مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
[فصل في مداراة من يتقى فحشه]
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
09/05/2023 القراءات: 398
[فصل في مداراة من يتقى فحشه]
فصل (ويجب كف يده وفمه وفرجه وبقية أعضائه عما يحرم، ويسن عما يكره)
قال ابن الجوزي هذا فيمن لم يضطره إلى ذلك وإلا جاز قال أبو الدرداء إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم. ومتى قدر أن لا يظهر موافقتهم لم يجز له ذلك قال البخاري: ويذكر عن أبي الدرداء فذكره، كذا قال ابن الجوزي، وقول أبي الدرداء هذا ليس فيه موافقة على محرم ولا في كلام، وإنما فيه طلاقة الوجه خاصة للمصلحة وهو معنى ما في الصحيحين وغيرهما عن عائشة - رضي الله عنها - «أن رجلا استأذن على النبي فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة فلما دخل ألان له القول قلت: يا رسول الله قلت ثم ألنت له القول قال يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس أو تركه الناس اتقاء فحشه» .
قال في شرح مسلم وغيره: فيه مداراة من يتقى فحشه ولم يمدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه إنما تألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام، وقد ذكر ابن عبد البر كلام أبي الدرداء في فضل حسن الخلق.
وفي الصحيحين لما تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك كان يجيء ويسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبسم تبسم المغضب.
قال بعض أصحابنا في كتاب الهدي ومنها: أن التبسم يكون عن الغضب كما يكون عن التعجب والسرور فإن كلا منهما يوجب انبساط دم القلب وثورانه، ولهذا تظهر حمرة الوجه لسرعة فوران الدم فيه فينشأ عن ذلك السرور، والغضب تعجب يتبعه ضحك أو تبسم فلا يغتر المغتر بضحك القادر عليه في وجهه ولا سيما عند المعتبة كما قيل
إذا رأيت نيوب الليث بارزة ... فلا تظنن أن الليث يبتسم
وقيل لابن عقيل في فنونه: أسمع وصية الله عز وجل يقول: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]
وأسمع الناس يعدون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا، فكيف لي بطاعة الله تعالى والتخلص من النفاق؟ فقال ابن عقيل: النفاق هو: إظهار الجميل، وإبطال القبيح، وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن. فخرج من هذه الجملة أن النفاق إبطال الشر وإظهار الخير لإيقاع الشر المضمر
، ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر فليس بمنافق لكنه يستصلح ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]
فهذا اكتساب استمالة، ودفع عداوة، وإطفاء لنيران الحقائد، واستنماء الود وإصلاح العقائد، فهذا طب المودات واكتساب الرجال.
وقال أبو داود (باب في العصبية) ثم روى بإسناد جيد إلى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه موقوفا ومرفوعا قال: «من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه» حديث حسن ويقال: ردي وتردى لغتان كأنه تفعل من الردى (الهلاك) أراد أنه وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في البئر وأريد أن ينزع بذنبه فلا يقدر على خلاصه. وعن بنت واثلة سمعت أباها يقول: قلت يا رسول الله ما العصبية قال «أن تعين قومك على الظلم» حديث حسن رواه أبو داود.
ولأحمد وابن ماجه «قلت يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه قال لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم» . وعن عبد الله بن أبي سليمان عن جبير بن مطعم مرفوعا «ليس منا
من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل عصبية، وليس منا من مات على عصبية» رواه أبو داود وقال: لم يسمع من جبير. وعن سراقة قال خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال «خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم» إسناده ضعيف ورواه أبو داود.
[فصل في مداراة من يتقى فحشه]
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع