مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
28/07/2023 القراءات: 428
الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل
) قال في الرعاية وتكره الطيرة وهو التشاؤم دون التفاؤل وهو الكلمة الحسنة لحديث صلح الحديبية وغيره وصح عنه - عليه السلام - «لا طيرة ويعجبني الفأل الكلمة الحسنة الطيبة» وصح عنه أيضا «لا طيرة وأحب الفأل الصالح» روى ذلك أحمد، والبخاري ومسلم وغيرهم، وفي الطيرة توقع البلاء وسوء الظن، والفأل رجاء خير.
وعن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع يا راشد يا نجيح» رواه الترمذي وقال حسن غريب، وعن عبد الله بن مسعود مرفوعا «الطيرة شرك ولكن الله يذهبه بالتوكل» رواه أحمد وأبو داود، والترمذي وصححه وعندهم " وما منا إلا " وجعله الترمذي من قول ابن مسعود ولأحمد من حديث عبد الله بن عمر «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك» وعن الفضل بن عباس قال: «خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فبرح بي ظبي فمال في شقه فاحتضنته فقلت يا رسول الله تطيرت قال إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك» رواه أحمد من رواية محمد بن عبد الله بن علاثة وهو مختلف فيه وفيه انقطاع. قوله «برح بي أي: طار عن اليسار، والبارح ما جرى من اليسار، والسانح ما جرى من اليمين» . «وقال معاوية بن الحكم للنبي - صلى الله عليه وسلم - منا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم» وفي رواية فلا يصدكم رواه مسلم
ومعناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا تكليف به لكن لا تمنعوا بسببه من التصرف لأنه مكتسب فيقع به التكليف قال في النهاية الطيرة هي التشاؤم بالشيء يقال تطير طيرة وتخير خيرة ولم يجئ من المصادر
هكذا غيرهما وأصله فيما يقال: التطير بالسوانح والبوارح وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع ولا دفع ضرر.
وفي المسند، والصحيحين وغيرهما «الشؤم في المرأة، والدار، والدابة» زاد مسلم «، والخادم» ورووا أيضا «إن كان الشؤم في شيء» فيكون على ظاهره واختار جماعة من العلماء أنه مخصوص من النهي عن الطيرة ورووا أيضا «لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم» . وذكروه عن حكيم بن معاوية مرفوعا «لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار، والمرأة، والفرس» رواه الترمذي ورواه ابن ماجه من حديث محمد بن معاوية وفيهما معاوية بن حكيم تفرد عنه يحيى بن جابر الطائي ولأحمد من حديث سعد «لا عدوى ولا طيرة، وإن يك ففي المرأة، والفرس، والدار» رواه أبو داود وفيه «إن تكن الطيرة في شيء» فذكره وهو حديث جيد وذكر ابن عبد البر وغيره الخبر المروي عنه - عليه السلام - «ثلاثة من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، وثلاثة من شقوة ابن آدم المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء» .
وروى أحمد ثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتطير من شيء ولكنه إذا أراد أن يأتي أرضا سأل عن اسمها فإن كان حسنا رئي البشر في وجهه وإن كان قبيحا رئي ذلك في وجهه وكان إذا بعث رجلا سأل عن اسمه فإن كان حسن الاسم رئي البشر في وجهه وإن كان قبيحا رئي ذلك في وجهه» ورواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام وفيه فإذا دخل قرية وذكر معناه.
ورواه النسائي عن ابن مثنى عن معاذ بن هشام عن أبيه ولأحمد وابن ماجه من حديث ابن عباس «لا تديموا إلى المجذومين النظر» زاد أحمد من حديث علي «وإذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قدر رمح» .
وذكر بعض العلماء أن الطيرة من الكبائر وما تقدم من أنها مكروهة ذكره غير واحد من الأصحاب، والأولى القطع بتحريمها، ولعل مرادهم بالكراهة التحريم وظاهر ما تقدم أن حديث «لا عدوى ولا طيرة على
ظاهره» فيحتمل أن حديث «لا يورد بكسر الراء ممرض على مصح» وهو في المسند، والصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ليس للعدوى بل للتأذي بقبح صورة ورائحة كريهة.
والأولى أن حديث «لا عدوى ولا طيرة» نفي لاعتقاد الجاهلية أن ذلك يعدي بطبعه ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بفعل الله تعالى وقدره، فيكون قوله «لا يورد ممرض على مصح» إرشادا منه - عليه السلام - إلى الاحتراز، وفي شرح مسلم أن هذا قول الجمهور وزعم بعض العلماء أن الخبر الثاني منسوخ بخبر " لا عدوى " وليس بالقوي.
وقد قال إسحاق بن بهلول وذكرت لأحمد بن حنبل هذا الحديث يعني حديث جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد مجذوم فوضع يده معه في القصعة فقال باسم الله ثقة بالله» فقال أذهب إليه، فيحتمل أن هذا كما ذهب إليه عمر وغيره من السلف إلى الأكل معه.
وخبر جابر هذا رواه أبو داود وعثمان بن أبي شيبة عن يونس عن محمد بن مفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر مفضل هو البصري لا المصري قال ابن معين ليس بذاك.
وقال أبو حاتم يكتب حديثه وقال النسائي ليس بالقوي ووثقه ابن حبان وقال ابن عدي لم أر له أنكر من هذا.
ورواه ابن ماجه من حديث يونس وكذا الترمذي وقال غريب.
ورواه شعبة عن حبيب بن بريدة أن عمر أخذ بيد مجذوم وقال وحديث شعبة عندي أشهر وأصح. وللبخاري من حديث أبي هريرة «وفر من المجذوم كما تفر من الأسد» ولأحمد ومسلم عن الشريد بن سويد قال: «كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنا قد بايعناك فارجع»
وعند هؤلاء أن هذا منسوخ. ويحتمل أن مراد الإمام أحمد أنه لا يجب اجتنابه وإن استحب احتياطا وهو قول الأكثر وهو أولى إن شاء الله تعالى.
ولهذا يقول: الأطباء: إن الجذام والسل من الأمراض المعدية المتوارثة وإن كل مرض له نتن وريح يعدي كالجذام، والسل، والجرب، والحمى الوبائية
والرمد وإنه أعدى بالنظر إليه، والقروح الرديئة، والوباء وهو يحدث في آخر الصيف ولا يريدون بذلك معنى العدوى بل لأجل الرائحة وهم أبعد الناس عن الإيمان بيمن وشؤم، لا سيما وقد يكون في بدن الصحيح قبول واستعداد لذلك الداء، والطبيعة سريعة الانفعال نقالة لا سيما مع الخوف، والوهم فإنه مسئول على القوى، والطبائع، ويتوجه احتمال يجب ذلك هنا.
الطيرة والشؤم والتطير والتشاؤم والتفاؤل
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع