بين مشروعين (مقال عن الأمة)
مصطفى العادل | Mustapha El adel
14/06/2020 القراءات: 1020
عندما بدأت الحركة الماسونية في وضع بنودها الأولى لبناء أكبر مشروع خبيث وهدام للبشرية، أدركت البداية التي ستمكّنها من بلوغ أهدافها وجني أكبر قدر ممكن من ثمار جهودها المبذولة. لقد ركّزت في معظم بنودها على نزع الأخلاق حتى لا يبق في نظر الشباب شيء مقدّس غير إشباع غرائزهم الجنسية، ثم سخرّت كل الوسائل وسلكت كل الطرق لتحقيق ذلك.
واليوم حيث صار الدفاع على الحشمة والحياء ومحاربة الفساد والميوعة جريمة يعاقب عليها القانون في قلب العالم الإسلامي، نكون أمام هذه الحقيقة المرّة، فنضطرّ دون التطاول على أهل العلم من علمائنا الصادقين إلى طرح تساؤلات منهجية دقيقة من قبيل: هل وصل المشروع الماسوني قلب العالم الإسلامي؟ هل سنرى الفواحش والمنكرات جهارا وفي ظهيرة النهار في مكة وفي جوهر المدينة؟ وربما نضيف بمزيج من الخوف والخجل: من يقود أمتنا في هذا لعالم المظلم؟ وما موقف سادتنا من هذا السير والمضي نحو ليل لالة الماسونية؟
ففي الموازاة مع هذا الوضع الذي تعيشه السعودية اليوم من كتم الأواه وتجريم العلماء ممن تصدوا لهذا الانحلال الأخلاقي، تعيش باقي البلدان الإسلامية وضعا آخر لا تحسد عليه، حيث إن البلاد التي لم تستعمر اليوم بالسلاح كسوريا والعراق واليمن وبيت المقدس استعمرت فكريا وثقافيا واستعمرت أخلاقيا، وصارت مدنها أشبه بمدن الغرب، فاقدة للميزة والسمة الحضارية العربية الإسلامية، لقد انغمست بشكل كبير في صورة الحضارة الغربية، حضارة التعاسة واليأس والخوف.
إذا ألقينا نظرة شمولية في ضوء البند الماسوني السابق إلى معظم البلدان العربية التي ظن البليد أنها تعيش استقرار في كل شيء، سندرك عكس ما يذهب إليه معظم الناس في أن الغرب الإسلامي على سبيل المثال حالات استثنائية ما دام أنها لم تعرف حروبا دموية وتدميرا جراء التدخل الأجنبي المتوحش، وفي أن بلاد الخليج العربي جنان العالم ما دامت السعودية تستقبل كل عام عباد الرحمن من كل فج عميق، وما دامت الكويت والإمارات وغيرها تعيش وضعا هادئا.
وعلى العكس من ذلك يقودنا التأمل في نقطتين فقط إلى إدراك الحقيقة المرة التي تضرب كل لادعاءات السابقة عرض الحائط؛ النقطة الأولى: التأمل في الإعلام بالبلدان العربية وما ينقله من مشهد تخالف تعاليمه الدينية وقوانينه الدستورية، مشاهد تدعو في مجملها إلى ثقافة الجنس الحرة التي لا تخضع لأية قيود، سواء تعلق الأمر بالأفلام والمسلسلات الماجنة، أو تعلق بنقل المهرجانات الفاسدة والإشهارات النتنة، إضافة إلى إتاحة الفرصة في الإعلام العربي لرواد المشروع الماسوني من ممثلين ومغنيين وغيرهم من أعلام ونجوم النجاسة، مقابل قمع العلماء وكتم أفواههم وتصدير حقوقهم وحرياتهم. النقطة الثانية: تنظيم المهرجانات الدولية والوطنية والمحلية، ففي كل صيف تعرف المدن والعواصم العربية مهرجانات العري والفساد التي تضيع فيها أموال لو استثمرت في مجالات حيوية لقادت الأمة العربية الإسلامية العالم في مختلف المجالات. مهرجانات يختلط فيها الشباب وتنتشر الميوعة، دون الحاجة إلى تفصيل أمر.
ما يهمنا مما سبق هو إبراز مدى نجاح مشروع الانحلال الأخلاقي، نزع الأخلاق ونشر الميوعة والفساد في الأوساط العربية، أي نزع الدين والمقدّس، فليست الحرب بالسلاح وحدها قادرة على قتل الأمم وإنما الحروب الأشد تأثيرا في طمس الهويات هي الحروب الفكرية والحضارية والحروب الأخلاقية. ولعل ما يطرأ في بعض الدول من تصفيات بالسلاح ما هو إلا نتيجة لعدم نجاح المشروع الانحلالي الجنسي التي تهدف إليه الماسونية، كيف نغض الطرف على تلك لحقيقة وقد رأينا كيف صعدت الغزاة على أعقاب طغاة عرب رفضوا أن تحتل أوطانهم من قبل أجنبي وإن كان ذلك على حساب الضرب بمطرقة الاستبداد على شعوبهم.
أختم بنوع من الوقاحة التي لم يعتد عليها طغاتنا فأقول: أُفضّل أن تدمر أوطاننا وتمحى معالمها من هذا الوجود إذا كنا راضين بأن يغزونا الفساد والنجاسة. فإننا بعد قول الرسول الكريم: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) نفضل الشهادة على الإيمان بالماسونية التي قالت: (إنما بعثت لنزع الأخلاق).
الأمة، الصهيونية، الصراع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع