مدونة أ.د/ منى محمود عبد الجليل/ أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعه الازهر- مصر


التخصصات الإنسانية: نبض المجتمع وروح الإبداع

أ.د/ منى محمود عبد الجليل / كلية الإعلام | Mona Mahmoud Abdalglil


14/08/2024 القراءات: 650  


تزامنا مع ظهور نتيجة الثانوية العامة وارتفاع الأصوات التي تقلل من أهمية العلوم الأدبية والإنسانية مع ملاحظة تهافت جميع الطلاب وأولياء الأمور لدراسة تخصصات تكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلي والذكاء الاصطناعي وغيرها من علوم العصر، وعلى الرغم من أهمية هذه التخصصات في الوقت الحاضر إلا أن التخصصات الإنسانية والأدبية لا تقل عن أهميتها؛ حيث تؤدي الأخيرة دورًا حيويًا وأساسيًا في تشكيل وتطوير المجتمعات، فهي تتعامل مع القيم والثقافات، وتسهم في فهم الإنسان لنفسه وللعالم من حوله، وفي هذا المقال، سنستعرض أهمية العلوم الإنسانية ودورها الحيوي في المجتمع من خلال ما يلي:  أولا: يعد فهم الطبيعة البشرية والثقافات المختلفة أحد الأهداف الرئيسة للعلوم الإنسانية سواء كان ذلك من خلال الفلسفة، الأدب، التاريخ، علم النفس، أو الأنثروبولوجيا، وتتيح هذه العلوم للإنسان فهم نفسه بشكل أفضل من خلال استكشاف تجاربه، معتقداته، وأفعاله عبر الزمن، ومن خلال دراسة الثقافات المختلفة، يمكننا تعزيز التفاهم بين الشعوب وتقدير التنوع الثقافي، مما يسهم في تعزيز السلام والتعايش في المجتمع.  ثانيا: تُعتبر العلوم الإنسانية أساسية في تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي. من خلال دراسة النصوص الأدبية، الفلسفية، والتاريخية، يتعلم الطلاب كيفية تحليل الأفكار، وتقييم الحجج، وفهم السياقات التاريخية والاجتماعية التي تؤثر على الفكر الإنساني. هذه المهارات ضرورية ليس فقط في الحياة الأكاديمية، بل في الحياة اليومية واتخاذ القرارات المستنيرة. ثالثا: تؤدي العلوم الإنسانية دورًا محوريًا في تطوير الوعي الأخلاقي والاجتماعي، فمن خلال دراسة الفلسفة والأخلاق يتعلم الطلاب كيفية التفكير في القضايا الأخلاقية المعقدة وفهم التحديات الأخلاقية التي تواجه المجتمعات، كما تساعد الدراسات الإنسانية في تطوير حس المسؤولية الاجتماعية وتشجيع المشاركة الفعالة في المجتمع. رابعا: تسهم العلوم الإنسانية في التنمية الذاتية من خلال تمكين الأفراد من فهم أنفسهم والعالم من حولهم، فإن دراسة الأدب والفلسفة والفنون يمكن أن تكون مصادر للإلهام والتأمل، مما يساعد الأفراد على تشكيل هويتهم الثقافية والشخصية، ولا شك ان هذا الفهم العميق للذات والآخر يسهم في تعزيز الشعور بالانتماء والمساهمة في بناء مجتمع متماسك. خامسا: لقد غفل المنادون بتقليص المواد الإنسانية والأدبية في المراحل التعليمية مثل ماده التاريخ والجغرافيا والمنطق وعلم النفس... وغيرها أن هذه المواد ليست فقط للتأمل في الماضي أو التحليل النظري؛ بل هي أيضًا مصدرا للإبداع والابتكار؛ فمن خلال دراسة الأدب، الفنون، والتاريخ يتمكن الأفراد من فهم تطور الأفكار والتجارب الإنسانية، مما يمكنهم من الإبداع وتقديم حلول جديدة للتحديات المعاصرة وهذا النوع من التفكير خارج الصندوق هو أمر حيوي في مجالات مثل ريادة الأعمال، الإعلام، والسياسة... واخيرا لا يمكن لأي عقل واع ان ينكر اهمية العلوم الإنسانية وان لها دور لا غنى عنه في المجتمع، من خلال تعزيز الفهم العميق للإنسانية، وتطوير التفكير النقدي، وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية، ومن هنا تصنع وتزدهر القوة الناعمة في اي مجتمع، ورغم جميع التحديات التي قد تواجه العلوم الأدبية والانسانية في العصر الحديث، إلا أنها تظل جزءًا أساسيًا من تطوير الفرد والمجتمع. فمن خلالها يمكننا بناء مجتمع أكثر تفهمًا وإبداعًا وتسامحًا.


العلوم الانسانية،المجتمع،الابداع،التطور


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع