من جمال التكرار عند طه حسين
مسعد عامر سيدون المهري | Musaad Amer Saidoon Almahry
17/03/2023 القراءات: 622
من جمال التكرار عند طه حسين
التكرار هو ترديد حرف أو كلمة أو عبارة، يستخدمه الأدباء في الشعر والنثر لتسليط الضوء على المعنى كما قالت نازك الملائكة.. وهو أنواع شتى؛ منه ما يكون تكرارا للحروف والأصوات ، ومنه ما يكون للكلمات ومنه تكرار الجمل .
وقد اهتمت البلاغة العربية بهذا اللون الجميل، فدرسته ضمن مباحث البديع ، واهتم به النقد الحديث لانه يلح إلى منطقة مهمة من المعنى كما أشرنا إلى كلام نازك الملائكة السابق .
بيد أن التكرار في الكلام أحيانا يكون ثقيلا وإن توشّى بمعان أدبية، يلحظ فيه المرء نوعا من التكلف، أما في الكلام النثري الوصفي فيظهر الثقل والتكلف جليا بحيث يستدعي الملل والسامة خصوصا في بعض المقامات، غير أنه اي التكرار عند بعض الكتاب العطماء له لذة ونغمة، وله سحر وايحاء اسمعوا طه حسين وهو يكرر كلمة ضروري مع ما في أصواتها من الثقل البين، يقول في هذه الفقرة عن الحرية والأدب :
"على أن هناك شرطا أساسيا آخر أحببت أن أفرد له هذا الفصل، لأنه ليس ضروريا بالقياس إلى تاريخ الآداب وحده، بل هو ضروري إلى الأدب الإنشائي، وهو ضروري بالقياس إلى العلم ، وهو ضروري بالقياس إلى الفلسفة ، وهو ضروري بالقياس إلى الفن، وهو ضروري بالقياس إلى الحياة العقلية كلها، أريد به حرية الرأي".
يستخدم طه حسين التكرار كثيرا في أسلوبه حتى عرف به، ودُرِست الظاهرة لديه فمنهم من يرجعها إلى عامل نفسي، وآخرين إلى طريقته في الاملاء إذا علمنا أنه أعمى يمليء كتبه إملاء .. لكن اللافت في تكرارات طه حسين جمال وقعها، وسحر أدائها، تطرب الاذن للكلمة إذا عادت إليها مرة أخرى محملة برحيق المعنى، و تطرب اللسان إذا ترنم بأصواتها، ثم إنه يستخدمه في كتبه النقدية اي ما سماه هو بالأدب الوصفي، ولا يقتصر على كتبه الإبداعية والمعروف عن النقد أنه نوع من الكلام على الكلام كما قال أبو حيان التوحيدي، أمر آخر يمكن أن نلاحظه قياسا على الفقرة السابقة، وهو أن طه حسين يستخدم التكرار تمهيدا للأفكار التي يريد أن يبثها للمتلقي، حتى إذا ما هفت القلوب الى ما سيقوله، وخضعت العقول إلى مقدماته، طرح فكرته فتمكنت من قلب المتلقي واستقرت في ذهنه ، ودفعت ما كان من رأي سابق أو فكرة قديمة ..
التكرار، طه حسين، النقد
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع