مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (6)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
01/03/2024 القراءات: 506
صفحات رمضانية
الحمد لله الذي فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعل الصيام سببا في تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له الغفور الشكور، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ونبينا محمد إمام الصائمين، وقائد الغر المحجلين، الذي كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ويحثهم على الاستعداد لعمل الصالحات وطلب العفو والرضوان، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
نعمة بلوغ رمضان
ها هو شهر رمضان، أفضل الشهور، قد حط رحاله، وحل بخيراته وبركاته على هذه الأمة كي تغتنم أوقاته بالعبادة والطاعة، وتؤدي ركنا من أركان الإسلام، وتنال بذلك زيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، يأنس المسلمون فيه وتسري في نفوسهم محبته، يذكر فيه بعضهم بعضا، فتشيع الرحمة والمودة في قلوبهم، ويظهر أثرها داخل مجتمعاتهم، ويشتد رباط العطف والتآزر بين جميع فئاتهم.
إن شهر رمضان يمثل للمؤمنين موسما من أعظم المواسم التي تقوى صلتهم بخالقهم، وتجدد الإيمان في أفئدتهم، ولذلك يفرحون بمقدمه، فهم يرون فيه زمنا يريح عنهم ثقل أوزار اقترفوها في أشهر مرَّت، قد زينت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء التكاسل عن الطاعة، والتسويف بالإكثار من العبادة، فما شعروا إلا وهذا الموسم العظيم يوقظهم من سباتهم، ويذكي في قلوبهم الإسراع إلى أماكن، العبادة، والمبادرة إلى سبل الخير وسلوك طريق السعادة.
أولئك هم المؤمنون حقا، الذين يفرحون، بمقدم شهر رمضان، فهم يرجون أن يكونوا ممن قال فيهم المصطفى عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وهم يشكرون الله تعالى الذي من عليهم ببلوغ هذا الشهر الكريم، وكتب لهم أن يكونوا في عداد الصائمين، فهو شهر يجددون فيه التوبة، ويقطعون العهد بمواصلة الطاعة، ويصطلحون فيه مع سيدهم ومولاهم، رجاء أن يعتقهم من النيران، ويمن عليهم بالمغفرة ودخول الجنان.
وأما أولئك المفرطون، الذين تشبعت نفوسهم بالمعاصي، وابتعدت عن أعمال الطاعات، وزينت لهم الشياطين أفعالهم، وجالت بهم في ميادين اللهو والغفلة، فهم يرون في شهر الصيام حرمانا من ممارسة تقاليدهم اليومية، ومنعا لهم من ملء بطونهم من الشراب والغذاء، فهم لا يحسون بروحانية الشهر، ولا قيمة هذا الموسم الغالي عند ذوي الهمم العالية، والنفوس الرفيعة، فأولئك اللاهون العابثون لا تتحمل معدة أحدهم جوع النهار، ولا ظمأ الهواجر، وتحدثهم نفوسهم بانتهاك حرمة الشهر، بتناول المفطرات، لكن ليتذكر أولئك، حديث سيد البشر عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه" رواه الترمذي، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه هيأة أولئك الذين يفطرون في رمضان بلا عذر، وأطلعه الله على صفة عذابهم، فأخبر أنه سمع أصواتا شديدة، وأقواما معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، وهي تسيل دما، فسأل عنهم، فأخبر بأنهم الذين يفطرون قبل تحلة صومهم". رواه ابن خزيمة وابن حبان.
فالله الله، أيها الأخ المسلم، أفتح في بداية هذا الشهر الكريم صفحة جديدة مع خالقك، واشكره أن أنعم عليك فأدركت أول أيام هذا الشهر العظيم، ومنحك فرصة من العمر، وزمنا يمكنك أن تكثر فيه من الطاعات، التي تمحو بها تقصيرك الذي مضى، وأعمالك السيئة التي دعاك إليها الشيطان والهوى، واسأله أن يعينك على فعل الخيرات، وأداء العبادات، ويثبتك بالقول الثابت في الآخرة وفي هذه الحياة، ويرزقك الاستمرار على الأعمال الصالحة حتى الممات.
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (6)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع