رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (92)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
19/11/2023 القراءات: 576
بيت جميل:
من شعر الشيخ أمين الجندي رحمه الله:
وفي الحَرب والمِحراب نور جَبينِهِ ... يريك شُعاع الشَمس مِن غَير حائِلِ
صلى الله عليه وسلم.
***
عمر شليخان ووالده وجمع الجوامع:
حدثني الأستاذ الدكتور سعدي الهاشمي -حفظه الله- قال: حدثني العلامة الدكتور عمر شليخان رحمه الله أن والده درَّس كتاب "جمع الجوامع" للإمام السبكي لطلاب العلم في مسجده في كركوك (52) مرة، رحمهم الله جميعًا.
وقال: وحدثني الشيخ عمر -الذي كان يفرح بلقائه الشيخُ ابن عثيمين ويصغي إلى أجوبته حين يُسأل- أنه ذهب برسالة من أبيه إلى شيخ الأزهر (لقبول ولده عمر) الذي لم يحصل على شهادة الابتدائية، فألف شيخ الأزهر لجنة كي تمتحنه، واختلفوا في أي مرحلة يصنف ويواصل دراسته، فقرروا بعد الاختلاف أن ينضم إلى طلاب آخر سنة في الثانوية؛ لأنه لم يسبق لطالبٍ أن يلتحق بأول كلية.
قلت: هذا يدل على تكوينه القوي.
وقال الأستاذ الهاشمي: كان -رحمه الله- مشرفًا على بكر أبو زيد، فكان يجله كثيرًا، وأشرف على رموز في مكة والمدينة، كان يشرف على رسائل في أصول الفقه، والفقه، ويقول لي: كل العلوم كنت أدرسها إلا علم الرجال الجرح والتعديل.
قلت: في الشمال لا يتوسعون في الحديث وعلومه.
***
وصية فخر الدين الرازي:
قال ياقوت في «معجم الأدباء» (6/ 2587):
«لما تُوفي الإمام فخر الدين بهراة، في دار السلطنة، يوم عيد الفطر، سنة ست وست مئة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني، تدلُّ على حسن عقيدته، وظنّه بكرم الله تعالى، ومقصده بتصانيفه، والرسالة مشهورة، ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها:
وأقول: ديني متابعة سيّد المرسلين، وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس ربّ العالمين، وكتابي هو القرآن العظيم، وتعويلي في طلب الدين عليهما.
اللهمّ يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا راحم العبرات، ويا قيام المحدثات والممكنات، أنا كنتُ حسن الظنّ بك، عظيم الرجاء في رحمتك، وأنت قلت: أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرًا، وأنت قلت: (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه)، وأنت قلت: (وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب)، فهب أنّي ما جئتُ بشيء فأنت الغنيّ الكريم، وأنا المحتاج اللئيم، وأعلم انه ليس لي أحد سواك، ولا أحد كريم سواك، ولا أحد محسن سواك، وأنا معترف بالزلّة والقصور، والعيب والفتور، فلا تخيّبْ رجائي، ولا تردّ دعائي، واجعلني آمنًا من عذابك قبل الموت، وعند الموت، وبعد الموت، وسهّلْ عليّ سكرات الموت، وخفّضْ عنّي نزول الموت، ولا تضيّقْ عليّ سبب الآلام والأسقام فإنك أرحم الراحمين.
ثم قال في آخرها:
واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك، وإذا وضعتموني في اللحد فاقرأوا عليَّ ما تقدرون من آيات القرآن العظيم، ثم ردّوا عليّ التراب بالمساحي، وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة، على هيئة المساكين المحتاجين: يا كريم، يا كريم، يا عالمًا بحال هذا الفقير المحتاج، أحسنْ إليه، واعطفْ عليه، فأنت أكرم الأكرمين، وأنت أرحم الراحمين، وأنت الفعّالُ به وبغيره ما تشاء، فافعلْ به ما أنت أهله، فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة. انتهى.
قلت [القائل ياقوت]: ومَنْ وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه هذا الإمام من صحّة الاعتقاد، ويقين الدين، واتّباع الشريعة المطهّرة:
صلاةٌ وتسليمٌ وروحٌ وراحةٌ … عليه وممدودٌ من الظلِّ سجسجُ».
***
أوصى لسيد الناس!
قال الإمام الماوردي في كتابه «الحاوي الكبير» (8/ 353):
«لو أوصى بثلثه لسيد الناس كان للخليفة.
رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المنام فجلستُ معه، ثم قمتُ أماشيه فضاق الطريق بنا فوقف، فقلت: تقدمْ يا أمير المؤمنين فإنك سيد الناس، قال: لا تقل هكذا، قلت: بلى يا أمير المؤمنين، ألا ترى لو أن رجلًا أوصى بثلث ماله لسيد الناس كان للخليفة، أنا أفتيك بهذا، فخذ حظي [كذا] به.
ولم أكن سمعتُ هذه المسألة قبل هذا المنام، وليس الجواب فيها إلا كذلك؛ لأن سيد الناس هو المتقدم عليهم والمطاع فيهم، وهذه صفة الخليفة المتقدم على جميع الأمة. والله أعلم بالصواب».
ونقل هذا الروياني في كتابه «بحر المذهب» (8/ 159).
وقوله: "فخذ حظي به" كذا ورد في طبعتي الكتابين: الحاوي والبحر، والصواب -والله أعلم-: "فخذْ خطِّي به".
***
أوصى لأعلم الناس:
قال ياقوت في ترجمة المعافى بن زكريا النهرواني الجَريري (305 - 390):
"كان أبو محمد الباقي [كذا والصواب: البافي] يقول: إذا حضر المعافى فقد حضرت العلوم كلها.
وكان يقول أيضًا: لو أن رجلًا أوصى بثلث ماله لأعلم الناس لوجب أن يُدفع الى المعافى". معجم الأدباء (6/ 2703).
***
أوصى لأعقل الناس:
روى البيهقي في «مناقب الشافعي» (2/ 183-184) بإسناده إلى ابن عبدالحكم قال: "بلغني أن الشافعي سُئل عن رجل أَوصى لأعقل أهل بلده، فقال: يُعْطَى ذلك أزهدهم في الدنيا؛ فإنّه لا عقل لمن أحبَّ ما يبغضه الله، وهي الدنيا".
***
محققات محمد أديب الجادر أيضًا:
يضاف كتاب "الوحيد في سلوك طريق أهل التوحيد" للعارف بالله عبدالغفار القوصي، المعروف بابن نوح (ت: 708)، سيصدر إن شاء الله تعالى في منتصف العام القادم عن دار الشيخ الأكبر بتحقيق الأستاذ محمد أديب الجادر رحمه الله تعالى، وأحمد بن سهيل المشهور. أفاده الشيخ مجد مكي.
و"الوحيد" حققه الأخ الشيخ ربيع القاضي.
***
سبحان الله!
قال الشيخ أبو معاوية البيروتي:
قدّموا أحد الإخوة ليؤم بنا العشاء بالمسجد، فقرأ {ولكم فيها ما تشتهي أنفسِكم}!! فردّوه. كم تربك الإمامة!
تذكرتُ عندما كنت بالإمارات سنة ١٩٩٧م، وكان بمنطقة جبل علي في بردبي مسجدٌ واحدٌ، وكنت أصلي فيه الظهر والعصر، فذهبت يومًا لأصلي، وكان الإمام الهندي ذو الصوت الجميل غائبًا، فقدّموني لأؤم بهم، وخلفي بضعة مئات من المصلين! والإمام ضامن! وكل هؤلاء برقبتي! وكأني حُمِّلتُ جبلًا! الحمد لله صليتُ بهم باطمئنان، وبعدها وضعتُ رأسي بالأرض وانسحبتُ هاربًا!
السبت (4/ 5/ 1445).
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة