مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
وإنها لكبيرة إلا على الْخاشعين
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
25/11/2022 القراءات: 446
الصلاة لغة : الدعاء قال الله تعالى : ﴿ وصل عليْهمْ إن صلاتك سكن لهمْ ﴾ ، والصلاة في الشرع : أقْوال وأعْمال مخْصوصة مفْتتحة بالتكْبير مخْتتمة بالتسْليم وسميتْ صلاة لاشْتمالها على الدعاء ، وقيل : لأنها ثانية الشهادتين ، وقيل : لأنها صلة بيْن العبْد وبيْن ربه .
وقيل : لما تتضمن من الدعاء والخشوع والخشْية ، وقيل : لأن المصلي يتْبع من تقدمه ، والصلاة عماد الدين ، قال في مراصد الصلاة للقسطلاني : الحكْمة في فرْض الصلاة وتخْصيصها بالخمْس ، أحدها : أن الأنْفس البشرية الْمقْتضية للشهْوة والغفلة والسهو والنسيان والشره في العمل والفْترة عنْه فاقْتضتْ الحكْمة أن تذكر نسيانها وتوقظ غفلتها وتقْمع شهْوتها بقطعها عن عاداتها ومناجاتها الذي كفلها بنعمه وغذاها بجوده وكرمه ولعلْمه بضعف قواها لم يجْعل هذه العبادة إلا في أوْقات يكْثر الْفراغ فيها من إشْغال العادات وهذا هو الحكمة في تنْقيصها من الخمْسين إلى الخمس .
والوجه الثاني : أن العبد في هذه الدار يعْمل لنجاته في الدار
الأخْرى وهي مشْتملة على أهْوال ومشاق ومتاعب وأمام العبد دونها خمْس عقبات : الأولى : الدنيا وشرورها وآفاتها ومحْذوراتها وشواغلها وعلائقها القاطعة عن مزيد السعادة . الثانية : الموت وما يخْشى من فتْنته وشدة سكراته وما يشاهد عنده من الأمور العظام والآلام الجسام . الثالثة : الْقبْر وضيْقته ووحْشته وسؤال منْكر ونكير ، وذلك صعْب خطير . الرابعة : المحْشر : وهو له وما فيه من الخوف الشديد والْفزع الأكيد . الخامسة : الحساب وما يخْشى فيه بعْد العتاب من وقوع العقاب فكان فعْل الصلوات الخمْس مسهلا لهذه العقبات محصلا لنيل المسرات في دار الكرامات وهي أجل مباني الإسْلام بعْد الشهادتيْن ومحلها من الدين محل الرأس من الجسد فكما أنه لا حياة لمنْ لا رأس له ، فكذلك لا دين لمنْ لا صلاة له .
وهي خاتمة وصية رسول الله صلى الله عليْه وسلم عنْد آخر عهْده من الدنيا فعن أنس رضي الله عنْه قال : كانتْ عامة وصية رسول الله صلى الله عليْه وسلم حين حضرتْه الوفاة وهو يغرْغر بنفْسه : « الصلاة وما ملكتْ أيمانكم » . رواه أحمد ، وأبو داود .
وهي أول ما يحاسب به العبْد يوْم القيامة كما ورد بذلك الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنْه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليْه وسلم يقول : « إن أول ما يحاسب به الْعبْد يوْم الْقيامة منْ عمله صلاته فإنْ صلحتْ فقدْ أفْلح وأنْجح ، وإنْ فسدتْ فقدْ خاب وخسر » . الحديث أخرجه الترمذي .
وهي أكْبر عوْن للْعبْد على مصالح دينه ودنْياه قال تعالى : ﴿ واسْتعينواْ بالصبْر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الْخاشعين ﴾ ، وقال : ﴿ يا أيها الذين آمنواْ اسْتعينواْ بالصبْر والصلاة إن الله مع الصابرين ﴾
فبمداومة العبْد على الصلاة تقْوى رغْبته في الخيْر وتسهل عليه الطاعات وتهون عليه المشاق وتسْهل عليه المصائب وييسر الله له أموره ويبارك له في ماله وأعْماله وتنْهاه عن الفحْشاء والمنْكر كما قال تعالى : ﴿ إن الصلاة تنْهى عن الْفحْشاء والْمنكر ﴾ الآية . وفي الصحيح المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنْه قال سمعت رسول الله صلى الله عليْه وسلم يقول : « أرأيْتمْ لوْ أن نهْرا بباب أحدكمْ يغْتسل فيه كل يوْم خمْس مرات هلْ يبْقى منْ درنه شيْء » ؟ قالوا : لا يبْقى منْ درنه شيْء ، قال : « فذلك مثل الصلوات الْخمْس يمْحو الله بهن الْخطايا » . وورد من حديث ثوبان رضي الله عنْه قال : قال رسول الله صلى الله عليْه وسلم : « اسْتقيموا ولنْ تحْصوا واعْلموا أن خيْر أعْمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن » ، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنْه قال : سمعْت رسول الله صلى الله عليْه وسلم يقول : « ما من امْرئ مسْلم تحْضره صلاة مكْتوبة فيحْسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانتْ كفارة لما قبْلها من الذنوب ما لم تؤْت كبيرة وذلك الدهْر كله » .
وفي البخاري ، ومسلم عن ابن مسْعود رضي الله عنْه قال : سألْت رسول الله صلى الله عليْه وسلم أي الْعمل أحب إلى الله تعالى ؟ فقال : « الصلاة على وقْتها » . قلت ثم أي ؟ قال : « بر الْوالديْن » . قلت ثم أي ؟ قال : « الْجهاد في سبيل الله » . قال حدثني بهن رسول الله صلى الله عليْه وسلم ولوْ اسْتزدْته لزادني . وأخْرج الإمام أحمد عن رجل من أصْحاب رسول الله صلى الله عليْه وسلم
أي العمل أفْضل ؟ قال : سمعْته قال : « أفْضل العمل الصلاة لوقْتها وبر الوالدين والجهاد » . ورواته محتج بهم في الصحيح .
اللهم ثبتْ محبتك في قلوبنا وقوها وارْزقْنا الْقيام بطاعتك وجنبْنا ما يسْخطك وأصْلحْ نياتنا وذرياتنا وأعذْنا منْ شر نفوسنا وسيئات أعْمالنا وأعذْنا منْ عدوك واجْعلْ هوانا تبعا لما جاء به رسولك صلى الله عليْه وسلم واغْفرْ لنا ولوالديْنا ولجميع المسْلمين برحْمتك يا أرْحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحْبه أجْمعين .
صلاة ،مكْتوبة ،فيحْسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانتْ كفارة لما قبْلها .
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع