مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة أمهات المؤمنين صفية بنت حيي (رضي الله عنها)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


25/04/2023 القراءات: 447  


سلسلة أمهات المؤمنين
صفية بنت حيي (رضي الله عنها)


هي صفية بنت حيي بن أخطب أحد زعماء بني النضير من يهود المدينة. وأما أمها فهي برة بنت سموأل من بني قريظة. والسموأل هو تحريف عبري لكلمة إسماعيل عن العربية، تماماً كما نقل اسم السموأل من العربية إلى الأعجمية بلفظ صموئيل، هذه ملاحظة. وهناك ملاحظة أخرى، فإن كثيراً من أسماء يهود الحجاز واليمن في الجزيرة العربية عامة، كانت مستقاة من واقع البيئة، مثل اسم برة أو صفية أو كعب أو غيرها.
كان والدها حيي من أشد اليهود عداوة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأكثرهم حقداً على الإسلام والمسلمين، لم يترك فرصة سانحة للنيل من الدعوة الإسلامية والقوة الإيمانية الفتية إلا استغلها وعمد إلى تقويض أركانها، سواء بالتحالف مع عشائر اليهود في المدينة، أم في الفتنة والوقيعة بين الأوس والخزرج، أم السعاية لدى قريش والتحالف معها واستقدام الأحزاب لقتال المسلمين في المدينة. على العموم كان هذا اليهودي كتلة حقد متحركة ومنبع حسد متدفق، ومجمع كره للإسلام وأهله.
نشأتها
كانت صفية فتاة صغيرة، عندما قدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المسلمين إلى المدينة مهاجراً، ولم تكن وهي في تلك السن لتدرك أبعاد الأحداث والوقائع. نشأت في بيت زعيم من زعماء يهود، وكبير من كبرائهم. وكانت على جانب عظيم من الجمال، لم يعرف في يثرب بين العرب أو اليهود من هي أجمل منها، فكانت محط الأنظار، تهفو إليها القلوب وتتمناها زوجة.
زواجها الأول
فلما استدار عودها، ونما جسمها، واكتملت أنوثتها، خطبها أحد فتيان يهود وكبرائهم، اسمه سلام بن مشكم من بني قريظة، ثم فارقها على الخطوبة، ولم تطل عشرته معها.
الزواج الثاني
ثم تزوجها كنانة بن الربيع بن أبي حقيق وما أكثر ما تهافت عليها الفتيان والرجال، كل يريد لأن تكون له الحظوة عندها فيظفر بها، إلا أن أباها حيي بن أخطب كان لا يفرط فيها، فلا يعطيها إلا لمن يرى فيه الكفاءة المالية، والاجتماعية، فلا بد للزوج أن يكون غنياً ذا ثروة، وأن يكون سيداً ذا مكانة وسلطة. وهكذا كان ابن أبي حقيق.
غزوة خيبر وفتحها
بعد أن أجلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يهود المدينة عنها، كل اليهود، بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، بسبب غدرهم ونفاقهم ونكوصهم بالعهود والمواثيق التي وقعوها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعهدوا فيها بالتعايش السلمي، وعدم التعرض للمسلمين بالأذى، إلا أنهم غدروا ونقضوا، فحاربهم عليه الصلاة والسلام وأجلاهم عن ديارهم.
بعد هذا ارتحل حيي بن أخطب ومعه ابنته صفية وزوجها ابن أبي حقيق وبنو النضير إلى خيبر، حيث لاذوا بها. ولكنهم ما انفكوا يمعنون في تدبير المؤامرات وحياكة الدسائس ورسم الخطط التي تؤذي المسلمين وتضر بالإسلام.
ومن خيبر البعيدة، كان حيي بن أخطب لا ينفك يعادي المسلمين، ويدبر المؤامرات فتحالف مع بعض القبائل العربية أمثال غطفان على غزو المدينة، ومهاجمة المسلمين في عقر دارهم، ومفاجأتهم والقضاء عليهم والتخلص منهم. لكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغته أنباء ذلك التحالف، وتلك المؤامرة، وقبل أن يبدأوه بدأهم، فخرج من المدينة على رأس قوة من المسلمين إلى خيبر ليفاجئ اليهود بغزوهم وقبل أن يأخذوا تمام أهبتهم.
وهناك جرت بين المسلمين واليهود وهم داخل حصونهم عشرة معارك، لم يحظَ المسلمون في بادئها بأدنى نجاح، ذلك أن خيبر كان فيها عدة حصون وقلاع، وأهلها أصحاب بأس وقوة، ورماة سهام. لذا سقط العديد من المسلمين في تلك المعارك بين شهيد وجريح، وأخيراً فتح الله على المسلمين وانتصروا على اليهود، ودكوا حصونهم وقلاعهم، وقتلوا الكثيرين منهم، وعلى رأسهم حيي بن أخطب داهيتهم ووالد صفية وكذلك زوجها كنانة بن الربيع، ووقع أكثر اليهود أسرى في أيدي المسلمين، وسبيت نساؤهم وكان من بينهن صفية.
وقوعها في السبي وقصة رؤيتها
كان بلال بن رباح (رضي الله عنه) قد اقتاد صفية ومعها ابنة عم لها فمر بهما على قتلى يهود، فصرخت ابنة العم وصكت وجهها، فسمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أغربا هذه الشيطانة عني… ثم عزل صفية وجعل كساءه عليها، فعرف جميع الصحابة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اصطفاها لنفسه. وكان مما قاله لبلال مؤنباً: أنزعت الرحمة من قلبك يا بلال حتى تمر بالمرأتين على قتلاهما!! فأسلمت ثم أعتقها، وبعد أن اصطفاها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتزوجها ولاحظ عليه الصلاة والسلام خضرة حول عينيها، فسألها عن سبب ذلك، فقالت: استيقظت ذات صباح يا رسول الله على رؤيا، إذ رأيت القمر يأتي من ناحية يثرب ويستقر في حجري، فحدثت بذلك زوجي كنانة بن الربيع بن أبي حقيق، فاستشاط غضباً لأنه تأول الرؤيا فلطمني هذه اللطمة على وجهي. وقال: أو تريدين أن تتزوجي من ملك العرب..؟!
إسلامها وزواجها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
عرض عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام والعتق، وكان مما قاله لها: اختاري… فإن اخترت الإسلام أسكنك نفسي، وإن اخترت اليهودية، فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك. فقالت رضي الله عنها: يا رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك، وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني بين الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي..! فأسلمت (رضي الله عنها) فأعتقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل عتقها مهرها…


سلسلة أمهات المؤمنين صفية بنت حيي (رضي الله عنها)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع