مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
[فصل في قبول التوبة ما لم ير التائب ملك الموت أو يغرغر]
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
17/05/2023 القراءات: 334
[فصل في قبول التوبة ما لم ير التائب ملك الموت أو يغرغر]
وتقبل ما لم يعاين التائب الملك وروى ابن ماجه من رواية نصر بن حماد ولا يحتج به بالإجماع، عن موسى بن كردم وهو مجهول عن محمد بن قيس عن أبي بردة عن أبي موسى قال «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متى تنقطع معرفة العبد من الناس قال: إذا عاين» وقيل ما دام مكلفا كذا قال في الرعاية وقيل ما لم يغرغر؛ لأن الروح تفارق القلب قبل الغرغرة فلا تبقى له نية ولا قصد صحيح. فإن جرح جرحا موحيا صحت توبته، والمراد مع ثبات عقله لصحة وصية عمر وعلي - رضي الله عنهما - واعتبار كلامهما.
وذكر في الرعاية قولا: لا تصح وصيته مطلقا، وهذا يدل على أنه لا عبرة بكلامه ولعله أراد ما ذكره في الترغيب من قطع بموته كقطع حشوته وغريق ومعاين كميت.
وذكر الشيخ وغيره أن حكم من ذبح أو أبينت حشوته وهي أمعاؤه لا خرقها وقطعها فقط كميت.
وقال في الكافي تصح وصية من لم يعاين الموت وإلا لم تصح قال لأنه لا قول له، والوصية قول ولعله أراد ملك الموت فيكون كالقول الأول، وذكر الشيخ في فتاويه إن خرجت حشوته ولم تبن ثم مات ولده ورثه وإن أبينت فالظاهر يرثه لأن الموت زهوق النفس وخروج الروح ولم يوجد. ولأن الطفل يرث ويورث بمجرد استهلاله، وإن كان لا يدل على حياة أثبت من حياة هذا، انتهى كلامه. ولا يلزم من هذا اعتبار كلامه بدليل أنه اعتبره بالطفل الذي استهل لكن يدل على أنه ليس في حكم الميت مع بقاء روحه مطلقا وهو خلاف كلامهم في الجنايات لكنه ظاهر كلامهم في الإرث في الغرقى والهدمى.
وقد ذكر الشيخ في ميراث الحمل أن الحيوان
يتحرك بعد ذبحه شديدا وهو كميت والمسألة مذكورة في أول كتاب الجنايات والله سبحانه أعلم.
وقد روى أحمد والترمذي وقال حسن غريب وابن ماجه عن ابن عمر مرفوعا «أن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» قال ابن الأثير في النهاية ما لم تبلغ روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض، والغرغرة أن يجعل المشروب في الفم ويردد إلى أصل الحلق ولا يبلع، ومنه لا تحدثهم بما يغرغرهم أي لا تحدثهم بما لا يقدرون على فهمه فيبقى في أنفسهم لا يدخلها، كما يبقى الماء في الحلق عند الغرغرة، انتهى كلامه.
وقال ابن حزم: اتفقوا أن من قربت نفسه من الزهوق فمات له ميت أنه يرثه، وإن قدر على النطق فأسلم فإنه مسلم يرثه المسلمون من أهله وأنه إن شخص ولم يكن بينه وبين الموت إلا نفس واحد فمات من أوصى له بوصية فإنه قد استحقها فمن قتله في تلك الحال قيد به، ولعل مراده أسلم ولم تبلغ الروح الحلقوم مع أن قوله ظاهر قوله - عليه السلام - في الصدقة «ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم» الخبر المشهور
وقال في شرح مسلم في هذا الخبر من عنده أو حكاية عن الخطابي: المراد قاربت بلوغ الحلقوم إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء. انتهى كلامه. والخبر الذي رواه البخاري ومسلم أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة المراد قريب وفاته حضرت دلائلها وذلك قبل المعاينة والنزع ولو كان في حال المعاينة والنزع لما نفعه الإيمان لقوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} [النساء: 18] .
ويدل على أنه قبل المعاينة محاورته للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع كفار قريش قال القاضي عياض: وقد رأيت بعض المتكلمين على الحديث جعل الحضور
هنا على حقيقة الاحتضار وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجا بقوله ذلك حينئذ أن تناله الرحمة ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال القاضي وليس هذا صحيحا.
وعن أبي ذر مرفوعا «إن الله تعالى يقبل توبة عبده أو قال يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب قيل وما وقوع الحجاب؟ قال تخرج النفس وهي مشركة» رواه أحمد والبخاري في تاريخه من رواية عمر بن نعيم تفرد عنه مكحول قال بعضهم لا ندري من هو؟ قال البخاري وروى عنه مكحول في الشاميين.
ولأحمد عن أبي سعيد مرفوعا «إن الشيطان قال وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب عز وجل: لا أزال أغفر ما استغفروني» .
قال غير واحد من المفسرين في قوله:
{ثم يتوبون من قريب} [النساء: 17] إن المراد به التوبة في الصحة ولا يصح هذا عن ابن عباس لأنه من رواية أبي صالح واسمه باذام ولم يرو عنه على أن مرادهم معاينة ملك الموت - عليه السلام - كما قال غير واحد من المفسرين وهي رواية علي بن أبي طلحة الوالي عن ابن عباس وقال غير واحد من المفسرين المراد به التوبة قبل الموت.
ويروى عن ابن عمر في قوله تعالى: {حتى إذا حضر أحدهم الموت} [النساء: 18] أنه السوق، وقيل معاينة الملائكة لقبض الروح. ويروى عن عبد الله بن عمر من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ولم يرد أن الساعة ضابط إنما أراد والله أعلم نفي ما يتوهم من قوله في الآية {من قريب} [النساء: 17] وقد أخبر تعالى عن فرعون لعنه الله أنه لما أدركه الغرق
{قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90] .
قال تعالى: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس: 91] وقد ذكر ابن الأنباري أن فرعون جنح إلى التوبة في غير وقتها عند حضور الموت ومعاينة الملائكة وأضاعها في وقتها. وقد قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون} [يونس: 96] {ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 97] يعني حين لا ينفعهم.
{فلولا كانت قرية آمنت} [يونس: 98] .
روي عن ابن عباس وغيره أي لم تكن قرية آمنت. وذكر أهل اللغة أن لولا بمعنى هلا وأن الاستثناء منقطع. وعن أبي عبيدة أن المعنى وقوم يونس وأنكره الفراء، وقيل الاستثناء يتعلق بقوله: {حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 97] .
فيكون متصلا، وذكر أبو البقاء أنه منقطع لأنه مستثنى من القرية والقوم ليس من جنس القرية، وقيل متصل لأن المعنى أهل القرية، وقيل هذا من الله عز وجل خص به قوم يونس، وقيل لأن العذاب لم يباشرهم بل دنا منهم بخلاف غيرهم، وقيل لصدقهم وإخلاصهم، وقد قال تعالى عن الأمم المكذبة:
{فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} [غافر: 85]
[فصل في قبول التوبة ما لم ير التائب ملك الموت أو يغرغر]
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع