تأثير الفضاء السيبراني على مفهومي الصراع والقوة في العلاقات الدولية
يونس الأزمي عبد الكريم | el Azami youness abdelkarim
11/05/2021 القراءات: 2345
تحول مفهوم الصراع في الفضاء الإلكتروني، من خلال تأثير التكنولوجية الرقمية على استخدامات مفهوم القوة في الصراعات الدولية وخاصة في مجال الحروب، فكثير من الدول تسعى للدخول لمجال الفضاء الإلكتروني كساحة للصراعات الدولية، وكمجال للحروب عن طريق استخدام القوة والقدرات التكنولوجية. فمفهوم القوة تأثر بالتكنولوجيا الرقمية، وانتقلت الدول من مستوى الحروب والتهديدات الأمنية التقليدية إلى مستوى حروب وتهديدات من نوع مختلف، وبوسائل وأساليب مختلفة، فالصراع الإلكتروني أحد أوجه الصراع الذي يهدد الأمن الدولي، حيث يستطيع أحد أطراف الصراع أن يوقع خسائر فادحة ويتسبب في شل البنية المعلوماتية والاتصالية للطرف المستهدف عن طريق أسلحة وقدرات تكنولوجية وعسكرية كبرامج التجسس والفيروسات، وبالتالي أصبح المفهوم الجديد للأمن القومي يدور في فلك الحفاظ على سلامة الدولة في ظل تلك التطورات التكنولوجية ومن ثم اختلفت آليات التعامل معها. وأصبح الأمن انعكاساً للمرحلة التاريخية التي يمر بها وطبيعة الصراع الدولي في ظل الموجة المعلوماتية التي يشهدها العالم ، وانعكس ذلك في تغير طبيعة الصراع والقوة وممارستها وفي إحداث تغييرات داخل البيئة الأمنية للنظام الدولي.
وأصبح الصراع الجديد يعنى بكل ما من شأنه التنافس والترابط التكنولوجي وارتباط شكله وانماطه في عصر المعلومات بمعرفة من يعرف؟ وأين؟ ولماذا؟ وكيف؟.
وأخذت ظاهرة استخدام القوة في العلاقات الدولية تأخذ شكلا جديداً في طبيعتها ووسائلها وأدواتها واتجه الصراع الدولي بالأساس نحو المغالبة والتنافس في ساحة الإنجازات الاقتصادية والنجاحات التجارية من فوز بتعاقدات وزيادة صادرات وانتزاع الفرص وصراع حول الأفكار والإبداع والذي أصبح يترجم في شكل منتجات تكسب أسواقا وتدر أموالاً، وسعت الأمم الظافرة بكل السبل للسطو على الأسرار الاقتصادية والتقنية والعلمية والتجارية للدول الأخرى حيث اصبح للاقتصاد الرقمي الجديد دور في خلق وظائف جديدة ورفع انتاجية العامل وتوزيع جديد للدخول بين الافراد وتحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار في المنتجات التكنولوجية والتجارة الالكترونية والتحويلات المالية وعمل البنوك واداء الحكومات الالكترونية وسهولة عملية انتقال رؤوس الاموال ، فقد استأثر اقتصاد المعرفة على 7% من الناتج القومي الاجمالي عالميا وتنمو بمعدل 10% سنويا ويبلغ نصيبه من حجم النمو الانتاجي للاتحاد الاوربي 50%، وتلعب عملية انتاج واستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والابتكار والموارد البشرية دورا هاما في هذا الاقتصاد واصبح موضع تنافس بين الدول والشركات حيث غلبة الصراع التقني والتجاري والاقتصادي على الصراع العسكري.
وأضاف الطابع التكنولوجي للصراع طرقاً بديلة عن الحرب المباشرة بين الدول أو بين الخصوم ، وأصبحت تلك الصراعات تحتاج لتحالفات من الحكومة والمنظمات الدولية والقطاع الخاص، وذلك في ظل نشأة أشكال جديدة من التنظيم الاجتماعي وأنماط جديدة من الصراعات الاجتماعية – السياسية والتعبير عن الصراعات الإثنية والعرقية.
وساعدت الثورة التكنولوجية في تغيير شكل الحرب وأدواتها وعمل اجهزة الجيش وأثرت على الفاعلين بها، وساهمت في إعادة التفكير في حركية وديناميكية الصراع وأدى ذلك لاختلاف درجات التهديد ومصادرة وطبيعته وأثاره على المجتمع الدولي. وظهر شكلين من الصراع في عصر المعلومات هما حرب الشبكات وحرب الفضاء الإلكتروني ، والتي جاءت مواكبة أو معبرة عن استخدام الآليات التقليدية للصراع ولكن بوجه تكنولوجي يتواكب مع العصر.
وانعكس ذلك في لعب دور اساسي في إحداث ثورة في الشئون العسكرية، وتعلقها بجميع مجالات وخدمات الحياة المدنية والبنية التحتية الكونية للمعلومات، وتزايدت بذلك العلاقة ما بين التكنولوجيا والأمن لارتباط الدول بها في عمليات الاتصالات والإنتاج والخدمات، والتي قد تكون هدفا سهلا للهجمات مع عملية الانتشار والتنوع في المصالح على المستوى الدولي.
وتطبيق تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في عمل أسلحة الدمار الشامل كالبرامج البيولوجية والكيماوية والنووية ، بما قد يحمل في مضمونه امكانية تعرضها لخطر الاستخدام الخاطئ أو التعرض لدرجات الأمان مع انتشار المعرفة التقنية والتعليمية الخاصة بالفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجيا مع إتاحة المعلومات في ظل ظهور مجتمع المعرفة .
وظهرت الحروب الجديدة في سياق دولي يغلب علية الطابع التكنولوجي، وذلك بخلاف الحروب القديمة بين الدول، والتي كان هدفها تحقيق اكبر درجة من الضرر للخصم والاستخدام المنظم للقوة في مواجهه قوة أخرى، ولكن نهاية الشكل القديم للحرب بين الدول لم يعن- بأي حال - انتهاء العنف، فشهد المجتمع الدولي بروز أنواع جديدة من العنف يمكن أن يطلق عليها "حروب جديدة "، وهذه الحروب يمكن أن تتم داخل الشبكات متعدية الحدود والتي قد تشمل دولاً وأطرافاً من غير الدول، ويكون هدفها ليس مجرد النصر العسكري بل قد يشمل التعبئة السياسية فقط بدلا من الإخضاع والسيطرة على إرادة الخصم، ويتم تعبئة المواطنين للمشاركة في المجهود الحربي سواء بالانضمام للجيش أو إنتاج أسلحة، وعلى عكس الحروب القديمة قد لا يتم توجيه العنف مباشرة للعدو، وذلك مع سهولة مد شبكات التطرف والعنف واختراق امن الدول الداخلي، واصبح هناك عدم اعتماد كامل على المعارك العسكرية التقليدية بل اخذت صورا للتنافس والصراع على المعطيات التكنولوجية.
هذا بالإضافة الى ظهورالارهاب الجديد الممتزج بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات كشكل جديد للتهديدات الأمنية الجديدة للمجتمع الدولي وأصبح أكثر إلحاحا من أنواع الإرهاب التقليدي وذلك ينبع من خصائصه وآثاره وطبيعة أطرافه وإمكانية استخدامه في كافة الأنشطة الحساسة والأكثر تهديدا للأمن الدولي كالإرهاب النووي والبيولوجي والكيماوي والالكتروني .
العلاقات الدولية ، الحروب السيبرانية ، القوة ، الصراع .
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع