مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
🔻غزوة تبوك(2)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
22/03/2023 القراءات: 340
نزل الجيش الإسلامي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم خطيبا، فحض على خير الدنيا والآخرة، وحذر وبشر ، حتى رفع معنوياتهم، وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين ، في داخل الجزيرة خارجها
وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم القبائل التى كانت تساعد الرومان وأقروا بالجزية ،وأيقنت هذه القبائل أن اعتمادها على سادتها الرومان قد فات أوانه، فانقلبت تصالح المسلمين، وهكذا توسعت حدود الدولة الإسلامية، حتى لاقت حدود الرومان مباشرة، وشهد عملاء الرومان نهايتهم إلى حد كبير.
ورجع الجيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين، لم ينالوا كيدا، وكفى الله المؤمنين القتال، وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلا من المنافقين الفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه حينما كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته، وحذيفة بن اليمان يسوقها، وأخذ(تركوا العقبة للرسول صلى الله عليه وسلم وساروا في بطن الوادي) الناس ببطن الوادي
فانتهز أولئك المنافقون هذه الفرصة، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه يسيران إذ سمعوا صوت القوم من ورائهم، قد غشوه ( قاربوا منهم ) وهم ملتثمون، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة رضي الله عنه فضرب وجوه رواحلهم بمحجن (عصا )كان معه، فأرعبهم الله، فأسرعوا في الفرار حتى لحقوا بالقوم
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسمائهم، وبما هموا به من قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلذلك كان حذيفة رضي الله عنه يسمى بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول الله تعالى: (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا )
ولما لاحت للنبي صلى الله عليه وسلم معالم المدينة من بعيد قال: «هذه طابة، وهذا أحد، جبل
يحبنا ونحبه» وتسامع الناس بمقدم الجيش ، فخرج النساء والصبيان يقابلن الجيش بحفاوة بالغة ولما اقترب الجيش من المدينة خرج الصبيان إلى ثنية الوداع يتلقونه ، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فصلى في مسجده ركعتين ثم جلس للناس
وجاءه المنافقون المتخلفون عن الغزوة وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، فاعتذروا بشتى الأعذار، وجعلوا يحلفون له ، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله ، إلا أن الله الذي علم سوء نيتهم لم يقبل عمرهم ولم يرضى عنهم وأخبر رسوله " بأنهم منافقون "
وجاء كعب بن مالك وقد سبقه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم ، وكانوا من السابقين الأولين ولهم بلاء حسن في الإسلام، وقد أقر الثلاثة بأنه لا عذر لهم في تخلفهم عن الغزوة، ولم بحلفوا كذبا ولم ينافقوا كما فعل غيرهم بل ندموا على مافعلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين عن الكلام مع الثلاثة واعتزلهم ، فاجتنبهم الناس خمسين ليلة وأمرت نساؤهم باعتزالهم، فذهبن عند أهلهن إلا زوجة هلال إذ كان شيخا كبيرا فبقيت لخدمته فقط بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم
وقد ضاقت بهم الدنيا، وحاول ملك الغساسنة استغلال الموقف فراسل كعب بن مالك ليلحق به، لكن كعب بن مالك أحرق الرسالة وقال إنها زيادة في امتحانه. واستمرت المقاطعة حتى نزل القرآن يعلن توبة الله عليهم {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
( التوبة :118)
البخاري
وفرح المسلمون، وفرخ الثلاثة فرحا شديدا، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم
وأما الذين حبسهم العذر فقد قال تعالى فيهم: { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ }
[التوبة: 91، 92] وقال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دنا من المدينة: «إن بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر» ، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: " وهم بالمدينة "
وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب، ولم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين، وقد أمر الله بالتشديد عليهم، حتى نهى عن قبول صدقاتهم، وعن الصلاة عليهم، والاستغفار لهم، والقيام على قبرهم، وأمر بهدم وكرة دسهم وتامرهم التي بنوها باسم المسجد، وأنزل فيهم آيات افتضحوا بها افتضاحا تاما، لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء
🔻غزوة تبوك(2)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع