القرويين للتربية والتعليم


العلم المغربي رمز حضارة وتاريخ أمة بقلم: مولاي علي الأمغاري الجزء الأول

مولاي علي الأمغاري طبيب | Moulayali Elmghari Tabib


09/04/2021 القراءات: 1615  


المغرب والأندلس" ركنا حضارة الغرب الإسلامي وصانعا تاريخه، وثنائية بدأت بالجغرافية ثم ترسخت وتقوَّت بالدين واللغة والثقافة، فتفاعلا وأبدعا وأسهما في صنع "حضارة إسلامية إنسانية" حملت لواء نشر العلم والمعرفة وبث النور في العالم زمن القرون الوسطى.
ولما شاء الله تعالى نهضة أوربا وانفكاكها من قيود التخلف الحضاري، وجدت أمامها الحضارة "الأندلسية الموريكسية" التي لم تبخل عليها بكل ما يسهم في خروجها من ظلمات الجهل والهمجية إلى نور العلم والرقي والتقدم.

وبعد سقوط الأندلس وتعرضها أهلها لحرب صليبية خُتمت بمحاكم التفتيش.. سعت إلى القضاء على الإرث الأندلسي الحضاري فكراً وبشراً، شاءت الأقدار أن تكون الضفة الجنوبية من الغرب الإسلامي "المملكة المغربية" مملكة قائمة قوية مؤهلة لتكون وارث "الحضارة الأندلسية الراقية" بكل خصائصها ومعالمها المتميزة، فحفظت لنا المملكة كثيراً من إرث هذه الحضارة، كما استضافت الفارين بدينهم وثقافتهم "الموريسكين" بأرضها، ورحبت بخصائصهم الحضارية والثقافية والفكرية والتي زادت في تنوع وغنى الحضارة المغربية وقوت إشعاعها الحضاري ووصولها إلى مختلف الأقطار، وخصوصاً العالم الجديد (أميركا الشمالية والجنوبية)، هذه الحضارة التي حملت رسالة العلم والسلام والتسامح على طول مساحة حوضي المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط بل تجاوزته إلى مملكة غانا والبلدان المحيطة بها.
تُعرف المملكة بالمغربية في كتب التاريخ بأنها "دولة مركزية".. وظهرت مركزية المغرب بوضوح بعد حكم المرابطين وتوسعهم من نهر السنغال جنوباً إلى طليطلة بالأندلس شمالاً، ثم ترسخت هذه المركزية في حكم الموحدين بشكل كبير إلى أن وصل الحكم المغرب إلى يد السلاطين العلويين.
مركزية الدولة المغربية جعلتها تتميز بتقاليد خاصة وعادات راقية في الحكم كباقي الإمبراطوريات والدول الكبرى، والتي كان لها أثر كبير في الحضارة الإنسانية، ومن هذه التقاليد حرص المغاربة على العناية برموز السيادة والحكم، ومنها "الأعلام" بمختلف أنواعها واختصاصاتها سواء في شؤون الحرب أو السلم.
والعلم المغربي الحالي قصة حضارة وحكاية أمة أثرت وتأثرت، وبمناسبة الذكرى المئوية للعلم الوطني المغربي الحالي (من17-11-1915م إلى 17-11-2015م)، سأحاول إلقاء الضوء على بعض من تاريخ هذا العلم الذي يحمل رمزية حضارية وتاريخية ودينية وثقافية تتجاوز 1200عام من عمر المغرب الكبير.

تحمل الأعلام في جميع التجمعات البشرية منذ التاريخ رمزية تشير إلى وحدتها وقوتها وملتها وثقافتها وعاداتها، وهذه الخصائص والمعالم تختصرها قطعة قماش على رمح أو عصا، فانتشار علم المجموعة يعني انتصار ذلك التجمع البشري وتحقيق أهدافه، وانحصاره وسقوط علمه يعنى هزيمة وتقهقره.
وقد اهتم الإسلام برمزية العلم، فكان للنبي عليه الصلاة والسلام أعلام متنوعة ومختلفة الشكل واللون، حفظت لنا كتب السنة والسيرة النبوية المطهرة بعض ألوانها وقصصها.. وكانت في الغالب إما بيضاء اللون أو خضراء، وقصة غزوة مؤتة وتتداول قادة الجيش المسلم الأربعة على حمل الراية التي منحهم إياها النبي عليه الصلاة والسلام من أشهر القصص عن اهتمام المسلمين بهذه الرمزية وحمولتها الثقافية والدينية، والتضحية بالنفس والروح من أجل بقاء هذا العلم مرفوعاً رفرافاً، تقطع الأيادي دون سقوطه أو إهانته. وكذلك كان الشأن مع الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، ثم الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية وغيرها من الدول بالمشرق العربي.
يتبع....


العلم ، التاريخ، الحضارة ، المغرب ، المملكة المغربية، المرابطين ، يوسف بن تاشفين ، الأندلس ،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع