مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (62)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


14/10/2023 القراءات: 889  


النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن:
مِنْ مُتع التلاوة استشعارُك أثرَ الآيات في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما الآيات التي تخاطبُه مباشرة، أو تقسمُ به، أو تأمرُه أو تنهاه، أو تعاتبه، أو تعده وتبشرُه، وكثيرًا ما يعرضُ لي هذا وأنا أقرأُ سورتي الضحى والانشراح، إنَّ كافَ الخطاب هنا يرنُّ في قلبي، وأكاد أسمو إلى مستوى الشعور بالسُّرور النبوي وهو يسمعُ قولَ ربه عزَّ وجلَّ له: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)، وهو يتلوه، فيتملكني شعورٌ غريبٌ لا يوصفُ. وفي كتابِ "سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: صورٌ مقتبسةٌ من القرآن الكريم وتحليلاتٌ ودراساتٌ قرآنيةٌ"، و"شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قرآنيًّا" وأمثالهما ما يُساعِـدُ على بلوغِ هذا الاستشعار، والعيشِ في ظلالِ تلك الأنوار.
وأدعو نفسي وإخواني إلى قراءة ختمة نلاحظ فيها أثر الآيات في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكتابة في ذلك.
***
رفع الدسيسة:
للحافظ ابن ‌ناصر ‌الدين الدمشقي جزء سماه: "رفع الدسيسة بوضع حديث ‌الهريسة"، ذُكر أنه في المجمع الثقافي في أبو ظبي، وقد سألت الأخ الكريم الفاضل المحقق الأستاذ عبدالله السريحي عنها، فقال: بحثت عنها سابقًا فلم أقف لها على أثر، وسألت كذلك زميلنا الأستاذ بسام بارود الذي تولى فهرسة وحفظ المخطوطات، فنفى علمه بوجودها.
***
سلِّم تسلمْ:
للجوجري كما في «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» (8: 126):
قل للذي يدَّعي حذقًا ومعرفة … هوِّنْ عليك فللأشياء تقديرُ
دع الأمور إلى تدبير مالكها … فإنَّ تركك للتدبير تدبيرُ.
***
شاورْ:
جاء في «بغية الطلب فى تاريخ حلب» (10: 361):
«‌‌أبو الفتح بن الأباربقي الحلبي الأديب: شاعر من أهل حلب، روى عنه شيئًا من شعره القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري، قاضي سيوط وخرج عنه إنشادًا في مشيخته. وسمع منه بحلب.
أخبرنا مرتضى بن حاتم المقدسي في كتابه، قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن علي القاضي، قال: أنشدني الشيخ الأدب العفيف أبو الفتح بن الأباربقي الحلبي لنفسه: [من مجزوء الكامل]
شاورْ أخا اللبِّ الفصيـ … ـح فإنَّ هديك في يديهْ
فمَن استبدَّ برأيه … عميتْ مراشدُه عليهْ».
***
من أخطاء المحققين في تعيين الأماكن:
جاء في «المقفى الكبير» في ترجمة "محمد بن محمود بن الحسين، المعروف بحيّاك الله بالسلامة، الموصليّ، أحد أصحاب الأحمديّة الرفاعيّة، المتوفى سنة (714) عن عمر طويل"، (7: 76):
"قدم مصر في أيّام المعزّ أيبك، وعمره خمس وثلاثون سنة ...
وكان للناس فيه اعتقاد حسن، وقال: سمعت الشيخ إبراهيم الأعزّ [كذا والصواب: الأعزب، توفي سنة 610] ابن الرفاعي، من أولاد الشيخ أحمد الرفاعيّ، لمّا يعمل المَحيا بـ (أمّ عبيدة) وينظر إلى كثرة مَن يرد إليهم يقول: اللهم لنا منك مدد، وهذا الخلق مدد من مددك، فلا تقطعْ مددك عنّا فينقطع مدد هذا الخلق منّا".
وقال المحقق: "أمّ عبيدة ضرب من سمك النيل (دوزي)".
قلت: الصواب هو أن (أم عَبيدة) -وعَبيدة كسفينة- مكان في جنوب العراق.
***
قطعة جميلة لابن حبّان:
للإمام أبي حاتم ابن حِبّان في كتابه "روضة العقلاء" نصوص أدبية في غاية الجمال، ومنها قولُه بعد أن أورد خبر الغلام الذي نمَّ بين الزوجين وتسبَّب في مقتلهما (ص: 402): "هذا وأمثاله مِن ثمرة النميمة، لأنها ‌تهتكُ ‌الأستار، وتفشي الأسرار، وتورثُ الضغائن، وترفعُ المودة، وتجددُ العداوة، وتبدّدُ الجماعة، وتهيجُ الحقد، وتزيدُ الصد، فمَن وُشي إليه عن أخ كان الواجبُ عليه معاتبتَه على الهفوة إنْ كانت، وقبولَ العذر إذا اعتذر، وتركَ الإكثار من العتب، مع توطين النفس على الشكر عند الحِفاظ، وعلى الصبر عند الضّياع، وعلى المعاتبة عند الإساءة".
وله غيره -وهو كثير- وحبذا استخراجُ هذه النصوص ونشرها على حدة‘ ليستفيد منها المتأدبون في الأدب الأسلوبي، والمتأدبون في الأدب السلوكي.
***
تصحيح مهم:
كتب إليَّ الأخ الكريم الباحث الفاضل المتتبع المحقق الدكتور أسامة الحيّاني:
(شيخنا الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقفتُ في فهرس مكتبة الأوقاف العامة في بغداد على مخطوط بعنوان: (تفسير سورة يس)، لسيف الدين أبي الحسن علي بن محمد الآمدي الثعلبي (ت: 631) برقم (6388)، كُتب سنة (1211)، عدد الأوراق (36)، وقلتُ في نفسي: هل هو فعــلًا الآمدي الأصولي المتكلم؟ لمَ غفل عن هذا المخطوط طلبة العلم مع أنه لعالم كبير؟!
ووقع في نفسي شكٌّ في نسبته، فبادرتُ إلى طلب صور المخطوط مــن مكتبة الأوقاف، وبعد طول عناء حصلتُ على مصورته، وحدث ما توقعتُه فقد وهم المفهرس د. عبدالله الجبوري رحمه اللّٰــه في نسبته إلى الآمدي الأصولي، ومنشأ الوهم تشابهُ اسمه واسم أبيه ولقبه مع الأصولي، فهو: علي بن محمد بن علي الآمدي، نصَّ على اسمه ولقبه في مقدمة كتابه، وهو متأخرٌ كثيرًا عن زمان الآمدي الأصولي، فقد ذكر المؤلفُ أن هذا التفسير ألّفه لما كان يدرس تفسير البيضاوي فخطر بباله أنْ يعلق عليه، ثم سنح في خاطره أن يهدي الكتاب لسليمان باشا والي بغداد في زمانه والذي توفي سنة (1217) ولعله المعروف بـ سليمان باشا الكبير. وبحثتُ عن هذا الآمدي في المصادر فلم أجده، فهل وقفتم عليه، وهل ترشدونا إلى مصدر مهم؟ علمًا أني جمعت كثيرًا مـِـن مصادر تلك الفترة. بارك الله فيكم.
أوقف هــذا الكتاب الوزيرُ داود باشا على المدرسة الداودية في الحيدر خانه سنة 1233).
قلتُ:
وقد سرى الخطأ إلى الأستاذ أسامة بن ناصر النقشبندي في كتابه "فهرس مخطوطات علوم القرآن الكريم وتفاسيره في مكتبات العراق" (ص: 459)، وترجم للمؤلف على أنه الآمدي الأصولي المتقدّم!
ولعلك تراجع -إن لم تكن راجعت-:
-الدر ‌المنتثر في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر لعلي الآلوسي (ت: 1340).
-المسك ‌الأذفر في نشر مزايا القرن الثاني عشر والثالث عشر لمحمود شكري ‌الآلوسي (ت: 1342).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع