مدونة المهندسة / وفاء فاضل عبد الواحد


تكملة/قصة طفلة اسمها ألحان وكفاحها

المهندسة / وفاء فاضل عبد الواحد | Wafaa Fadhel Abdul Wahid


18/12/2021 القراءات: 1817  


وتعاتبه على عدم قدومه للاطمئنان على صحة والدنا ولشدة دهشتي أتى سالم في نفس اليوم الذي أوصلت له الرسالة به وأعتذر من أبي وأمي على تأخيره عن زيارتنا وعلل سبب ذلك بالزكام الذي أصابه فمنعه من زيارة الوالد في نفس اليوم الذي حدده لهادي , ودخلت أختي بالشاي فالتقت العيون المليئة بالحب والشوق واللهفة ولم تكن هذه هي الرسالة الاخيرة لي لا وصلها الى ابن عمي بل كانت الاولى وتوالت الرسائل وكنت انا مرسال الحب بين هدى وسالم .
وبعد فترة ليست بالقصيرة أراد سالم ان يتوج هذا الحب بالزواج فتقدم وأهله طالبا يد أختي من والدي فكان جواب والدي على طلبه بأن أختي ماتزال صغيرة على الزواج وأن بإمكانه ان يتزوج من ابنة عمه الاخرى التي تكبر أختي سنا وأخبره بان سن ابنة عمي يناسب الزواج أما أختي فلا وحاول سالم وأهله كثيرا مع أبي ولكن أصرار والدي على الرفض القاطع دعي عمي وابنه الى الخروج من بيتنا وهم يجرون خلفهم أذيال الخيبة واليأس وعندما علمت هدى بالذي جرى أصيبت بصاعقة كبيرة وبقيت ملازمة الفراش بضعة أيام ولم يكن باستطاعتها ان تحتج أو تعترض على تصرف أبي أو حتى بالبوح عن سبب مرضها وبعد مرور عام تزوج حبيب أختي من ابنة عمه التي أختارها له أبي وكانت الصاعقة الكبرى بالنسبة لا ختي وانتهى الحب وضاع الامل وأصيبت هدى العزلة وحاولت كثيرا ان أخفف من آلام اختي بالرغم من صغر سني وجربت معها كل الالاعيب الصبيانية والحركات المرحة والكلام المضحك لكي تنسى حبيبها أضافة الى انشغالها بأمور المنزل والعناية بأخوتي الصغار وكثر خطاب اختي بعضهم من الاقارب والبعض الاخر لم يقرب لنا بشيء الا ان ابي كان يصر على الرفض لا نها ماتزال صغيرة على الزواج وبعد مرور عامين على زواج سالم تقدم لهدى شاب أكبر منها بكثير يدعى ( محمود ) لطلب يدها وكان قريب لابي ويحمل تصرفات ابي كلها فوافق والدي عليه بينما والدتي رفضته رفضا قاطعا وكانت اختي تبكي بحرقة وبصمت ولا تستطيع ان تقول لابي بأنها لا تريده خوفا من أبي وأقسم ابي بأنه سيرمي يمين الطلاق على أمي أن لم تتزوج أختي من محمود ووافقت هدى حفاظا على اسرتنا من التفكك وتزوجت من محمود وبقيت أنا وحيدة في المنزل فتركت هدى مكانا خاليا في المنزل وفي نفسي وأحسست بكآبة فظيعة في داخلي وكنت ما أزال طفلة في الصف الخامس الابتدائي وكانت هذه السنة الثانية لي في الخامس فتركت المدرسة إجباريا وبإلحاح من أهلي ولازمت البيت وأصر والدي على ان لا أخرج من البيت الى بعباءة فلذت بالصمت وفضلت الا أخرج من البيت نهائيا على أن أخرج بعباءة وكانت سلوتي الوحيدة هو صمتي الذي لا يفارقني ليلا ولا نهارا ولم اكن احس من اسرتي لا حنان الام ولا عطف الاب فأحسست بأني غريبة في هذا المنزل وأسيرة في نفس الوقت فوقعت على عاتقي معظم الاعمال المنزلية والتي كانت تقوم بها أختي قبل زواجها وحتى جدتي لابي فأنا التي كنت أغسل ثيابها وانظفها لا نها كانت فاقدة لنور عينيها فكنت انا عينيها التي ترى بهما النور على حد قولها وبقيت سنة كاملة في البيت وفي السنة التي تليها عدت الى المدرسة والى الصف الخامس وكانت علتي الوحيدة هي مادة الانكليزي والتي تأخرت في نفس الصف بسببها ولكني حاولت جاهدة متابعة دروسي يوميا في الوقت القصير الذي كنت اخصصه للدراسة وذلك بسبب مساعدتي لا مي في الاعمال المنزلية وبفضل من رب العالمين نجحت من الخامس الى السادس ولكن ابي أصر على ان أترك المدرسة لا نه في أحد الايام وجد ثيابه غير منظفة وبحث عني فوجدني ادرس فأصر على ان أترك المدرسة رغما عني للمرة الثانية وتركتها ولازمت البيت ايضا وكانت هذه هي الفترة المظلمة في حياتي وأحسست ان الدنيا قد أظلمت في عيني وتمنيت ان لا اعيش هذه الحياة التافهة والتي لا يوجد شيء يشدني اليها ومر عام كامل وأنا في البيت ثم أكملت الدراسة وعدت الى الصف السادس وأنا محجبة ونجحت الى المتوسطة وفي المتوسطة حدث تغيير عام لحياتي ففي الصف الثاني المتوسط عرفت الحب ..... نعم عرفته وما أحلى طعم الحب وكان حبيبي ابن جارنا وكان اسمه وليد وكان في المرحلة الاعدادية لقد كان حبي له كبيرا لدرجة أني أحسست ان لحياتي طعم حلو فأحببت الحياة وأحببت كل الناس وأحسست بنشوة كبيرة تسري في داخلي تشعرني انني قد ملكت الدنيا بأسرها بيميني وكان يسمعني أعذب الاغاني عن طريق المذياع من السطوح فمعظمها لعبد الحليم وخصوصا زي الهوى وكذلك العيون السود لوردة الجزائرية وكنت اطرب لها وأرددها مع نفسي وكان وليد يدرس في سطوح منزلهم في نفس الوقت الذي كنت ادرس انا أيضا فيه في سطوح منزلنا وعندما نتقابل صدفة تلتقي العيون وتتهدل الجفون والقلب يناجي القلب بأحلى الكلام وأعذب الالحان وأصبح الامل يملأ حياتنا والنظرة المشرقة للغد هي كل أمانينا وكانت صورته لا تفارق مخيلتي وأجد عيناه في كتابي ينظران الي ويبوحان لي بالسر الكبير الذي انطوى في قلبينا الا وهو كلمة ( احبك ) ونسيت بحبه كل ظروف حياتي القاسية بل اني كنت اواجه المصاعب بصدر رحب وملأت الفرحة قلبي , الفرحة التي تمنيت لو أعرف طعمها طيلة حياتي عرفتها بحبي لوليد وأحسست اني الفتاة الوحيدة في العالم التي تحب كل هذا الحب وتمنيت لو أقهر الزمان وأتغلب على الصعاب ومعي حبيبي لا نفترق ابدا مدى الحياة ولكن ما كثرة ما يحلم الانسان ولكن قليل منا يتحقق حلمه فلم يمضي على حبنا السنتين الا وكان الزمان قد حرمني من حبيبي ومن سعادتي ومن احلامي ومن الامل فقد مات حبيبي على اثر حادث مؤسف حيث اصطدمت دراجته البخارية بأحدي السيارات فأردته قتيلا ,وقتل حبي فامتلأت حياتي باليأس ودارت بي الدنيا وغدر بي الزمان مرة أخرى فآه منك ماأقساك ايها الزمان ,لقد عذبتني وجرعتني كأس الهوان فأنت الذي سلبتني سعادتي وانت الذي حرمتني من الحنان لماذا ايها الزمان فما الذي جنيته في حياتي لا حصد كل هذا المرار أنني اتساءل فيما لو كنت انسان ام حطام انسان فأحسست ان حياتي أصبحت مثل حطام السفينة التي ليس لها ربان وتعثرت في دراستي فلم اكن استطيع القراءة ومذاكرة الدروس


الجزء الثاني / قصة طفلة اسمها ألحان وكفاحها


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع