مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سمي القلم قلما لأنه يقلم أي يقطع منه

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


04/07/2023 القراءات: 576  


سمي القلم قلما لأنه يقلم أي يقطع منه، ومنه قلمت أظفاري، وقيل: قطعه ليس بقلم ولكنه أنبوب، وقيل القلم مشتق من القلام وهو نبت ضعيف واهي الأصل، فقيل قلم لأنه خفف وأضعف بما أخذ منه، ورجل مقلم الأظفار من هذا، أي ضعيف في الحرب ناقص، ويقال رعف القلم إذا قطر، وراعف الرجل القلم إذا أخذ فيه مدادا كثيرا حتى يقطر ويقال استمد ولا ترعف. أي لا تكثر المداد حتى يقطر، ويقال ذنبت القلم فهو مذنب، فأما الرطب فيقال فيه مذنب من ذنب هو ويقال حفي القلم يحفى حفوة وحفوة وحفية وحفاوة وحفا مقصور، فأما الحفاء ممدود فمشي الرجل بلا نعل. ويقال للقطعة التي تقطع من الأنبوبة شظية مشتق من شظي القوم تفرقوا، ويقال: قلم ذنوب إذا كان طويل الذنب، كما يقال: فرس ذنوب، وللقلم سنان فإذا كان الأيمن أرفع قيل محرف، وإن استويا قيل قلم مستوي السنين، وأشحمت القلم تركت شحمه فلم آخذه، فإن أخذت شحمه قلت بطنته تبطينا، ويقال: بريت القلم بريا وما سقط براية وقد يقال للقلم نفسه براية؛ لأن العرب تجعل فعالة لكل ما نقص منه فيقولون قطاعة وقوارة ذكره أبو جعفر.
وقال الجوهري قوره واقتوره واقتاره بمعنى قطعه مدورا، ومنه قوارة القميص والبطيخ وقال: والقطاعة بالضم ما سقط عن القطع.
قال أبو جعفر
يقال: قططت القلم أي: قطعت منه والقلم مقطوط، وقطيط، والمقط الذي يقط القلم عليه، والمقط بفتح الميم الموضع الذي يقط من رأس القلم، وهو مشتق من قططت أي قطعت، وما رأيته قط أي: انقطعت الرؤية بيني وبينه، والقط الكتاب بالجائزة؛ لأنه يقطع، ومنه يعطي القطوط وثائق، وقط بمعنى حسب.

والدواة جمعها دويات في العدد القليل، وكذا قال أبو جعفر وفي الكثير دوي بضم الدال ويقال بكسرها ودوي ودوايا، ويقال: أدويت دواة إذا اتخذتها، وقد دوي الدواة أي عملها، فهو مدو مثل مقن للذي يعمل القنا، ويقال لمن يبيعها دواء مثل تبان للذي يبيع التبن، والذي يحملها ويمسكها داو ومثله رامح للذي يحمل الرمح، واشتقاق المداد من المدد للكاتب، وهي جمع مدادة يذكر ويؤنث.
قال الفراء واسمه يحيى بن زياد الكوفي توفي سنة تسع ومائتين: إن جعلت المداد مصدرا لم تثنه ولم تجمعه، ويقال أمدت الدواة إذا جعلت فيها المداد، فإن زدت على مدادها قلت: مددتها. واستمددت منها أي: أخذت فإن أخذت مدادها كله قلت: قعرت الدواة أقعرها قعرا، واشتقاقه أنك بلغت إلى قعرها، وقد سمع أقعرت الإناء إقعارا إذا جعلت له قعرا. وإذا ألصق القطن يعني أو غيره بالدواة، فهو ليقة، مشتق من قولهم: ما يليق فلان بقلبي أي ما يلصق به، ويقال: ألقت الدواة إلاقة، ولقتها ليقا وليوقا وليقانا إذا ألصقت مدادها، وقد أنعمت ليقة الدواة إنعاما أي: زدت في ليقها وأنعم الشيء إذا زاد، ومنه الحديث «وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما» أي: زاد على ذلك.
ومنه سحقت المداد سحقا نعما قيل للفراء لم سمي المداد حبرا قال: يقال للعالم: حبر وحبر وإنما أرادوا مداد حبر فحذفوا مدادا ثم جعلوا مكانه حبرا كقوله تعالى: {واسأل القرية} [يوسف: 82]
وقال الأصمعي: ليس هذا بشيء إنما هو لتأثيره على أسنانه حبرة يقال إذا كثرت فيها الصفرة حتى تضرب إلى السواد قال محمد بن يزيد: وأنا أحسب أنه إنما سمي حبرا لأنه تحبر به الكتب.
قال أبو جعفر النحاس: من حسن تقدير الكاتب ألا يفرق بين المضاف والمضاف إليه في سطر، وكذا أعزه الله، وكذا أحد عشر لأنه كاسم واحد، ويستحسن المشق في الشين والسين إلا في أواخر الكلم نحو الناس، وأصل المشق في اللغة الخفة، يقال: مشق بالرمح ومشق الرجل الرغيف إذا أكله أكلا خفيفا، فمعنى مشق الكاتب إذا خفف يده، وهذا اختيار محدث، وأما رؤساء الكتاب المتقدمين فكانوا يكرهون المشق كله وإرسال اليد ويقول بعضهم: هو للمبتدي مفسدة لخطه ودليل على تهاونه بما يكتبه. وقد ذكره الفقهاء أن يكتب بسم الله بغير سين.
ويستحسنون إذا توالت السين والشين في كلمة أن يقدر الكاتب فصلا بمدة. ويستحسنون في كتابة نحو بين أن يرفع الوسطى من الثلاث فرقا بين ذلك وبين السين والشين، ويستحبون أن تكون الكاف غير مشقوقة إذا كانت طرفا عندهم، ويحبون تعليمها إذا كانت متوسطة ولا تعلم إذا كانت طرفا، ويستحبون أن تكون الألفاظ سهلة سمحة غير بشعة.
ومما يستحسنون لإبراهيم بن مهدي توقيعه إلى كاتبه: إياك والتتبع لحوشي الكلام طمعا في نيل البلاغة فإن ذلك العي الأكبر، وعليك بما يسهل مع تجنبك للألفاظ السفلى. وكذا ما روي من صفة يحيى بن زياد الكاتب فإنه قال: أخذ بذمام الكلام فقاده أسهل مقاد، وساقه أحسن مساق، فاسترجع به القلوب النافرة، واستصرف به الأبصار الطامحة.
قال الجاحظ: لم أر قوما أمثل طبقة في البلاغة من الكتاب وذلك لأنهم التمسوا ما لم يكن متوعرا من الألفاظ حوشيا، ولا ساقطا عاميا.
وقال محمد
بن الفضل صاحب كتاب الديباج: يجب للكاتب أن يعدل بكلامه عن الغريب الحوشي، والعامي السوقي، والرذل السليقي، ويجانب التقعير، ويجب أن يعمل نفسه في تنزيل الألفاظ، وسئل أعرابي من أبلغ الناس؟ قال: أسهلهم لفظا وأحسنهم بديهة، وقد سبق في فصول رد السلام رد جواب الكتاب وما يتعلق بذلك.
وروى أبو داود في الخراج عن عمرو بن عثمان عن محمد بن حرب عن أبي مسلمة سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده وفي نسخة أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب على منكبه ثم قال له: «أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا» ورواه أحمد عن أحمد بن عبد الملك الحراني عن محمد بن حرب الأبرش عن سليمان عن صالح عن جده صالح قال البخاري: فيه نظر وقال ابن حبان في الثقات يخطئ.


سمي القلم قلما لأنه يقلم أي يقطع منه


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع