مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(14)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
29/03/2023 القراءات: 398
ولا ريب أن الغيبة جنابة على أعراض الناس وهم غافلون فكفارتها أن يتحلل لمن اغتابه ويطلب منه العفو إن كان لم يعلم بذلك ويتوب ويتندم ويستغفر لمن اغتابه ويذكره بما فيه من الخصال الحسنة عند من اغتابه عندهم لعل الله أن يرحمه ويغفر له إنه غفور رحيم .
وتقدم حديث أنس وقوله صلى الله عليه وسلم : « إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول : اللهم اغفر لنا وله » .
واعلم أنه إذا ترتب على الغيبة مصلحة أو درء مفسدة كانت لازمة وإذا ترتب عليها أمر جائز فجائزة ، ويمكن ضبط الأول في خمسة أمور أو ستة أمور .
الأول : المظلوم الذي يريد أن يشكو لمن يرفع مظلمته ، فله أن يذكر عيب ظالمه الذي يحتاج إليه في بيان حقه .
الثاني : الاستعانة على تغيير المنكر لمن يظن أن له قدرة على إزالته فإن له أن يقول : إن فلانا ارتكب كذا وفعل كذا .
الثالث : الاستفتاء فإنه يجوز للمستفتي أن يقول للمفتي : إن فلانا ظلمني في كذا وكذا ، فهل يجوز له ذلك مثلا ؟
الرابع : التحذير فيحذر المسلمين من شر من يتصدى للزعامة في أمورهم العامة ، أو من يتوقف عليه القضاء في مصالحهم ؛ أو من يتصدى لإفتائهم وتعليمهم ، كالزعماء في الشؤون الدينية والدنيوية والشهود والمدرسين ونحو ذلك ممن يشترط فيهم الأمانة والاتصاف بمكارم الأخلاق ، فيصح أن يبين ما فيهم من النقائص والعيوب ويرفع بأمرهم ليبعدوا .
الخامس : أن يتجاهر بفسقه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « كل أمتي معافى إلا المجاهرون » .
اللهم وفقنا لصالح الأعمال واكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك إنك على كل شيء قدير . والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وسلم .
---
وأسباب الغيبة أحد عشر :
1- تشفي الغيظ بذكر مساوي الموقوع في عرضه بالغيبة قولا أو فعلا .
موافقة الأقران والزملاء ومساعدتهم ويرى ذلك في حسن المعاشرة ، وأنه لو أنكر عليهم استثقلوه فيساعدهم على ذلك .
3- أن يستشعر من إنسان أنه سيقصده ويطول لسانه عليه أو يقبح حاله عند محتشم فيبادره فيطعن فيه ليسقط شهادته أو يبتدئ بذكر ما فيه صادقا عليه ليكذب عليه بعده فيروج كذبه بالصدق الأول نسأل الله العافية .
وليحذر الإنسان من ذي الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه قال بعضهم :
4- أن ينسب إليه شيء فيذكر أن الذي فعله فلان ويتبرأ منه مع أن التبرأ يحصل بدون أن يذكر الغير بشخصه .
5- أن ينطوي على عداوة شخص ويحسده فيرميه بمساوئ ومعائب ينسبها إليه ليصرف وجوه الناس عنه ويسقط مهابته ومكانته من النفوس ويقصد بذلك إثبات فضل نفسه ولكن العاقل اللبيب يعرف أنه ما أضر على الأعداء ولا أشد من التمسك بالأخلاق الفاضلة والاعتراف بالفضل لأهله كما قيل :
فإذا رأيت إنسانا مبتلى بسب الغوافل وأكل لحومهم يريد بذلك رفعة نفسه وخفض الغير كأن يقول : فلان جاهل ، أو فهمه ضعيف ، أو لا يحسن التعليم ، أو عبارته ركيكة ، أو لا يحسن الخطابة ، أو نحو ذلك مما تتدرج به إلى إظهار فضل لنفسه بسلامته من تلك العيوب والنقائص ، فقل له : اتق الله هذا لا يرفعك
ولا يزيل ما فيك من النقائص اقتصر على تأمل عيوبك فهو أولى بك يا مغرور .
6- أن يقدح عند من يحب الشخص حسدا لإكرامهم ومحبتهم له .
7- أن يقصد اللعب والهزل والمزاح والمطايبة ويضحك الناس .
8- السخرية والاستهزاء بالشخص استحقارا له وهو يجري في الحضور والغيبة ومنشؤه التكبر واستصغار المستهزأ به وازدراءه . وهذا غالب على كل من نزلت همته وركت حالته وصار يضحك الناس .
9- أن يتعجب من فعل الغائب للمنكر وهذا من الدين لكن أدى إلى الغيبة بذكر اسمه فصار مغتابا من حيث لا يدري .
10- أن يغتم لسبب ما يبتلى به فيقول مسكين فلان قد غمني أمره وما أبتلي به من المعصية وغمه ورحمته خير لكن ساقه إلى شر وهو الغيبة من حيث لا يدري أنه صاغها بصيغة الترحم والتوجع .
11- إظهار الغضب لله على منكر قارفه إنسان فيذكر الإنسان باسمه وكان الواجب أن يظهر غضبه على فاعله ولا يظهر عليه غيره بل يستر اسمه وهذه الثلاثة ربما تخفى على العلماء وطلبة العلم فضلا عن العوام ولذلك تسمع منهم كثيرا ما يقولون فلان ونعم لولا أنه يفعل كذا وكذا يعامل بالربا مثلا وكان الواجب نصحه بدل الغيبة ، ولكن يا أخي بشر الموقوع في عرضه بغيبة أو قذف أو سب أو نم أو نحو ذلك بأنه سيفرح ويستر حين ما يأخذ حسنات ما تعب بها في ليل ولا نهار صيف ولا شتاء وهل أحلى وألذ من حسنات تأتيك ما تعبت بها .
اللهم ارزقنا حفظ جوارحنا عن المعاصي ما ظهر منها وما بطن ونق قلوبنا من الحقد والحسد والإحن . اللهم إنا نعوذ بك من شماتة الأعداء وعضال الداء وخيبة الرجاء وزوال النعمة . اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ، يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ، ومجيب الدعوات ، هب لنا ما سألناه ، وحقق رجاءنا فيما تمنيناه ، يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في صدور الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---
رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(14)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع