذ الدكتور يوسف العيساوي في (2) رجب سنة (1434) قال: حدثني الحاج أبو كوثر العيساوي -وهو تاجر عراقي فاضل، وكان يساعد الدكتور حاتم الضامن في شحن كتبه إلى بغداد-، قال: كان للدكتور حاتم كتبٌ في شقته بدبي، وقد حزمناها لشحنها، فحين رآها وقد ملأتْ ثلاثة عشر كرتونًا توقَّفَ هنيهةً ثم التفتَ إليَّ وقال: يا أبا كوثر، نحن في بغداد نتشاءم من الرقم (13)، وهذه الكراتين لن تصل إلى بغداد.
وقدَّر اللهُ اكتشافَ مرضِ الدكتور حاتم، وسفره السريع إلى بغداد لإجراء عملية عاجلة، وتوفي على إثرها. وجاء ابنُه حيدر إلى شقته وأهدى الكتب الموجودة في الكراتين الثلاثة عشر إلى مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، ولم تصل إلى بغداد!
***
-بناء بإخلاص:
حكى لنا الأخ الكريم الأستاذ محمد رضا بلال يوم الاثنين (13) مِنْ شوال (1445) = (22/ 4/ 2024م) أن عاصفة جاءت في مدينة القنيطرة فسقطت منارة مسجد حي الداغستان وأنها لم تنهدم، وكانوا يقولون: نامتْ، فإنها سقطتْ كما هي. وجاء رجل قوي وفك المنارة حجرة حجرة وأعادوا بناءها.
***
-الشيب نوعان:
وصل إلي في (وسائل التواصل) هذا الخبر:
"كشَف ابنُ عقيل الحَنبلي العِمامةَ عن رأسِه فإذا فيه شَيب، فقال تلميذٌ له: شِبْتَ، وكان في الثمانينَ من عُمُرِه، فأنشد قائلًا:
ما شابَ عزمي ولا حَزمي ولا خُلُقي ... ولا ولائي ولا دِيني ولا كَرَمي
وإنّما اعتاضَ شَعري غيرَ صِبغتِه ...والشَّيبُ في الشّعرِ غير الشيب في الهِمَمِ"
وسألتُ مَن أرسله إلي عن المصدر، فلم يجبني.
والبيتان في عدد من المصادر مِنْ قصيدة لأبي الحسن التهامي (ت: 416)، وهي -من غير استقصاء-:
عبسنَ من شعرٍ في الرأس مبتسم … ما نفر البيضَ مثل البيض في اللمم
ظنتْ شبيبته تبقى وما علمتْ … أن الشبيبة مرقاة إلى الهرم
‌ما ‌شاب ‌عزمي ولا حزمي ولا خلقي … ولا وفائي ولا ديني ولا كرمي
وإنما اعتاض رأسي غير صبغته … والشيب في الرأس غير الشيب في الهمم
وصلُ الخيال ووصل الخود إن نحلت … سيان، ما أشبه الوجدان بالعدم
والطيف أفضل وصلًا إن لذته … تخلو من الإثم والتنغيص والندم
لا تحمد الدهر في ضراء يصرفها … فلو أردتَّ دوام البؤس لم يدم
فالدهر كالطيف في بؤس وأنعمه … من غير قصد فلا تحمد ولا تلم
لا تحسبن حسب الآباء مكرمة … لمن يقصر عن غايات مجدهم
حُسن الرجال بحسناهم وفخرهم … بطَولهم في المعالي لا بطُولهم
ما اغتابني حاسد إلا شرفتُ بها … فحاسدي منهم في زي منتقم
فالله يكلؤ حسادي فأنعمهم … عندي وإنْ وقعت مِن غير قصدهم
***
-الكلمة لا ترد:
قال أبو المظفر شبيب بن الحسين القاضي: أنشدني أبو إسحاق الشيرازي لنفسه:
جاء الربيعُ وحُسْنُ وردِهْ … ومضى الشتاءُ وقبحُ برْدِهْ
‌فاشربْ ‌على وجهِ ‌الحبيب … ووجنتيهِ وحُسْنِ خدِّهْ
ثم بعد أن أنشدني هذين البيتين بمدةٍ كنتُ جالسًا عند الشيخ، فذُكر بين يديه أن هذين البيتين أُنشدا عند القاضي يمين الدولة حاكم صُور -بلدة على ساحل بحر الروم-، فقال لغلامه: أحضِرْ ذاك الشأن - يعني الشراب- فقد أفتانا به الإمامُ أبو إسحاق. فبكى الإمامُ ودعا على نفسه، وقال: ليتني لم أقل هذين البيتين قط. ثم قال لي: كيف نردهما من أفواه الناس؟ فقلت: يا سيدي هيهات! قد سارتْ بهما الرُّكبان. تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (21/ 33).
***
-بين السويدي والنقشبندي:
ذكر الشهاب الآلوسي المفسر أن محدث العراق في وقته الشيخ نور الدين السويدي البغدادي لقي مولانا أبا الجناحين ضياء الدين خالدًا النقشبندي رضي الله عنه، فقال له السويدي في ملأ عظيم من الناس: "بئس ما يفعله أكثرُ علماء الأكراد اليوم؛ لاشتغالهم بالعلوم الفلسفية وهجرهم لعلوم الدين، كالتفسير والحديث، عكس ما يفعله علماء العرب". فرد عليه مولانا خالد: "كلا الفريقين طالب بعلمه الدنيا، وطلبُها بـ "قال أرسطو أو قال أفلاطون"، خيرٌ من طلبها بـ "قال الله وقال رسوله"، فإنَّ الدنيء يُطلب بدنيء مثله" فسكت السويدي.
‫فهرس الفهارس والأثبات.
أرسلها إليَّ د. وائل الرومي.
***‬
-اليقين:
جاء في «الكليات» (ص: 979- 980):
«اليقين: الاعتقادُ الجازمُ الثابت المطابق للواقع.
وقيل: عبارة عن العلم المستقر في القلب لثبوته من سبب متعين له بحيث لا يقبل الانهدام، مِنْ (يقن الماء في الحوض) إذا استقر ودام.
والمعرفة تختص بما يحصل من الأسباب الموضوعة لإفادة العلم.
وفي " الأنوار": هو إيقان العلم بنفي الشك والشبهة عنه بالاستدلال، ولذلك لم يوصف به علم الباري تعالى ولا العلوم الضرورية.
قال الراغبُ: اليقين من صفة العلم، فوق المعرفة والدراية وأخواتها، يقال: علم يقين. ولا يقال: معرفة يقين. وهو سكون النفس مع إثبات الحكم.
واليقين أبلغ علمٍ وأوكده لا يكون معه مجالُ عناد ولا احتمال زوال.
واليقينُ يُتصور عليه الجحود كقوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوا}.
والطمأنينة لا يُتصور عليها الجحود، وبهذا ظهر وجه قول عليٍّ رضي الله عنه: "لو كشف الغطاء ما ازددتُّ يقينًا"، وقول إبراهيم الخليل: {ولكن ليطمئن قلبي} ... ». وانظرْ تتمة كلامه فهو مهمٌّ.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع