خطوات الشيطان .. رؤية قرآنية
محمد كاظم حسين الفتلاوي | Mohammad
05/02/2025 القراءات: 11 الملف المرفق
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
اما بعد..
من أكثر ما يحمي الإنسان المسلم من اتباع خطوات الشيطان إدراكه أنَّ عداوة الشيطان له أزليّة، قال تعالى: [إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا] سورة فاطر، الآية: 6، وتلك عداوة مودَعة في جبلَّتِه كعداوة الكلب للهرّ لأن جبلة الشيطان موكولة بإيقاع الناس في الفساد وأسوأ العواقب في قوالب محسَّنة مزينة، وشواهد ذلك تظهر للإِنسان في نفسه وفي الحوادث حيثما عثر عليها.
وقد توَّعد اللعين بإغواء بني آدم بكل الوسائل والأساليب البراقة في مظهرها الخبيثة في مضمونها، فتارةً يأتي الى الفتاة على شكل ناصح حريص مُحذّراً أيها من الحجاب، فإن وجد منها إصراراً على الالتزام زيَّن لها معاصي أُخرى وهكذا، وتكون الوقاية من وسواس الشيطان التزام ذكر الباري سبحانه، والابتعاد عن المكروهات لتجنب الوقوع في المحضورات، والإمساك عن فضول النظر والكلام.
معلوم ان الشيطان لا يمكن أن يجرّ أي إنسان مؤمن مرّة واحدة إلى الفساد وبخطوة واحدة، فذاك لا يحقق طموح الشيطان، فلهذا يستعمل مع الإنسان التدريج فيتمّ إغواءه خطوة بعد أُخرى حتى يقع بالمعصية، ومثال على خطواته:
الخطوة الأُولى: مرافقة الملوثين والمنحرفين.
الخطوة الثّانية: المشاركة في مجالسهم.
الخطوة الثّالثة: التفكير بارتكاب الذنوب.
الخطوة الرّابعة: ارتكاب الأعمال المشتبه بها.
الخطوة الخامسة: إرتكاب الذنوب الصغيرة.
فلا يكتفي الشيطان من المسلم والمسلمة بارتكاب الفواحش؛ بل يستمر في تزيينه واتتابع خطواته فتختل معايير الحسن والقبح، وهذا ما نلحظه في حال كثير من الشباب (ذكور واناث) حين يسير في طريق الشيطان فتجد أنه قد يقع في معصية وانحراف، وبعد مدة تجد انهم تمددا لمعصية وانحراف أكبر، وهكذا حتى يصل الأمر لمرحلة ترك الصلاة والحجاب والسير نحو انحراف أكبر، وهكذا. فيكون داعية للشيطان من حيث لا يشعر.
إذن لا بد من الحذر من الشيطان وخطواته لا سيما في زماننا الذي تنوعت فيه وسائل الفساد والإنحراف الديني والأخلاقي.
والقرآن الكريم كتاب هداية وارشاد وصلاح للإنسان وفي منهجه التربوي الفلاح والسعادة، لهذا يحذر من غايات الشيطان ووسائله الخبيثة، فيُبين لنا طرق إضلال الشيطان الرجيم، نذكر منها على سبيل المثال:
- إلقاء العداوة بين عباد الله، قال تعالى: [إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ .. فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ] سورة المائدة، الآية: 91..
- الصّدّ عن ذكر الله وخاصّة الصلاة، قال تعالى: [إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن... َيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ] سورة المائدة، الآية: 91.، وفي موضع آخر قال تعالى: [فَأنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ] سورة يوسف، الآية: 42.
- الوعد بالفقر: قال تعالى: [الشَّيْطَانُ یعدِکُم الفَقَر] سورة البقرة، الآية: 268.
- تزيين الذنوب وتجميل الأفكار والأعمال الباطلة: [قَالَ ربِّ بِما أَغويتَنِي لأُزَيننَّ لَهم فِي الأَرضِ] سورة الحجر، الآية: 39..
- تجميل الأنعم الدنيوية وتحبيب النساء والأولاد والأموال إلى الإنسان، قال تعالى: [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ] سورة آل عمران، الآية: 14، وسياق الآية في السورة هو تفضيل معالي الأمور وصالِح الأعمال على المشتهيات المخلوطةِ أنواعُها بحلال منها وحرام، والمعرَّضة للزوال، فإنّ الكمال بتزكية النفس لتبلُغ الدرجات القدسية، وتنال النعيم الأبدي العظيم، وفي ذلك عِظة المسلمين ألا يغترّوا بحال الذين كفروا فتعجبهم زينة الدنيا، وتلهيهم عن التهمّم بما به الفوز في الاخرة.
- الاضلال والتمنية بأن يُخيّل للإنسان بأنه سيدرك ما يتمنّاه من طول الأجل وغيره: [وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ] سورة النساء، الآية: 119، أي: اشغلهم بالأمنيات العريضة وطول الأمل ولأمنينهم.
- الأمر بالفحشاء وإشاعتها، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ] سورة النور، الآية: 21، أنه يكيد للإنسان بالوسوسة والإغراء، وفي هذه الآية الكريمة إرشاد لآدم وذريته، ونهي لهم عن اتباع خطوات الشيطان، لأنه عدو لهم، ومن شأن العدو أنه يسعى لمضرة عدوه.
وأخيراً.. نسأل الله سبحانه العفو والعافية والسلامة في الدين والدنيا
أ.د. محمد كاظم الفتلاوي
خطوات، الشيطان، القرآن
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع