مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


استراتيجيات الارهاب العابر للقارات

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


03/07/2023 القراءات: 1721  


منذ تسعينات القرن الماضي طفى على سطح الحياة ظاهرة جديدة فرضت نفسها بشدة على العالم بمعطياتها العديدة وتداعياتها وامتداداتها الكارثية خاصة مع تنامي المعضلة السيادية لدى الكثير من الدول حيث مكن بعض الشبكات الارهابية من نفوذ هذه الدول مما يفرض ضرورات وضع مقاربة عالمية منسقة ومتفق عليها لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة والتي تتحدد بمفهوم الارهاب العابر للحدود الدولية كأحد التهديدات الامنية الغامضة المعالم والمتشعبة الاثار شأنها في ذلك شأن الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتجارة المخدرات وتهريب البشر والاتجار بهم والهجرة غير النظامية ولعل القاسم المشترك بين هذه التنظيمات هو انها تنظيمات مناطقية لاتعترف بحدود الدول كماانها استطاعت من خلال استغلال الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية ان تسوق لخطابها الاصولي المتجاوز لحدود الدول وتتمثل اهم تجسيداته في قيام تنظيمات ارهابية متطرفة تتبنى العنف بعمليات نوعية واقتراف اعمال مشينة في حق الانسانية جمعاءاستطاعت من خلالها زعزعة السلام والاستقرار العالمي برمته حيث تتأكد خطورة هذه الظاهرة وامتداداتها على الامن العالمي مما يحتم ضرورة حوكمته وتكثيف التنسيق الامني والقانوني والتقني والتكنولوجي بين مختلف دول المعمورة لقمع هذه الظاهرة التي اصبحت اكثر ضراوة يوما بعد يوم ولحد الان
كماطفى على السطح ايضا مفهوم جديد لتدبير هذه التحديات عالميا هو مصطلح الحوكمة او الحاكمية او الحكمانية العالمية غير ان المتداول هو مصطلح الحوكمة والذي يعني التوجيه والقيادة فالحوكمة العالمية عبارة عن تقنيات ومؤسسات وقواعد واصول وترتيبات قانونية تستخدم لإدارة العلاقة بين الدول ولتسهيل التعاون العملي بينها باستخدام مختلف الوسائل لتنسيق السياسات على الصعيد العالمي ففي زمن الاضطرابات الزاحفة وفي عالم تتشابك فيه المصالح وتتضارب اصبحت الدول التي تجد نفسها عاجزة عن ادارة الازمات بشكل منفرد ان تتبنى هذا المفهوم لقمع هذه الظاهرة ووقف امتداداتها بضرورة حوكمة الامن العالمي والذي يتمثل بضرورة تفعيل آليات تدبير الازمات للحد من تفاقم الصراعات والمشاكل السياسية والاقتصادية والعسكرية للعديد من الدول والتي تجد التنظيمات الارهابية العابرة للحدود بيئتها ملائمة لرص صفوفها والاعداد لعملياتها الممتدة
فالأساس الذي يقوم عليه هذا التهديد المستجد هوقيام المجموعات والتنظيمات الارهابية بتغيير استراتيجياتها وموائمتهامع التطورات التي يعرفها النظام الدولي المعاصر حيث استغلت هذه التنظيمات ديناميكيات وتعقيدات الوضع الحالي فصارت اكثر تطورا وتنظيما بحيث اصبحت تشتغل في شكل شبكات متعددة الاطراف والتمويل وتنشط في اكثر من مكان في العالم وتتحرك عبر الحدود مخترقة الحواجز الدولية ليصبح بذلك هذا النوع من الارهاب في مقدمة التهديدات العسكرية ذات التأثيرات الشاملة والتي تمتد لكافة القطاعات بل وتصل في اقصى حالاتها الى درجة القدرة على تدمير الاقتصاد والصناعة ووقف الانشطة الانسانية ولاجدال في انه لحدود الساعة لا تزال الجماعة الدولية عاجزة عن الاتفاق في تحديد تعريف جامع مانع للإرهاب عامة في وثيقة قانونية دولية شاملة وملزمة يسهل الرجوع اليها لتحديد ماهيته لتمييزه عن اعمال العنف الاخر سواء المشروعة كحق الدفاع عن النفس والكفاح المسلح او غيرالمشروعة وعموما يمكن القول انه مظهر من مظاهر العنف غير المشروع الذي يمارسه الفرد ضد الافراد وضد مجتمعه او المجتمعات الاخر كالإرهاب الحاصل الان بالتحديد في السويد من قبل الجماعات الارهابية ضد الاسلام ومعتقداته ويشكل خطرا على المجتمع الدولي ويكون عابر للحدود عندما يتخطى الحدود السياسية للدول لدرجة القدرة على اثارة اضطرابات في العلاقات الدولية او انه نوع من الارهاب الذي يقع على خدمة دولية عامة اومرفق دولي عمومي كالنقل الدولي بأنواعه البري والجوي والبحري اوعلى الشخصيات ذات الحماية الدولية كرؤساء الدول والحكومات واعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية او الذي يقع من جناة متعددي الجنسية او له ضحايا من جنسيات مختلفة او تم الاعداد له في دولة وتم تنفيذه في دولة اخرى
ولا غرابة ان هذا الارهاب لا جنس له ولا دين ولا وطن ويتأكد هذا المعطى بالأساس في حالة الارهاب العابر للحدود الدولية فهو معقد ومتشعب الابعاد ويضرب هنا وهناك على حين غرة في تحد للأجهزة الامنية والاستخباراتية فأصبحت الحاجة ملحة لرؤى جديدة لصد مخاطره وهنابرزت اصوات تنادي بالاعتماد منظور حوكمة الارهاب العابر للحدود الدولية وذلك بالعمل على توحيد المجهودات الجماعية من اجل فهم وايجاد الحلول لمحفزات هذه الظاهرة والتي لاتستطيع دولة واحدة لوحدها القضاء عليها بل لابد من مشاركة جميع الفواعل الدولية وعلى كافة المستويات مع ضرورة التنسيق في الجهود بين مجموع دول المعمورة والمنظمات الدولية لمنع الارهاب ومكافحته بفرض العقوبات ومن خلال تبادل المعلومات على الصعيد الدولي وتكثيف التنسيق واخضاع الاموال عبر العالم للتبرير في سبيل تجفيف مصادر الارهاب لان هناك علاقة طردية وطيدة بين المال والارهاب فضلا عن ضمان احترام حقوق الانسان للجميع وسيادة القانون بكونها الركن الاساسي لمكافحة الارهاب ومن ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ومحاربة التهميش وتعزيز التنمية الشاملة والاهتمام بالشباب لان الفقر والاقصاء الذي يمكن ان تعيشه هذه الفئة سرعان ما تملؤه الايديولوجيات المرتبطة بالعنف والارهاب والاعتماد على استراتيجيات وطنية لمناهضة الفكر المتطرف الذي يغذي العنف والارهاب وهذا الدور يجب ان يناط بمراكز الفكر والمؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والاعلامية وكذلك وجب رصد مسارات التطرف العنيف وذلك من خلال تتبع الاشخاص المتطرفين عبرمشاركاتهم عبروسائل التواصل الاجتماعي وشبكة المعلومات الدولية علاوة عن العمل على تحييد دوافع التطرف من قبيل العمل على تحقيق العدالة ومناهضة التهميش في المحيط الاجتماعي وذلك بهدف تحصين افراد المجتمعات من التطرف والله الهادي الى سواء السبيل واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين


(استراتيجيات الارهاب العابر للقارات )


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع