مدونة الدكتوره ساره مطر العتيبي


سنن الله الكونية في الابتلاء

دكتورة ساره مطر العتيبي | Dr/Sarah Motter ALOtaibi


01/03/2020 القراءات: 7869  


إن البــــلاء سُنَّة الله الجارية في خلقه؛ فهناك من يُبتلى بنقمة أو مرض أو ضيق في الرزق أو حتى بنعمة .. فقد قضى الله عزَّ وجلَّ على كل إنسان نصيبه من البــــلاء قال عز وجل : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } .
إذن البلاء لابد منه وهو صنفان : ابتلاء بالخير وابتلاء بالشر.
ونوقن ايقانا لازما أن الله يبتلي عبده وهو يعلم قدرته على التحمل .ولكن هذا التحمل قد يكون خاملا يحتاج لإيقاظه من سباته ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر" ، إذن لابد من التصبر على البلاء حتى يكون صفة ملازمة للفرد ، وهو في كل ذلك مأجور على تطويع نفسه على الرضا بالقضاء والصبر والاحتساب ، فهذا نوع من العبادة ما سلم منها نبي ولا رسول ولا عابد ولا عالم .فما من نبي إلا أوذي بجميع أصناف الأذى وصبر واحتسب ، وما من صالح أو عابد إلا وتحمل الأذى ليصل إلى رضى ربه ومن الأذى عصيان النفس الأمارة بالسوء ؛ والنفس المتكاسلة عن الطاعات ، بخلاف سائر الأذى الذي يشترك فيه مع بقية الناس من فقد مال ونفس وجوع وغيرها من صنوف الأذى التي لم يسلم منها طائع أو عاصي .
ولكن الابتلاء بالنسبة لطائع له ميزة لا تضاهيها ميزة إن اتبع الهدي النبوي في تجاوزها ، فهو سوف يجتازها لا محالة ولكن العبرة بما بعد مرورها .
فإن احتسب وصبر وتصبر ورضي بقضاء الله تعالى نال عدت أمور منها :
1: قال صلى الله عليه وسلم : "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه"
فهذا البلاء يكفر صغائر الذنوب التي لا حق لعبد فيها .
2: قال صلى الله عليه وسلم : "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة" .
ميزة أخرى لمن اجتنب الكبائر يخرج من الدنيا بلا نذوب لكونها كفرتها المصائب، وهذا من رحمه الله بعبادة وحبه لهم .
نعم حب الله عز وجل للعبد يدل عليه ابتلائه لينقيه من الذنوب ، قال صلى الله عليه وسلم : "إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع" ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ يُرِد الله به خيرًا يُصِبْ منه" .
وعن سفيان، قال: "ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة"
ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة نتسلى بهى ونتصبر ، فقد كان شُريح يقول "إني لأصاب بالمصيبة، فأحمد الله عليها أربع مرات: أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني" .
وينال كل من رضى وصبر على ذلك رضا وسعادة وسرورا عجيبا وهو لا يزال في دائرة البلاء فسبحان من جعل مع العسر يسرا .
كل ما سبق يناله العبد قبل خروجه من الدنيا أما في الآخرة له حظوة وميزة لا يناله غيره فقد قال سبحانه وتعالى : {.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .
الناس يقفون ليحاسبوا على أعملهم ويطول ذلك الموقف فلا يعلم زمن الوقوف والحساب إلا الله ، وأهل البلاء يدخلون الجنان بلا حساب ، لما لاقوه من البلاء بالدنيا حتى أن بعضهم يتمنى العودة للدنيا لينال بلاء اعظم لما يراه من النعيم الذي خصة الله به في الآخرة .
دعونا نكلم الناس بلغة الارقام لعلهم يختارون الانفع لهم ، دعونا نقارن أعمارنا في الدنيا مع أعمارنا في الحياة البرزخية ونضيف إليها الحياة الأخروية .
عمر أمة محمد المتوسط ما بين 60 إلى 70 عاما فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم توفى وعمرة 65 عاما .
وقد أرخ عمر بن الخطاب رضى الله عنه التاريخ الهجري منذ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو قلنا تقريبا أن النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة البرزخ منذ 1441هـ ، أعلم أنه أقل من ذلك بعدت سنوات ولكن أريد أن أصل لفكره واحد فقط أن الحياة الدنيوية لا تسوي شيئا بالنسبة للحياة البرزخ التي هي مرحلة مبشرة أو غير مبشرة للحياة الخالدة في الآخرة .
فصبر قليل لنعيم عظيم ، في الحياتين البرزخية والأخروية الأبدية .


موقف المسلم من الابتلاء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع