مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


هل صح القول بمسح الرجلين ؟

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


12/08/2023 القراءات: 248  


4- مسح الرأس، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك طرق ثلاث:

(ا) مسح جميع رأسه: ففي حديث عبد الله بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه) رواه الجماعة.

(ب) مسحه على العمامة وحدها: ففي حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه) رواه البخاري

(ج) مسحه على الناصية والعمامة، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين) رواه مسلم.

وقد اتفق الفقهاء على أن الأفضل استيعاب الرأس بالمسح ، غير أنهم اختلفوا هل هذا الاستيعاب واجب أم لا ؟

فذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب مسح الرأس كله، واستدلوا بـقَوْل اللَّهِ تَعَالَى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) وهذا يتناول جميع الرأس . وهذه الآية : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) كقوله تعالى فِي التَّيَمُّمِ : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) والوجه يجب استيعابه في التيمم فكذلك الرأس هنا .
واستدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يثبت عنه أنه اقتصر على مسح بعض الرأس

وذهب الحنفية والشَّافعية إلى أنه يكفي مسح بعض الرأس ، واستدلوا بقوله تعالى ( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) قالوا : والباء للتبعيض ، فكأنه قال : ( وامسحوا بعض رؤوسكم ) .
وما رواه مسلم عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله عنه : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ ) . قالوا : فاقتصر صلى الله عليه وسلم على مسح الناصية وهي مقدم الرأس .

4- غسل الرجلين مع الكعبين، والكعبين هما العظمان البارزان في جانبي القدم

ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الأعقاب بدون غسل ، قال ابن عمر رضي الله عنهما: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) مرتين أو ثلاثا، متفق عليه.

هل صح القول بمسح الرجلين ؟

الواجب في الوضوء هو غسل الرجلين ، ولا يكفي مسحهما ، والدليل على أن الواجب هو غسل الرجلين ، ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ ( أي أخرنا العصر ) فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ) .

وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ ) .

والعقب هو مؤخر القدم .

قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ : لَوْ كَانَ الْمَاسِح مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ .

قال الحافظ ابن حجر :” وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الأَخْبَار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَة وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّن لأَمْرِ اللَّه , وَلَمْ يَثْبُت عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة خِلَاف ذَلِكَ إِلا عَنْ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَأَنَس , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ الرُّجُوع عَنْ ذَلِكَ , قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : أَجْمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْل الْقَدَمَيْنِ , رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور ” انتهى .

“فتح الباري” (1/320) .

وأما الآية ، وهي قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/6 ، فإنها لا تدل على جواز مسح الرجلين ، وبيان ذلك :
أن قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللام ، فتكون الأرجل معطوفة على الوجه ، والوجه مغسول ، فتكون الأرجل مغسولة أيضاً ، فكأن لفظ الآية في الأصل : ( اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم ) ولكن أُخِّرَ غسلُ الرجل بعد مسح الرأس للدلالة على أن ترتيب الأعضاء في الوضوء يكون على هذا النحو ، غسل الوجه ، ثم الأيدي ، ثم مسح الرأس ، ثم غسل الأرجل .


هل صح القول بمسح الرجلين ؟


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع