يعتبر القطاع الفلاحي المشغل الأول في الاقتصاد المغربي ، حيث يشير تقرير البنك الدولي سنة 2009 إلى أنه عرف ارتفاعا هاما لعدد اليد العاملة و خاصة النساء، وسبق لمنظمة الأغذية و الزراعة، أن دقت ناقوس الخطر بخصوص تأنيث العمل الزراعي، إذ أكدت في تقرير لها سنة 2005، على أن القطاع يعتبر مأوى للفئات الفقيرة و الهشة وهو الأمر الذي أكدته العديد من الدراسات بالمغرب.
دراسات متعددة لكنها تعالج الموضوع من زوايا لا ترقى إلى المقاربة السوسيو قانونية، حيث عالجه الباحثون في علم الجغرافيا و علم الاجتماع و علم التدبير، لكن دراساتهم ينقصها البعد القانوني، إذ تركز على الجانب الوصفي لظاهرة العمل النسوي دون أن تلامس الموضوع من زاوية قانونية. وهي الميزة التي ينفرد بها هذا البحث.
وعليه يمكن القول بان القطاع الزراعي يشغل نسبا مهولة من النساء و خاصة منهن الفقيرات، أضف إلى ذلك أن الغالبية العظمى منهن أميات، لم يسبق أن ولجن المدرسة. ما يجعله مرتعا للإستغلال و هضم الحقوق .
إن ثلاثي الفقر و الهشاشة و الأمية، قد يؤثر بشكل لا يدع أي مجال للشك في العلاقات الشغلية، داخل الضيعات الفلاحية. وهو ما قد يضع تطبيق مدونة الشغل و القانون بشكل علم في كف عفريت. الأمر الذي يقصي هذه الفئة النشيطة اجتماعيا و يعرضها على قارعة المجتمع، وهي الإشكالات التي نحن بصددها، حيث سنفكك مدى الهشاشة التي يعرفها العمل الزراعي النسوي، والى أي حد أثر ذلك على الاستقرار الاجتماعي للعاملات. وذلك وفق دراسة محكمة زاوجت بين مقاربة المتخصص الاجتماعي و الباحث القانوني، حيث سنطوع الإحصائيات المتوفرة لكي تلاقي الجانب التشريعي للتأكد على مدى شرعية الممارسات الشغلية ، في هذا القطاع وذلك بتحليلها و مطابقتها قانونا للتشريع المغربي .
سنعتمد على دراسات مهمة عالجت الموضوع تتميز بتكامل بعضها البعض و توزعها على التراب الوطني وكذا لتطابق نتائجها، و يتعلق الأمر :
1. تقرير لمنظمة OXFAM حول موضوع : الحماية الاجتماعية، بداية الكرامة، حول العاملات الزراعيات بجهة الغرب الشراردة بني حسن، سنة 2015.
2. تقرير لمركز الأبحاث حول التنمية الدولية الكندي سنة2011 حول موضوع : العمل النسائي في القطاع الفلاحي بين الهشاشة و التمكين.
3. تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتعاون مع جمعية نساء الجنوب حول العاملات الزراعيات بخميس أيت عميرة سنة 2012.
4. تقرير المرصد المغربي للعنف ضد النساء في تقريره السنوي الثامن، سنة 2015.
5. تقرير لمنظمة إنصاف تحث عنوان "مغرب الأمهات العازبات" سنة 2010.
وكلها هي تقارير لها وزنها العلمي وقيمتها البحثية نكملها بلمسة قانونية من خلال مطلبين.
سنعالج من خلال المطلب الأول، مدى هشاشة الشغل النسوي في القطاع الزراعي من خلال الوقوف على مدى استقرار العلاقات الشغلية والى أي حد تحترم الحقوق الإنسانية للعاملات الزراعيات.
بينما نقف في المطلب الثاني، على النتائج التي تفرزها الهشاشة الاجتماعية والقانونية من خلال الآثار السلبية لذلك، سواء تعلق الأمر بالبطالة القسرية، أو العجز وانعدام الرعاية لهذه الفئة.
المطلب الأول :هشاشة الشغل الفلاحي و تأثيره على العاملات الزراعيات.
يقصد بالهشاشة انعدام أحد أو عدة أدوات الأمن و الاستقرار في ميدان الشغل، اي غياب كل يمكن الأفراد أو الأسر من تحقيق احتياجاتهم المهنية أو العائلية والاجتماعية و عدم التمتع بحقوقهم الأساسية .
و يقصد بالفئات الهشة تلك الفئات الاجتماعية عديمة الحماية أو التي يسهل الاعتداء على حقوقها، حيث لا تملك القوة الكافية على الدفاع عنها و صيانتها، ولعل أهم الفئات التي تنعت بالهشة الأطفال و المهاجرين و النساء.
غير انه يقصد بالهشاشة أيضا كل ما يعرقل صفو العمال و الأجراء في الحفاظ على استقرارهم الاجتماعي سواء تعلق الأمر بعلاقاتهم التعاقدية مع المشغل (الفقرة الأولى) أوالعلاقات داخل الشغل الذي يؤديه العمال من مس بحقوقهم وكرامتهم(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الشغل النسوي الزراعي بين عدم الاستقرار و تنامي الأخطار المهنية
الفقرة الثانية: العمل النسوي الزراعي بين الحقوق و الحريات الإنسانية
المطلب الثاني: الإقصاء الاجتماعي نتيجة لهشاشة الشغل الزراعي النسوي
الفقرة الأولى: البطالة القسرية و العجز عن العمل نتيجة العمل بالضيعات الفلاحية
الفقرة الثانية: غياب الرعاية القانونية و الاجتماعية يفرز ظواهر "جانبية"
تاريخ النشر
20/04/2018
الناشر
كتاب القانون والمجتمع ٍ1 بحوث في قضايا المجتمع والقانون العدد 1 سنة 2018 مؤلف جماعي ـ إصدار مختبر القانون والمجتمع بجامعة ابن زهر
هشاشة الشغل الإقصاء الاجتماعي العاملات الزراعيات القطاع الفلاحي الاقتصاد المغربي العاملات الزراعيات الشغل النسوي الشغل الموسمي و المؤقت الشغل الزراعي : الأمومة و الرعاية الاجتماعية العمل بالضيعات الطرد التعسفي التسريح المؤقت حوادث السير الأطفال المتخلى
ذ/د.كمال بلحركة | KAMAL BELHERKATE | 19958