مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (101)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


19/12/2023 القراءات: 325  


تمهيد الطريق:
عن أبي برزة الأسلمي قال: قلتُ: يا نبيَّ اللهِ علِّمْني شيئًا أنتفعُ به. قال: اعزِلِ الأذى عن طريق المسلمِين. صحيح مسلم (2618).
***
السيوطي واستعارة الكتب:
كان السيوطي يستعير الكتب من خزائن الوقف ومن الأشخاص، وقد رأيتُ قصاصةً في أثناء مخطوط له، فيها ما يأتي: " الحمد لله. عند كاتبه الفقير إلى عفو ربِّه عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي الجزء الثالث من "شرح البخاري" لشيخ الإسلام حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين ابن حجر عارية مِنْ مالكه الجناب العالي السيفي فارس حفظه الله تعالى. وكتب عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي".
***
المؤلفات في زلة القارئ:
المؤلفات في هذا المجال كثيرة، أراد منها العلماءُ صيانة ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه، وقد قام بإحصاء هذه المؤلفات الدكتور محمد توفيق محمد حديد في كتابه: "الوقوف المحرمة في القرآن الكريم: دراسة نقدية تحليلية"، وأفاد منه وأضاف الدكتور أسامة الحياني في تقديمه لكتاب: "جالب الفرج وسالب الحرج" للعلامة محمد الطرابزوني المدني (ت: 1200)، انظر "جالب الفرج" (ص: 14-21).
***
ريح الصبا:
ريحَ الصبا مُرّي برملةِ عالجٍ... وقِفي بها ثم ارجعي بسلامِ
قولي لجيرتنا الذين ترحّلوا... ورماهمُ كفُّ النّوى بسهامِ
عُودوا فإنّ الصبَّ بعد فراقكم... مستهدَفٌ لنوائب الأيامِ
ما ناح في جنح الظلام حمامةٌ... إلا وهاجتْ لوعتي وغرامي
من ظهر مخطوط من آيا صوفيا ٢٠٥٢.
نقله: أمين السعدي.
***
بين الإفراط والتفريط:
الإفراط: المبالغة في الشيء، نقول: أفْرَطَ فلان بحبه لك، أي بالغ.
التفريط: التضييع، نقول: فَرَّطَ فلان بصحبته معك، أي ضيعها.
وقد كنت أسمع شيخنا الإمام العلامة سيدي الشيخ أيوب الخطيب رحمه الله يقول: "ابتلينا بأهل الإفراط وأهل التفريط".
وذات مرة قلت له: هل من مثال على ذلك شيخنا؟
فقال عليه رحمة الله ورضوانه: "مثلًا، زيارة القبور والوقوف عندها، هو أمر استحبه الشرع، وزيارة قبور الصالحين آكد، ويطيل الوقوف عندها أكثر، كما ذكر ذلك الإمام النووي في الأذكار، ونرى الناس اليوم فيها بين الإفراط والتفريط، فجاهل فرّط بهذا الفضل -ضيعه- ووصفه بأنه بدعة، وجاهل آخر أفرط -بالغ- بالزيارة فجعل زيارته غير شرعية، وكلاهما على غير الحق". انتهى كلامه.
رحم الله شيخنا الأستاذ أيوب الخطيب، ورحم الله أئمتنا الكبار، كانت عقولهم وألسنتهم كالموازين.
وليد فائق الحسيني.
***
ذُراكَ قُربي:
أنشدنا الشاعر أحمد محمد عبيد مكاتبة:
ذراك قربي ولكنْ فيك أرتحلُ ... وكل خطوي تلاشى قبلما أصلُ
يا بعدها لغةً تأبى لأكتبها ... وفيك ترتسم الأشعار والجمل!
لأستفيق على وعد سيأخذني ... إليك، والوعد يأبَى قبله الأجلُ
بعض الوعود على صدقٍ نبوح بها ... وبعض أمنياتٌ ملؤها عجلُ
وبعضها مثل لفح النار في لغةٍ ... وبعضها خفق قلبٍ هدّهُ الوجلُ
ذُراك قربي فليت الشعر يمزجني ... بكَ اشتياقًا ليأبى الحرفُ والجملُ
وكلما أينعتْ في الحرف بارقةٌ ... رسمتُها لخيالٍ فيك يكتملُ
أعِدْ حروفي لتلقَى بعض بهجتها ... فقد ضَنِيتُ ولم يُسعفْنِيَ البدَلُ
أعِدْ حروفي فقد تأْبَى الذُّرا لغتي ... ولن أبوح إذا ضاقتْ بيَ السبُلُ
***
الكرم:
«قال المأمون لمحمد بن عباد: أردتُّ أن أولّيك؛ فمنعني إسرافك في المال.
فقال محمد: مَنْعُ الموجود سوءُ ظن بالمعبود!
فقال له المأمون: لو شئتَ أبقيتَ على نفسك، فإن هذا المال الذي تنفقه ما أبعدَ رجوعه إليك!
قال: يا أمير المؤمنين مَن له مولى غني؛ لا يفتقر!
قال: فاستحسن المأمون ذلك منه، وقال للناس: مَن أراد أن يكرمني فليكرم ضيفي محمد بن عباد.
فجاءت الأموالُ إليه من كل ناحية، فما برح وعنده منها درهمٌ واحد، وقال: إن الكريم ‌لا ‌تحنكه ‌التجارب»! «تاريخ مدينة السلام» (3/ 646). نقله أ. عبدالستار الشيخ.
***
تغريدات في الإحالة إلى صفحات المخطوط:
‏1- كُتبت المخطوطات في الأصل بغير أرقام للصفحات، وكانوا يستخدمون التعقيبة للدلالة على ترتيب الصفحات، وتطور الأمر عند بعضهم فكانوا يرقمون الكراسات، والكراسة مجموعة 4 أو 5 أوراق مطوية على بعضها، وكانوا يكتبونها في وجه الورقة العليا اليسرى غالبًا.
‏2- وفي دور المخطوطات ترقم الأوراق بطرق مختلفة، والذي رأيتها منها ثلاث طرق:
‏أ- كتابة الترقيم في وجه الورقة، وهذا عليه غالبية المخطوطات.
‏ب- كتابة الترقيم في ظهر الورقة، وهذا من مثل المخطوط في مكتبة مجلس الشورى بطهران برقم: 1228، حيث رقم الأوراق في ظهرها.
‏ج- ترقيم الصفحات، فيجعل لكل صفحة رقم خاص بها متسلسل، وذلك مثل مخطوط العد المنسوب للفراء في تشستربيتي برقم: 3165، ومثله مخطوط الجامع في القراءات العشر لأبي معشر الطبري، مكتبة حسن حسني، السليمانية، برقم: 42، حيث رقم الصفحات، بيد أنه يكتب الأرقام في ظهور الصفحات فقط، ولكنها متسلسلة لجميع الصفحات.
‏3- وعليه فإن المحققين يتابعون المخطوط في ترقيمه فإن كان الترقيم للأوراق أحال إليها، وإن كان للصفحات أحال إليها، وليس له أن يخترع ترقيمًا من عنده! وأما من ترك الترقيم ولم يحل إلى الصفحات فلعل المخطوط الذي يحققه أو جعله أصلا غير مرقم، وعليه رواد التحقيق المسلمين.
‏4- وأما ما يقوم به بعض طلاب الدراسات العليا من الترقيم ليمين الورقة ويسارها، فأمر لا يُعرف، وهو خطأ لا يسوغه كثرته أبدًا، بل هو مردود، ويجب أن يكون المشرف على طلاب الدراسات العليا في تحقيق المخطوطات له دراية بالمخطوطات، وإلا فيكون للطالب في التحقيق مشرفان:
‏أحدهما في ما يتعلق بالمخطوط وتحقيقه، والمشرف الثاني ما يتعلق بالجانب العلمي للمخطوط،
‏وأما ما نراه فهو أمر مؤسف جدًّا، وإن حاول البعض تسهيل الأمر، وأنه أصبح شائعًا، فليس شيوعه دليل صحته، بل هو خطأ، يجب أن يتنبه له الطالب وأستاذه. والله الموفق والمعين. والكلام يطول عند بعضها، ولكنها تغريدات سريعة، آمل المسامحة فيها.
د. بشير الحميري.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع