مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
🔻 غزوة بني قريظة
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
12/03/2023 القراءات: 384
🔻 غزوة بني قريظة
وفي اليوم الذي رجع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، جاءه جبريل عليه السلام عند الظهر ، فقال: أو قد وضعت السلاح؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل عليه السلام في موكبه من الملائكة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببني قريظة، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضي الله عنه ، وأعطي الراية علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقدّمه أمامه إلى بني قريظة ، فسار علي رضي الله عنه حتى إذا دنا من حصونهم ، فلما رأى اليهود جيش المسلمين أسرعوا بإغلاق حصونهم ، وأسمعوا علي رضي الله عنه مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجموعة من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار بني قريظة ، وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو بني قريظة، وأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا، حتى إن رجالاً منهم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة، وقال بعضهم: لم يرد منا ذلك، وإنما أراد سرعة الخروج، فصلوها في الطريق، فلم يعنف واحدة من الطائفتين.
هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم ثلاثة آلاف، فنزلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار ، وقيل أن الحصار امتد خمسا وعشرين ليلة
ولما اشتد عليهم الحصار ، وأيقنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يحاربهم ، قال لهم رئيسهم كعب بن أسد :
يامعشر اليهود قد نزل بكم من الأمر ماترون ، وإني عارض عليكم ثلاثة خصال فخذوا أيهما شئتم
قالوا : وماهي ؟
قال : إما أن تسلموا وتدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم في دينه، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم ، وقال لهم: والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم
وإما أن تقتلوا ذراريكم ونساءكم بأيديكم، وتخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيوف ، تناجزونه(تحاربونه) حتى تظفروا بهم، أو تقتلوا عن آخركم
وإما أن تهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوكم فيه
فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً.
ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين، لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه
فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفاً لهم من الأوس، وكانت أمواله وولده في منطقتهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم أبو لبابة
وقالوا: يا أبا لبابة، أتري أن ننزل على حكم محمد؟
قال: نعم ؛ وأشار بيده إلى حلقه، إنه الذبح (أي أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم الذبح)
ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضي على وجهه، ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي المسجد النبوي بالمدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ـ وكان قد استبطأه ـ قال: (أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه).
ونزلت توبة أبي لبابة علي رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ست ليال ، وكانت امرأته تأتيه في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فيرتبط بالجذع ، ثم نزلت توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سَحَرًا وهو في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فقامت على باب حجرتها، وقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه، فأبي أن يطلقه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه.
وفي توبته قال الله تعالى:
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}سورة التوبة 102
🔻 غزوة بني قريظة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع