مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


حق المسلم على المسلم(1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


11/06/2023 القراءات: 255  


قال الخلال: باب ما يكره من معاونة الظالم قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل جحد آخر ميراثا له في يديه ثم عدا عليه رجل آخر وظلمه في شيء آخر غير هذا الميراث وله قرابة فاستغاثهم على ظالمه فقالوا: إنا نخاف أن نعينك على ظلامتك هذه فلسنا بفاعلين حتى ترد إلى أختك ميراثها، فإن فعلت أعناك على هذا الذي ظلمك قال: ما أعرف ما تقولون وما لهذه عندي ميراث. فقال: لا. ما يعجبني أن يعينوه، أخشى أن يجترئ، لا، ولكن يدعوه حتى ينكسر فيرد على هذه قيل له وهم قرابته وقد علموا أن هذا قد ظلمه قال: لا يعينوه حتى يؤدي إلى تلك لعله أن ينتهي بهذا.
وقال محمد بن أبي حرب: سألت أبا عبد الله عن رجل ظالم ظلمه رجل أعينه عليه؟ قال: لا حتى يرجع عن ظلمه.
وروى الخلال في كتاب العلم أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الوهاب حدثنا أبو بكر بن حماد المنقري حدثنا أبو ثابت الخطاب قال: لقيني أبو عبد الله فقال: من أين يا أبا ثابت؟ قلت: أشتري دقيقا لأبي سليمان الجوزجاني، فقال: تشتري لأبي سليمان دقيقا؟ فقلت: وما بأس؟ فقال: ما يحل لك قال: فقلت من أي شيء تقول يا أبا عبد الله؟ قال: لا يحل، تشتري دقيقا لرجل يرد
أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن عقيل في الفصول: ويكره لأهل المروآت والفضائل التسرع إلى إجابة الطعام والتسامح بحضور الولائم غير الشرعية فإنه يورث دناءة وإسقاط الهيبة من نفوس الناس، وسلام أهل الذمة المشهور على النبي - صلى الله عليه وسلم - استنبط منه استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم يترتب عليه مفسدة.
وقال الشافعي - رضي الله عنه -: الكيس العاقل، هو الفطن المتغافل وقال بعضهم:
وإني لأعفو عن ذنوب كثيرة ... وفي دونها قطع الحبيب المواصل
وأعرض عن ذي الذنب حتى كأنني ... جهلت الذي يأتي ولست بجاهل
وروي عن عبد الملك بن مروان أنه قال:
صديقك حين تستغني كثير ... وما لك عند فقرك من صديق
وكنت إذا الصديق أراد غيظي ... على حنق وأشرقني بريقي
غفرت ذنوبه وصفحت عنه ... مخافة أن أكون بلا صديق
وقال ابن الجوزي: وأنشد في هذا المعنى:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب
وقال أبو فراس:
لم أؤاخذك بالجفاء لأني ... واثق منك بالإخاء الصحيح
وجميل العدو غير جميل ... وقبيح الصديق غير قبيح
وقد قيل:
لا ترج شيئا خالصا نفعه ... فالغيث لا يخلو من الغثاء
وقال أبو شعيب صالح بن عمران دعا رجل أحمد بن حنبل فقال:
ترى أن تعصيني بعد الإجابة قال: لا. فذهب الرجل فأقعد مع أحمد من لم يشته أحمد أن يقعد، فقال أحمد عند ذلك رحم الله ابن سيرين فإنه قال: لا تكرم أخاك بما يشق عليه، ولكن هذا أخي أكرمني بما يشق علي.
وقال ابن الجوزي: لا ندعو من تشق عليه الإجابة وإذا حضر تأذى الحاضرون بسبب من الأسباب، وقال: إن كان الطعام حراما فليمتنع من الإجابة، وكذلك إذا كان منكر وكذلك إذا كان الداعي ظالما أو فاسقا أو مبتدعا أو مفاخرا بدعوته وذكر أيضا في موضع آخر أنه إذا كان في الضيافة مبتدع يتكلم ببدعته لم يجز الحضور معه إلا لمن يقدم على الرد عليه، وإن لم يتكلم المبتدع جاز الحضور معه مع إظهار الكراهة له والإعراض عنه، وإن كان هناك مضحك بالفحش والكذب لم يجز الحضور، ويجب الإنكار فإن كان مع ذلك مزح لا كذب فيه، ولا فحش أبيح ما يقل من ذلك، فأما اتخاذه صناعة وعادة فيمتنع منه.
وقال أبو داود باب في طعام المتباريين حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء أنبأنا أبي حدثنا جرير بن حازم عن الزبير أبي الحارث سمعت عكرمة يقول: كان ابن عباس يقول: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل» . إسناد جيد. قال أبو داود أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس. وهارون النحوي ذكر فيه ابن عباس أيضا وحماد بن زيد لم يذكر ابن عباس وذكر ابن الأثير أن المتباريين هما المتعارضان، ففعلهما ليعجز أحدهما الآخر بصنيعه. وإنه إنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء. فهذا يدل لما ذكره ابن الجوزي في المفاخر بدعوته، وذكر
أبو داود لذلك يوافقه، ثم هل يحرم أكل هذا الطعام أو يكره؟ يحتمل وجهين نظرا إلى ظاهر النهي والمعنى.

وذكر الشيخ تقي الدين في فتاويه إنه لا ينبغي أن يسلم على من لا يصلي ولا يجيب دعوته، انتهى كلامه، وقطع بعض أصحابنا أنه لا تجب إجابة من يجوز هجره.
وقطع جماعة منهم بأنه الذي لا تجب إجابته، وحكاه في المغني عن الأصحاب، وقال: إنه لا يأمن اختلاط طعامهم بالحرام والنجاسة فعلى مقتضى هذا التعليل لا تجب إجابة مسلم في ما له شبهة ولا سيما إذا كثرت، ولا من لا يتحرز من النجاسة، ويلابسها كثيرا، وقد سئل أحمد عن الرجل يدعى إلى الختان أو العرس وعنده المخنثون، فيدعوه بعد ذلك بيوم أو ساعة وليس عنده أولئك؟ فقال: أرجو أن لا يأثم إن لم يجب، وإن أجاب فأرجو أن لا يكون آثما.
وقال في المغني بعد ذكره لهذا النص: فأسقط الوجوب لإسقاط الداعي حرمة نفسه باتخاذ المنكر ولم يمنع من الإجابة لكون المجيب لا يرى منكرا ولا يسمعه وقال أحمد أيضا: إنما تجب الإجابة إذا كان المكتسب طيبا ولم ير منكرا، وهذا يؤيد ما تقدم من مقتضى كلامه في المغني وقال في المغني بعد ذكره لهذا النص: فعلى هذا لا تجب إجابة من طعامه من مكتسب خبيث؛ لأن اتخاذه منكر والأكل منه منكر، فهو أولى بالامتناع، وإن حضر لم يأكل.
وقال صالح لأبيه: ما تقول في رجل شرب الخمر يدعوني إلى غذائه وعشائه أجيبه، وأجالسه قال: تأمره وتنهاه فإن كان كسبه كسبا طيبا وعصى الله في بعض أمره يدعو لا يجاب.
وقال المروذي: قيل لأبي عبد الله وأنا شاهد: الرجل يكون في القرية أو الرستاق وسئل عن الشيء من العلم
فأهدي له الثمار وربما استعان بقوم يعملون في أرضه فقال: إن كان يكافئ وإلا فلا يقبل.
وقال إسحاق بن إبراهيم: سئل أبو عبد الله عن الرجل يهدى إليه الشيء أفترى أن يقبل؟ فقال: قد «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب» ، أرى له إن هو قبل أن يثيب.


حق المسلم على المسلم(1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع