مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة أمهات المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


22/04/2023 القراءات: 326  


في عهد الخليفتين


وأضحت حفصة أم المؤمنين (رضي الله عنها) في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) موضع تقدير واحترام، حُرمتها من حرمة بيت النبوة، حتى إن والدها الفاروق كان يعظم هذا المعنى ويقدس تلك المكانة، إكراماً ووفاءً للنبي الراحل إلى جوار ربه الكريم. إضافة إلى ذلك أن بيت حفصة وحجرتها (رضي الله عنها)، كانت مستودع ما كُتب من وحي وما نزل من آيات بينات… تصون ذلك وتحفظه. فقد اختارها أبو بكر (رضي الله عنه) عندما شرح الله صدره إلى جمع المصحف بعد أن استشرى القتل في القراء والحفظة أثناء حروب الردة، وخاصة يوم اليمامة… فكان لأم المؤمنين حفصة (رضي الله عنها) من الفضل ما يضاف إلى رصيدها العظيم في العلم والإيمان والخلق والعبادة والأمانة…
حفصة المحدثة (رضي الله عنها)
روت حفصة (رضي الله عنها) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمانة الناقل، وحفظ الواعي، كثيراً من الأحاديث النبوية الشريفة. وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين، رضي الله عنهم أجمعين، كأخيها عبد الله بن عمر، وابنه حمزة، وحارثة بن وهب، والمطلب بن أبي وداعة، وأم مبشر الأنصارية، وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، وعبد الله بن صفوان، والحسيب بن رافع، وسوار الخزاعي، وغيرهم..
وكانت دارها في المدينة، محط أنظار كبار الصحابة يأتونها زائرين ومستفسرين، متعلمين وسائلين، واصلين أو موصولين.
أخلاقها وفضائلها
لقد شهد الوحي لحفصة بالمثل الأعلى في التدين والتقوى، حين قال جبريل عليه السلام لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها: إنها صؤوم قؤوم… ولقد حدثت جويرية عن أسماء عن نافع قال: ماتت حفصة حتى ما تفطر.
أما حجها فحدث ولا حرج. فقد حجت حجة الوداع مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم لما اختاره الله تعالى إلى جواره الكريم، كانت (رضي الله عنها) كلما أذَّن مؤذن الحج من كل عام، تهيأت لزيارة البيت العتيق، وأداء المناسك من طواف وسعي…، وغير ذلك، ثم التصدق على الفقراء والمساكين بلا حساب لأن ما عند الله تعالى خير وأبقى، فكان كلما يقسم لها فيء وكلما يأتيها أعطيات من الخلفاء تجعله في ميزان حسناتها يوم القيامة، بصرفه على الفقراء والمساكين والمحتاجين.
وفاتها (رضي الله عنها)
كانت (رضي الله عنها) لا تخرج من دارها إلا إلى المسجد لأداء الصلاة، أو زيارة قبر زوجها الحبيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو زيارة الوالد المسجى بجوار المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم تمسح دموعها، وقد استذكرت الأيام الخوالي، وتعود أدراجها إلى البيت يحتضنها بحنان وتدلف إليه بشوق.
وفي العام الخامس والأربعين من الهجرة، وافاها الأجل المحتوم، إثر إرهاق ومرض، ولبت نداء ربها وأسلمت الروح، وكانت جنازة مشهودة.
حملت على سرير في نعش إلى المسجد، كبار الصحابة يتبعونها بصمت وإجلال ووقار، وصلى عليها مروان بن الحكم، أمير المدينة في ذلك الحين.
وكذلك كان يتقدم الصفوف كالعادة الصحابي الجليل أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (رضي الله عنه). وروي أن مروان حمل بين عمودي سريرها من عند دار بني حزم إلى دار المغيرة بن شعبة، ثم حمله أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها.
ودفنت بالبقيع، وجلس مروان ينتظر حتى فُرغ من دفنها (رضي الله عنها) ونزل في قبرها أخواها عبد الله وعاصم ابنا عمر وكانت وفاتها (رضي الله عنها) من تلك السنة.
رضي الله عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب الصوامة القوامة وبارك مثواها، وأكرم نزلها، وألحقنا بها في الصالحين من عباده.


سلسلة أمهات المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما)(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع