حوار الحضارات والثقافات ومسألة الأمن العالمي
سمير نور الدين دردور | DERDOUR samir Noureddine
27/04/2021 القراءات: 4402
يشغل موضوع حوار الحضارات والثقافات حيزا كبيرا في عالم البحوث والدراسات وأصبح محورا أساسيا في سياسات العديد من الدول والحكومات وقرينة لتبادل الأفكار ومحاولة لتقارب وجهات النظر بين الشعوب والمجتمعات على وقع مبادئ حضارية تفرضها بإلحاح قواعد النظام العالمي الجديد.
ليس من قبيل البذخ الفكري أن يثار هذا الموضوع، بل إن الواقع الإنساني المعيش الذي ترتب عن رواسب تاريخية يدعونا للتفكر في ملكوت الحقائق والأفكار وأن نستجلي ضرورة التفكر في صناعة مستقبل عالمي يجعل من اختلاف الثقافات والأديان مادة رصينة تبنى عليها حياة الشعوب والمجتمعات باختلاف مقوماتها. إن العالم الذي تطورت وسائل اتصاله وتعددت منابع تنميته محكوم عليه بالعيش والتعايش ومد جسور العلاقات المبنية على احترام مقومات شخصية كل مجتمع والعيش وفق ما تتطلبه كرامة الحياة البشرية. إن المـُطَّلع على التاريخ البشري يسهل عليه استنباط مدى الآثار الأليمة التي يتركها غياب الحوار وتحويل دور الإعلام من نشر الفضائل بين شعوب العالم إلى إثارة رذائل النعرات العرقية واللغوية والدينية والطائفية والثقافية تارة باسم أفضلية العرق والجنس والدين والمذهب وتارة أخرى باسم غريزة الاستحواذ والاحتواء.
لقد أضحت عقلية إبادة المخالف ودحض المعاند وتجريد "الـمُستعمَر" من مقومات بقائه عملة يتاجر بها سماسرة الأفكار الميتة في سوق الإعلام مخالفين بذلك كل ضوابط المجتمع العالمي الجديد القائم نظريا على احترام الغير والاحتكام إلى مبادئ حقوق الإنسان. إن الجسور التي يختلقها الأفراد والمجتمعات عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لكفيلة اليوم أن تبني مجتمعا دوليا يسوده جو الاحترام المتبادل بين الشعوب وتنجلي من على سمائه سحب العنصرية القاتمة وعواصف التسلط على المعتقدات والثقافات وتنمحي من على أرضه نتوءات التقزيم والإقصاء والعنف والإرهاب.
ليس يخفى على شعوب العالم ما تطرحه الحضارة الإسلامية من مبادئ من شأنها أن تـُنَظِّر الاعلام وفق ما يستجيب لمتطلعات الكرامة الإنسانية ويحفظ قدسيتها بفضل ما تكتسبه من ركائز أزلية ومقدرات تحضُّرٍ عالية ومن طاقة استيعاب لاختلاف الثقافات والديانات. فلا يصح أن تطمس معالم هذه الحضارة ولا يحق أن تؤخذ بجريرة أعمال الإرهاب.
إن قضية السلم العالمي مرهونة بتحقيق توازن مجتمعي يحفظ الفروق الدينية والجنسية والثقافية ويؤسس لنظام يحميه من المغالبة العسكرية والاقتصادية التي تؤول عادة إلى ابتزاز الشعوب التي استضعفها الاستعمار أو جار عليها سلطان الفقر والحرمان أو أجرم في حقها سوء فهم العولمة. إن حقيقة السلم تدعونا اليوم أكثر من ذي قبل إلى فهم التسامح الإنساني على أنه ليس ذوبانا في الكيانات وليس مفهوما يلغي من خريطة الفكر العالمي فوارق الدين والعرق والثقافة.
حضارة ثقافة حوار سلم تعايش
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة