رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (147)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
18/02/2024 القراءات: 490
-شأن الدنيا:
جاء في كتاب "الأمر بالمعروف" للخلّال (ص: 65 - 66): "قال: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا رأيتم اليوم شيئًا مستويًا فتعجَّبوا"!
***
-دعاء آخر السنة وأولها:
قال العلامة المؤرخ الواعظ سبط ابن الجوزي في ترجمة شيخ الصالحية والمقادسة الإمام أبي عمر محمد بن أحمد ابن قدامة المقدسي (528-607) في كتابه «مرآة الزمان» (22/ 180-181):
«وعَلَّمني دُعاء السَّنَة، فقال: ما زال مشايخُنا يواظبون على هذا الدُّعاء في أوَّل كلِّ سنة وآخرها، وما فاتني طولَ عمري.
وأمّا أوَّل السنة فإنَّك تقول:
اللهم أنتَ الأبديُّ القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمةَ من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغالَ بما يقرِّبُني إليك يا ذا الجلال والإكرام.
فإنَّ الشيطان يقول: قد آيسنا مِنْ نفسه فيما بقي.
ويوكلُ الله به ملكين يحرسانه.
«وأما دعاءُ آخر السنة، فإنَّه يقول في آخر يوم من أيام السَّنة:
اللهم ما عَمِلْتُ في هذه السنة ممّا نهيتني عنه، ولم تَرْضَهُ ولم تنسَهُ، وحَلُمْتَ عني بعد قُدْرتك على عقوبتي، ودعوتَني إلى التَّوبة مِنْ بعد جُرأتي على معصيتك، فإني أستغفرُك منه، فاغفرْ لي، وما عملتُ فيها ممّا ترضاه، ووعدتَني عليه الثَّواب، فأسألك أنْ تتقبَّلَه مني، ولا تقطعْ رجائي منك يا كريم.
فإنَّ الشيطان يقول: تعبنا معه طولَ السنة، فأفسدَ فِعْلَنَا في ساعةٍ».
***
-ثمانية:
كنتُ حفظتُ من أحد كبار شيوخي:
ثمانية تجري على الناس كلهم ... ولا بد للإنسان يلقى الثمانيهْ
سرور وحزن، واجتماع وفرقة … ويسر وعسر، ثم سقم وعافيهْ
ثم رأيتُ في ترجمة الحسين بن عبدالرحيم، أبي عبد الله الكلابي، المعروف بابن أبي الزلازل، اللغوي الأديب الكاتب الشاعر، المتوفى في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، أن من شعره قوله:
ثمانية قام الوجودُ بها فهل … ترى مِن محيص للورى عن ثمانيهْ؟
سرور وحزن واجتماع وفرقة … وعسر ويسر ثم سقم وعافيهْ
بهنّ انقضتْ أعمارُ أولاد آدمٍ … فهل مَنْ رأى أحوالهم متساويهْ؟
***
-نقل الكتب بين الماضي والحاضر:
كان للوزير العالم الصاحب بن عباد مكتبة يحتاج نقلها إلى (400) جمل! دل على ذلك قوله: "أنفذ إليَّ أبو العباس تاش الحاجبُ رقعة في السّر بخط صاحبه نوح بن منصور ملك خراسان يريدني فيها على الانحياز إلى حضرته، ليلقي إليَّ مقاليد ملكه، ويعتمدني لوزارته، ويحكّمني فى ثمرات بلاده. وكان مما اعتذرتُ به مِن تركي امتثال أمره ذكرُ طول ذيلي، وكثرة حاشيتي، وحاجتي لنقل كتبي خاصة إلى أربع مئة جمل، فما الظنّ بما يليق بها من تحمّلي!" .
واليوم يمكن حمل هذا المقدار من الكتب في قرص أو أقراص، أو في سحابة الكترونية من غير أقراص، وسبحان الله! والله أعلم بما تظهره الأيام بعدُ.
***
-مشاعر عالم على قبر الشافعي:
قال أبو طاهر السِّلفي: أنشدني الحسين بن حميد بن الحسين الحموي الضرير لنفسه بمصر:
بصرتُ بقبر الشافعىيٍّ محمد … فأبصرتُ قبرًا قد حوى خير ناطقِ
وأرسلتُ دمع العين لمّا رأيتُه … كأنّي منه في سماء الرقائقِ
ومَن ذا الذى لا يسبل الدمع لحظه … إذا ما رأى الجوزاء تحت السّمالقِ [السمالق: الأرض المستوية]
إمام تقيّ عالم متورّع … يحصّن دين الله من كل مارقِ
أقام على التقوى صبورًا على الأذى … تخلّى عن الدّنيا لنيل الحقائقِ
ومَن عرف الدنيا تحقّق أمرها … شراب [كذا والصواب: سراب] وما فيها فليس برائقِ
وكلّ التذاذ باللّباس وغيره … ينسّيه أهلَ الذّكر حسنُ الخلائقِ
فلا زال رضوان الإله دليله … إلى جنّةٍ حفّت له بحدائقِ
***
-رسالة إلى الدعاة:
قال سليمان بن معبد، أبو داود النحوي السّنجي المروزي (المتوفى سنة: 257):
يا آمرَ الناس بالمعروف مجتهدًا … وإنْ رأى عاملًا بالمنكر انتهرَهْ
ابدأ بنفسك قبل الناس كلّهم … فأوصها واتلُ ما في سورة البقرهْ
أتأمرون ببرّ تاركين له … ناسين، ذلك دأبُ الخُيّبِ الخسرهْ
وإنْ أمرتَ ببرٍّ ثم كنتَ على … خلافهِ لم تكن إلّا من الفجرهْ
مَنْ كان بالعُرف أمّارًا وتاركه … فذاك يسبقُ منه سيلُه مطرهْ
***
-وال مغرور، ووال عاقل، وناصح حصيف:
قال الأخفشُ الأوسطُ سعيد بن مسعدة (ت: 215): كان أمير البصرة يقرأ: (إنّ الله وملائكته يصلّون) بالرفع [ملائكتُه]، فيلحن، فمضيتُ إليه ناصحًا له، فزبرني وتوعّدني، وقال: تلحّنون أمراءكم!
ثم عُزل وولي محمد بن سليمان، فكأنه تلّقاها من فم المعزول. فقلتُ في نفسي: هذا هاشمي، ونصيحتُه واجبة، فخشيتُ أن يلقاني بما لقيني به الأوّل، ثم حملتُ نفسي على نصيحته، فصرتُ إليه وهو في غرفة، ومعه أخوه والغلمان على رأسه؛ فقلت: أيها الأمير، جئتُ لنصيحة، قال: قل، قلت: هذا- وأومأتُ إلى أخيه- فلما سمع ذلك قام أخوه، وفرّق الغلمانَ عن رأسه - وأخلانى- فقلتُ: أيها الأمير، أنتم بيتُ الشرف وأصلُ الفصاحة، وتقرأ: (إنّ الله وملائكته) بالرفع، وهذا غيرُ جائز، فقال: قد نصحتَ ونبهتَ، فجزيتَ خيرًا، فانصرفْ مشكورًا. فلما صرتُ في نصف الدّرجة إذا الغلام يقول لي: قفْ مكانك، فقعدتُّ مروّعًا، وقلتُ: أحسبُ أن أخاه أغراه بي؛ فإذا بغلة سفواء [سريعة] وغلام وبدرة وتخت [وعاء] ثياب، وقائل يقول: البغلة والغلام والمال لك، أمر به الأميرُ. فانصرفتُ مغتبطًا بذلك .
***
-المدعو جدِّي:
المازني (الكاتب) هو إبراهيم بن محمد بن عبدالقادر (ت: 1368).
اشتهر بإبراهيم عبدالقادر المازني، كما كان يكتبُ هو عن نفسه، وعبدالقادر جدُّه، وفي الناس مَن يظن "إبراهيم بن عبدالقادر" اسمًا واحدًا كمحمد علي، وأحمد شوقي، وأحمد زكي، فكانت تردُ عليه دعوات باسم: "عبد القادر المازني" فلا يلبيها، ويقول: المدعو جدِّي لا أنا!
ومِن الطريف أنَّ شارعًا في القاهرة، سُمِّي بعد وفاته، تخليدًا لاسمه: "شارع عبدالقادر المازني"! الأعلام (5/ 256).
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة