أهمية غرس ثقافة العمل الحر لدى طلاب التعليم الجامعي .
أ. د / فيفي أحمد توفيق خليل | Prof .Fify Ahmed Tawfeek Kalil
11/06/2020 القراءات: 5531
يحتل العمل الحر مكانة خاصة في المجتمعات المعاصرة باختلاف مستويات تقدمها ؛ فهو الأداة الأساسية لإشباع احتياجات الشعوب من السلع والخدمات ، وتلبية احتياجاتها للعمل والرغبة في الإنجاز ، كما أنه الطريق لتحقيق رفاهية الأفراد والشعوب ماديا واقتصاديا واجتماعيا . وإنَّ من أهم مقاييس نجاح التعليم علاقته بسوق العمل ، والتي تعد صورة واضحة للكفاءة الخارجية للتعليم ، والتوجيه المهني يمثل حلقة الوصل المهمة في هذا الجانب ؛ لأنه يقوم على معرفة متطلبات سوق العمل وأبعاده ومن ثم تعد البرامج الخاصة للتوجيه المهني التي تسعى بدورها لإعداد وتطوير العمل ؛ لأن الاستخدام الأمثل للموارد البشرية يكون من خلال زيادة نسب المشاركة الاقتصادية وسوق العمل .
ومن الطبيعي أن يمثل التعليم الجامعي أحد محددات إنتاجية أية دولة ، خاصة في ظل انتشار فكرة وتطبيقات التكتلات العالمية الاقتصادية التي تهدف إلى تدعيم القدرات التنافسية للدول والمؤسسات ، ويتطلب هذا من كل دولة تنمية قدراتها الذاتية سواء المادية أو البشرية عن طريق الاهتمام بالتعليم الجامعي وتطويره بما يتلاءم مع التغير في مفاهيم العلم ومعارفه.
وتعتبر ثقافة العمل الحر أحد أهم الثقافات التي بدأت بالانتشار في الوطن العربي ، حيث يسعى الشباب في الوطن العربي إلى استغلال بعض أوقات الفراغ بجانب الدراسة ، أو بجانب العمل الأساسي للقيام ببعض الوظائف والمهام من خلال المنزل بمقابل مادي .
وتأتى أهمية هذا الموضوع مما يأتي :
1- في ظل الوضع الاقتصادي الراهن بدأت الدولة تحد من دورها في توظيف الشباب ؛ لذلك كان لابد من تأهيل الشباب لفكر وثقافة العمل الحر دون انتظار طابور القوى العاملة .
2- تهيئة الشباب وتوجيههم إلى العمل الحر مهم جداً خاصة وأن اتجاه الشباب إلى العمل الحر بعد سنوات التخرج وما بذل في سبيل ذلك من جهد ومال قد يؤثر بالسلب على مشاعرهم إن لم يكونوا مؤهلين لذلك من البداية .
3- إنَّ نشر ثقافة العمل الحر ودعوة الشباب للتوجه إلى مجالات العمل الحر إنما يدعمها ويؤكدها .
4- يعتبر التعليم الجامعي الوعاء الذي يسهم في إشباع احتياجات الشباب وتحسين المعرفة والوقاية وتنمية القدرات المختلفة لديهم .
5- إنَّ العمل الحر مجال خصب لإثبات الذات وتأكيد الثقة بالنفس وإظهار القدرات الفردية وتحقيق الطموحات الشخصية علاوة على أنَّه ميدان واسع تتنوع فيه مجالات العمل .
6- تصاعد مخاطر مشكلة البطالة وزيادة أعداد المتعطلين عاماً بعد آخر يتطلب حتمية البحث عن حلول بديلة وقد يكون من أهمهما الاتجاه نحو العمل الحر .
و ثقافة العمل الحر : The Culture Of Entrepreneurship تعني : تلك القيم والأفكار المتعلقة بالوعي بأهمية العمل الحر وتفضيل الاتجاه لهذا النوع من الأعمال ، وذلك من خلال ممارسات متعددة تبدأ من المعرفة بالإمكانيات المتاحة للقيام بهذا العمل ، وماهية الطرق والوسائل والأساليب المستخدمة للقيام بهذا العمل ، وكذلك المهارات والخبرات التي يمتلكها الفرد لهذا العمل .
وتقوم فلسفة العمل الحر على عدة مبادئ أساسية منها :
- الحرية : وتتمثل في اختيار نوع النشاط ومكان وزمان الممارسة ، والإدارة .
- الإبداع والابتكارية : من خلال إتاحة الفرصة للفرد لإطلاق أفكاره وتنمية الحس الإبداعي لديه .
- التنافسية : وتتمثل في تحسين جودة المنتج بصفة مستمرة ؛ حتى يتمكن من تسويقه .
- النمذجة : من خلال تقديم نماذج يحتذى بهافي مجال العمل الحر من رجال الأعمال والرياديين .
- الاقتصادية : وذلك بتوفير التمويل المناسب وتشجيع المؤسسات المالية على تقديم قروض وخدمات مالية أخرى بأسعار فائدة معقولة .
- الاجتماعية : من خلال تبادل الخبرات والتواصل الاجتماعي والمشاركة في مشروعات جماعية .
- التكنولوجية : حيث فرضت التكنولوجيا الحديثة تغيرات جذرية في البيئة الصناعية وسوق العمل ، وأصبحت التقنية في متناول المشروعات الصغيرة .
التحديات التي تواجه ثقافة العمل الحر :
تشير عديد من الدراسات والبحوث العلمية إلى أن ثقافة العمل الحر تواجه عديداً من التحديات التي قد تقف في سبيل نشرها وتدعيمها لدى الأجيال الناشئة ، منها ما يأتي :
- القيم الاجتماعية السائدة تلعب دورها في تكوين البناء الاقتصادي وكذلك الاجتماعي والثقافي والسياسي للمجتمعات فهي الإطار المرجعي للسلوك الفردي وهي الدافعة للسلوك الجمعي ، وتحتاج ثقافة العمل الحر إلى أنماط سلوكية جديدة وبالتالي تحتاج إلى قيم جديدة تدفعها إلى الطريق الصحيح .
- صعوبة إحداث تغيير في أنماط مثل : الانعزالية والتوكل على الغير وعدم احترام قيم العمل خاصة اليدوي وعدم الإيمان بالجديد والتخوف من المستحدثات وعدم الاعتراف بأهمية المرأة ودورها في المجتمع مما ينتج عنه تعطيل طاقات نصف المجتمع تقريبا بجانب عدم احترام تقدير قيمة الوقت .
- وجود موروثات ثقافية في بعض الأمثال الشعبية تحض الأفراد على التمسك بالتبعية وعدم التجديد والابتعاد عن المخاطرة.
- معوقات إدارية وتظهر في تعقد الإجراءات والإغراق في الروتين والبطء الشديد في إصدار القرارات وانتشار اللامبالاة والسلبية وسيطرة العوامل الشخصية على علاقات العمل الرسمية والقصور في الكفاءات الإدارية .
- نقص الوعي بالمشاركة بين الأفراد وعدم توافر الرغبة والاقتناع بأهميتها منذ الطفولة وفي المراحل الدراسية الأولى إلى أن يخرج الإنسان لمزاولة العمل الخاص به .
وعليه فإنَّ لجوء الشباب إلى العمل الحر يحتاج الى تكاتف جميع قطاعات المجتمع الرسمي والمدني لبث وتفعيل ثقافة العمل الحر لدى الشباب ، وسن التشريعات اللازمة للحفاظ على القوى البشرية وتنميتها بعديد من الإجراءات والأدوات التي تحفظ حقوق كلا الطرفين : العمال وأصحاب العمل .
ثقافة العمل الحر ، طلاب التعليم الجامعي .
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
من معوقات العمل الحر نجد كذلك : - صعوبة الحصول على التمويل المالي . - غياب المرافقة للمؤسسات الناشئة ، من طرف مؤسسات متخصصة .
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة