مدونة داليا محمد شافع


أهمية مهارة النضج الانفعالي

داليا محمد شافع | Dalia mohamed shafee


08/12/2022 القراءات: 1132  


حظي موضوع النضج الانفعالي بالبحث والدراسة في المجال النفسي باعتباره أحد أفضل السمات التي تسهم في توفير الحياة الطيبة للأفراد والمجتمع فإن ما يواجه الأفراد من الضغوط والمشكلات الحياتية تتجلي في البعد الانفعالي مثل سوء الظن وعدم تقدير الأخر والعنف بأشكاله المختلفة وسرعة الغضب والخوف غير المبرر.
كذلك فإن الكثير من المشكلات والاضطرابات النفسية تنبع من عدم الضبط الانفعالي وسوء التوافق بين جوانب الشخصية المختلفة.
إن مصطلح النضج الانفعالي يشير إلي قدرة الفرد علي إدارة انفعالاته والسيطرة عليها بحيث يتحكم بها بدل أن تتحكم هي به وبخاصة الانفعالات السلبية والتي إذا لم يستطيع الفرد كبح جماحها وترويضها فإنها تجعل منه شخصا بائسا غير مرغوب فيه كما يظهر ذلك النضج جليا في تصرفات الفرد وطرق تعامله مع المواقف الحياتية العديدة التي يمر بها يوميا بحيث يكون هناك موائمة واتفاق ما بين استجاباته الانفعالية والمواقف التي نتجت عنها هذه الاستجابات.
إن النضج يعني التغيرات المستمرة والمتتابعة داخل الفرد خلال مراحل نموه أما الانفعال متغير غير منظم ومشوش ويصعب عليه ضبطه والخبرة الانفعالية تتضمن بعدين أساسين الوجدان السلبي والوجدان الايجابي والوجدان السلبي بعد مزاجي يتصف بأنه مؤلم ومزعج ويسبب نظرة سلبية واسعة مثل الخوف والعصبية والغضب والشعور بالذنب والاشمئزاز والحزن والشعور بالوحدة أما الجانب الوجداني فيعكس حالات الهدوء والسكون والاسترخاء والانسحاب وعامل الوجدان السلبي يشير إلي أن حالات المزاج السلبي تحدث معا أي أن الشخص يشعر بالخوف والغضب والحزن والشعور بالذنب في نفس الوقت.
بالمقابل النضج الانفعالي مفهومه أشبه بمنزلة يعتليها الإنسان حيث يولي اهتماما لتطوير نفسه وارتقائها ويعمل على ذلك فقد نرى سمات النضج الانفعالي على المراهق أو الراشد أو المسن أحيانا.
وضبط النفس في مواقف قد تثير الانفعال بعيدًا عن التهور والاندفاع الواضح والزائد وأن تصبح أكثر إدراكًا واستبصارًا والماما بنفسك وبمستواك وقدراتك وبمعرفتك وأيضًا في فهم دوافع السلوك الإنساني وعلى هذا تكون متمكن في حسن اختيار الأصحاب.
وتأجيل اللذات والرغبات العاجلة وتحمل شيء من الألم الوقتي من أجل لذات أخرى بعيدة فتتحمل المتاعب الحالية في سبيل مكاسب مستقبلية .
وتكون قادرًا على التعبير عن مشاعرك بصورة ناضجة بدون إثارة أي انفعال بعيدًا عن التعبيرات الطفولية وأن تكون قادر على حل مشكلاتك واتخاذ قراراتك باستقلالية نسبية دون الاعتماد الكلي على الغير .
وأن تكون قادر على معاملة الناس على أساس واقعي بحقائق تعرفها دون التأثر بما تصوره لك مشاعرك وانفعالاتك أو أوهامك عنهم وأن تتقبل الأدوار والمسؤوليات والاستعداد لتحملها من غير تضجر او بعض التصرفات الطفولية التي يصدرها شخصا عندما توكله لمسؤولية ما.
فالنضج الانفعالي هو الانتقال من التعبير الانفعالي الغير ناضج الطفولي الذي يتسم بالتهور والاندفاع والمبالغة وعدم ضبط النفس إلى التعبير الغير ضار المتزن والفعّال .
والانتقال من تفسير المواقف وفقًا لمشاعرك إلى تفسير المواقف بموضوعية واقعية وبتأني وعدم التسرع والانتقال من الهروب من المشكلات والمسؤوليات أو تجاهلها إلى تقبلها والتعامل معها بحكمة وعقلانية .
إن النضج الانفعالي هو الدعامة الكبرى للصحة النفسية وضعف النضج الانفعالي معيق لعملية التوافق النفسي مع الشخص ذاته اولا ومع محيطه الاجتماعي ثانيا وتكامل الشخصية ومسبب للأمراض النفسية الجسمية والسلوكيات المضطربة .
فمن يستجيب لمشاعره وعواطفه ويتخذ قراراته بناء عليها ويتصرف بالمواقف وفقًا لمشاعره كالغضب والخوف والتوتر نرى أن الحال ينتهي به بفقدان الثقة بنفسه وبالآخرين .
فمعظم المشكلات التي تحدث بين أفراد المجتمع في هذا الوقت الراهن تعود إلى زيادة الانفعالات والتوتر بشكل يصعب السيطرة عليها والتحكم بها لذلك فإن النضج الانفعالي يتضح على الإنسان بقدر سيطرته على انفعالاته وأيضًا بالتعبير عنها بصورة متزنة يساعده ذلك على تكوين علاقات إيجابية فضلًا عن زيادة الثقة بنفسه وبطموحاته والشعور بالاستقلالية والاعتماد على نفسه والتوافق مع الآخرين فبقدر ما يكون سلوكك بعيدًا عن السلوك الانفعالي الذي يغلب عليه المشاعر يكون مستوى نضجك الانفعالي.


النضج الانفعالي الصحة النفسية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع