التزامات عقد البيع، مدى صحة بيع الراهن للمرهون.
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
05/11/2021 القراءات: 3568 الملف المرفق
أصدرت حينما كنت قاضياً في المحكمة الابتدائية بنزوى بسلطنة عمان، حكماً في دعوى مدنية، وكان الحكم - بفضل الله تعالى - نتاج بحث علمي، دار حول عقد البيع والتزاماته المترتبة عليه، ومدى صحّة بيع المرهون. ومفاد البحث الآتي: أولاً: أنّ "العقد شريعة المتعاقدين"، وأنّه من المقرر قانوناً طبقاً للمادة (355) من قانون المعاملات المدنية أنّ البيع هو عقد تمليك مال أو حق مالي مقابل ثمن نقدي، وطبقاً للمادتين (379) و(411) أنّ عقد البيع تترتّب عليه التزامات على كلٍّ من البائع والمشتري، فعلى المشتري تسليم الثمن وعلى البائع تسليم المبيع. وكان قد ثبت بموجب عقد البيع أنّ البائع باع للمشتري مركبة على أن يتحمل المشتري الشيكات المتبقية من شهر كذا لغاية آخر شيك، مع الاتفاق على أن تبقى الشيكاتُ باسم البائع، فلا يحق للمشتري المطالبة بنقل الشيكات من اسمه؛ إذ ذلك يخالف ما تم التعاقد عليه. كما أنّ طلب البائع بأن يؤدي له المشتري مبلغ ألفين وخمسين ريالاً عمانياً (2.050ر.ع)، وهي التي دفعها البائع للشركة المموّلة للمركبة قبل التعاقد على بيعها للمشتري، هو طلب يخالف الالتزامات المبيّنة في عقد البيع، فالتزام المشتري أن يدفع قيمة الشيكات المتبقية من تأريخ عقد البيع؛ فتلك هي قيمة المركبة، ولا علاقة للمشتري بما تمّ دفعه من قبل البائع قبل عقد البيع. كما أنّ البائع قد اضطرّ لدفع قيمة بعض الشيكات التي أعقبت عقد البيع؛ خشية المسؤولية القانونية المترتبة على الشيكات؛ بسبب تأخّر المشتري عن دفعها للشركة، وذلك لأنّ الشيكات باسم البائع، فطلبَ البائع إلزام المشتري بدفع قيمة هذه الشيكات له، وذلك طلب وجيه بناء على التزام المشتري في عقد البيع. وثانياً: أنّ الرهن هو جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع وثيقة بدين بحيث يمكن أخذ الدين كلّه أو بعضه من تلك العين، وأنّ أهل العلم قد اختلفوا في بيع الراهن (المدين) للمرهون؛ فقيل: ببطلان البيع إلا أن يوفي المدين الدائن حقّه أو يأذن الدائن في بيعه، وقيل: ببطلان البيع ولو أوفاه حقّه حتى يجدّد البيع من بعد وفاء الحق؛ لما تعلّق به من حقّ الغير فيه، وعليه فيرد الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد( ينظر: الكندي، أحمد بن عبدالله، المصنّف، ج25، ص189)، وقد جرى قانون المعاملات المدنية على صحة تصرف الراهن في المرهون رهناً تأمينياً، حيث نصّت المادة (1010) منه على أنّ "الرهن التأميني عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أيّ يد يكون"، ونصّت المادة (1021) على أنّ "للراهن أن يتصرف في عقاره المرهون دون أن يؤثر ذلك على حقوق الدائن المرتهن"، ونصّت المادة (1020) على أنّه "تسري أحكام الرهن على المنقول الذي تقتضي قوانينه الخاصة تسجيله". وكان المشتري قد طالب بردّ قيمة الأقساط التي دفعها للشركة المموّلة بناء على بطلان البيع، ونتيجة لمفاد البحث المذكور، ولأنّ المركبة هي منقول تقتضي القوانين تسجيله مرهوناً رهناً تأمينياً، والمشتري قد اشترى وهو يعلم بكونها مرهونة، فالبيع صحيح، بناء على قول لبعض أهل العلم، وهو ما أخذ به قانون المعاملات المدنيّة؛ فلا حقّ للمشتري للمطالبة بردّ ما دفعه من قيمة الأقساط.
البيع، التزام، الرهن،
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع