استغلال الوقت في ظل الانشغال بالتقنيات الحديثة
محمد سيد أحمد شحاته | mohamed sayed ahmed shehata
20/03/2020 القراءات: 4204
جاءت آيات تحث على استغلال بعض الأوقات نحو قول الله عز وجل: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً {الاسراء:79}.
ومثل وصف ما كان عليه حال المتقين نحو قول الله تعالى: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {الذريات:18}.
وتبدو أهمية الوقت في كثرة ما أقسم الله به في كتابه العزيز. نحو قوله تعالى: وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى {الضحى:2}. ( والعصر ) ( والفجر وليال عشر ) ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ) ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ*وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ).
وجاء الحث على المسابقة في تحصيل الخير استغلالا للوقت. في نحو قوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة: 148}. وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران:133}.
يقسم ربنا بهذه الأوقات حتى نعلم قيمتها وحتى نصونها ونحفظها ولا نعمل فيها إلا خيرًا
وفي السنة أحاديث كثيرة تبين أهمية الوقت
فقد صَحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به)).
فالوقت هو الحياة وقد بخس الوقت كثيراً حداً من قال: "الوقت من ذهب" وهذا منطق عباد الذهب والمادة وأما منطق عباد الله فالوقت في نظرهم أسمى من ذلك وأهم وهو الذي يتوصل به إلى جوار الله والنظر في وجهه الكريم والتقلب في جنات النعيم ومن أروع ما قيل في إظهار قيمة الوقت ما قاله الحسن البصري رحمه الله: "يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك".
حال السلف مع الوقت
لقد ضرب سلفنا رحمهم الله تعالى أمثلة عجيبة في الاستفادة من أوقاتهم.
فهذا أبو نعيم الأصفهاني [430هـ] كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، وكل يوم نوبة واحد منهم، يقرأ ما يريده إلى قبيل الظهر على الشيخ، فإذا قام إلى داره ربما يُقرأ عليه في الطريق جزءٌ وهو لا يضجر.
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة الخطيب البغدادي كان الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه.
وابن عساكر لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتسمية حتى في نزهته وخلواته، يصطحب معه كتب العلم والمصحف يقرأ ويحفظ.
وكان بعضهم إذا حفي عليه القلم واحتاج إلى بريه يحرك شفتيه بذكر الله وهو يصلح القلم، أو يردد مسائل يحفظها لئلا يمضي عليه الزمان وهو فارغ ولا دقيقة.
وكان أبو الوفاء علي بن عقيل يقول: إنني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري؛ حتى إذا تعطل لساني عن المذاكرة وتعطل بصري عن المطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منصرف، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره. أي: هو الآن لا يجد كلاماً ولا شيئاً يقرؤه، فيأخذ راحة وفي أثنائها يشغل فكره.
يقول ابن القيم: وأعرف من أصابه مرض من صداع وحمى وكان الكتاب عند رأسه، فإذا وجد إفاقة؛ قرأ فيها، فإذا غلب؛ وضعه، انظر حتى حال المرض، إذا وجد خفة؛ فتح الكتاب وقرأ، وإذا اشتد عليه أرجع الكتاب عند الوسادة.
وابن تيمية كان يدخل المرحاض فيقول لابنه: اقرأ وارفع صوتك حتى أسمعك وأنا هناك لئلا يضيع الوقت.
وقال البخاري: أنام فأتذكر الحديث فأقوم خمس مرات وست مرات فأضيء السراج في الليل وأكتب شيئاً من الحديث وأنام، فيتذكر فيضيء السراج فيكتب، ويتذكر ويضيء السراج فيكتب.
- الإمام أحمد : يحمل المحبرة وعمره سبعين سنة؛ شَابَ، ودنا أجله، ورقَّ عظمه، قالوا: تحمل المحبرة وأنت في السبعين!! قال: من المحبرة إلى المقبرة.
يقول الشيخ محمد الغزالي: كل مفقود عسى أن تسترجعه إلا الوقت فهو إن ضاع لم يتعلق بعودته أمل ولذلك كان الوقت أنفس ما يملكه إنسان وكان على العاقل أن يستقبل أيامه استقبال الضنين للثروة الرائعة لا يفرط فى قليلها بله كثيرها.
إن المسلم الحق يغالى بالوقت مغالاة شديدة لأن الوقت عمره....والإسلام دين يعرف قيمة الوقت ويقدر خطورة الزمن يؤكد الحكمة الغالية: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه
قطعك ". .. ويعتبر الذاهلين عن غدهم الغارقين فى حاضرهم المسحورين ببريق الدار العاجلة قوما خاسرين سفهاء .. وقد وزع الإسلام عباداته الكبرى على أجزاء اليوم وفصول العام فالصلوات الخمس تكتنف اليوم كله وأوقاتها تطرد مع سيره.
إن النظر القاصر يعرف من الزمن آثاره المحدودة. ومظاهره المحسوسة فهو يقول : أشاب الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومر العشى ويقول: يسر المرء ما ذهب الليالى وكان ذهابهن له ذهابا.
ومن الحكم التى تغيب عن بال الجماهير: " الواجبات أكثر من الأوقات " "الزمن لا يقف محايدا فهو إما صديق ودود أو عدو لدود ". ومن كلمات الحسن البصرى: " ما من يوم ينشق فجره إلى نادى مناد من قبل الحق : يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود منى بعمل صالح فإنى لا أعود إلى يوم القيامة ".وهذه الحكم تنبع من روح الإسلام ومن تفقه تعاليمه العظيمة فى الإفادة من الحياة الأولى للحياة الكبرى. وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أن يلهم الرجل استغلال كل ساعة من عمره فى العمل.
طرق استغلال الوقت:
(1) تعويد الأطفال على النوم مبكرًا فإن الله جعل الليل سُباتًا والنهار معاشًا فلا يجوز السهر الطويل والنوم في النهار.
(2) تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينية هي أقدس ما يحرص عليه ويزرع في قلوبهم حب التعبد لله فلا يشغلهم أمرٌ عن الصلاة في وقتها ولتثبيت هذا الأمر فخذ أبناءك إلى المسجد وعرفهم كيفية الصلاة واجلس معهم في حِلق الذكر.
(3) لابد من تقديم بدائل عن أدوات اللهو وتوفيرها وذلك بتنمية الهوايات المثمرة بحيث يقضي معها الأبناء أوقات فراغهم ومن ذلك المطالعة المفيدة فتقتني الكتب المفيدة التي تتناسب مع أعمار أولادك من القصص المفيدة والتي يبعد فيها الصور ويبعد فيها الكلمات النابية.. وكذلك الدخول إلى عصر الكمبيوتر على أن يكون باتزان وروية وتوجيه واعتدال.
الأوقات - استغلال - أهمية الوقت
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع