مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


مكانة حفاظ الحديث وإقبال الألوف على مجالسهم، وحسد الخلفاء لهم

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


01/07/2023 القراءات: 494  


مكانة حفاظ الحديث وإقبال الألوف على مجالسهم، وحسد الخلفاء لهم
) قال جعفر بن درستويه كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني وقت العصر، اليوم لمجلس غد، فنقعد طول الليل مخافة أن لا نلحق من الغد موضعا نسمع فيه، فرأيت شيخا في المجلس يبول في طيلسانه، ويدرج الطيلسان مخافة أن يؤخذ مكانه إن قام للبول، وذكر غير واحد أنه كان في مجلس يزيد بن هارون يحزر بسبعين ألفا، وأمر المعتصم بحزر مجلس عاصم بن علي فحزروا المجلس عشرين ألفا ومائة ألف، وأملى البخاري ببغداد فاجتمع له عشرون ألفا.
وقال أبو الفضل الزهري كان في مجلس جعفر الفريابي من أصحاب الحديث من يكتب حدود عشرة آلاف، ما بقي منهم غيري سوى من لا يكتب، وأملى أبو مسلم اللجي في رحبة غسان، فكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه، وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر، ثم مسحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة، فبلغ ذلك نيفا وأربعين ألف محبرة سوى العطارة.
قال ابن الجوزي: قد كانت الهمم في طلب العلم كما قد ذكرنا، ثم ما زالت تقل الرغبات حتى اضمحلت فحكى شيخنا أبو حفص عمر بن طفر المغازلي قال: كنا في حلقة ابن يوسف نسمع الحديث فطلبنا محبرة نكتب بها السماع، فما وجدنا قال: وقد كان الخلفاء والكبراء يغبطون المحدثين على هذه المرتبة، ثم روى بإسناده عن محمد بن سلام الجمحي أنه قال: قيل للمنصور: هل من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة أن أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث فيقول المستملي: من ذكرت رحمك الله؟ قال فغدا عليه الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر فقال: لستم بهم إنما هم الدنسة ثيابهم، المتشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، برد الآفاق ونقلة الحديث.
وقال يحيى بن أكثم قال لي الرشيد: ما أنبل المراتب قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين قال: فتعرف أجل مني؟ قلت: لا قال: لكني أعرفه رجل في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت يا أمير المؤمنين: هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولي عهد المسلمين، قال نعم ويلك هذا خير مني؛ لأن اسمه مقترن باسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يموت أبدا، ونحن نموت ونفنى والعلماء باقون ما بقي الدهر.
وقال المأمون: ما طلبت مني نفسي شيئا إلا وقد نالته ما خلا هذا الحديث، فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي ويقال لي: من حدثك؟ فأقول: حدثني فلان قيل له: يا أمير المؤمنين فلم لا تحدث؟ قال لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث.
وقال يحيى بن أكثم وليت القضاء وقضاء القضاء والوزارة وكذا وكذا، ما سررت لشيء كسروري بقول المستملي من ذكرت رضي الله عنك.


مكانة حفاظ الحديث وإقبال الألوف على مجالسهم، وحسد الخلفاء لهم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع