مدونة بشار أحمد نرش


التغلغل العسكري الإيراني في الجنوب السوري ” الأبعاد والمستويات ومسارات المستقبل”

بشار أحمد نرش | Bashar Ahmad Narsh


08/08/2021 القراءات: 1827  


مقدمة:
منذ اندلاع الثورة الشعبية في سورية في آذار من عام 2011، استطاعت فصائل الجيش الحر السيطرة على مساحات واسعة من الجغرافية السورية، بعد أن خاضت معارك عديدة مع قوات النظام السوري، كبّدتها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، لدرجة أنّ النظام السوري وصل في عام 2012 إلى حافة الانهيار لولا التدخّل العسكري الإيراني، الذي جاء وفق قاعدة اغتنام الفرص ودرء المخاطر، لتدخل إيران وميليشياتها العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية في صلب المعارك وتقودها، مما عكس زخم الصراع لصالح قوات النظام السوري ، توضّح بشكلٍ جليٍ بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في خريف 2015، لتبدأ قوات النظام والميليشيات التابعة لها بالاستحواذ على المناطق التي خسرتها خلال السنوات الماضية.

ومنذ تدخلها العسكري في سورية، بادرت إيران إلى توطيد نفوذها العسكري من خلال إعادة تعريف وجودها في سورية عبر إنشاء قوات الدفاع الوطني المحلية التي تدعم كتائب محددة داخل جيش النظام السوري، ومحاولات دمجها مع الميليشيات الشيعية الأخرى ضمن هياكل الجيش السوري، إلى جانب تأسيس قواعد عسكرية استراتيجية في العديد من المناطق الحيوية في سورية، وخصوصاً على الحدود مع العراق ولبنان وفلسطين المحتلة، وكذلك سيطرتها على العديد من الوحدات العسكرية التابعة لجيش النظام السوري وربط شبكة من الضباط السوريين بضباطها من الحرس الثوري وفيلق القدس، فعززت بذلك من قدراتها العسكرية في سورية، وبمرور الوقت نجحت في الوجود عسكرياً في الجنوب السوري على مقربة من خط الفصل في الجولان المحتل، مع كل ما يعنيه ذلك من محاولة خلق وضع أمني على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة شبيه للوضع الأمني الناشئ عن وجود “حزب الله” في لبنان.



انطلاقاً مما سبق، جاءت هذه الدراسة لرصد أدوات التغلغل العسكري الإيراني في الجنوب السوري بمحافظاته الثلاث درعا والسويداء و القنيطرة في محاولة لسرد تفاصيل الوجود العسكري الإيراني في المنطقة، مع إبراز لأهم الميليشيات والمجموعات التابعة لإيران والمدعومة من قبلها في المنطقة، مع توضيح الدور العسكري لها وأهدافها، وذلك من خلال الحديث عن مقاربات إيران للتغلغل العسكري في سورية بعد عام 2011، وأهداف التغلغل العسكري الإيراني في الجنوب السوري وأشكاله ومستوياته قبل الحديث عن مسارات مستقبل التغلغل العسكري الإيراني في المنطقة.

أولاً: مقاربات إيران للتغلغل في سورية بعد عام 2011

منذ الأيام الأولى للثورة السورية، انخرطت إيران بالحرب على الشعب السوري من خلال دعمها الواضح والصريح للنظام السوري في قمع المظاهرات السلمية التي خرجت للمطالبة بالإصلاحات ومن ثم اسقاط النظام، مستغلةً بذلك العلاقة الوثيقة التي كانت تربطها برئيس النظام السوري بشار الأسد قبل اندلاع الثورة السورية.

ومنذ ذلك الوقت، مارست إيران مقاربات مختلفة لتحقيق أهدافها بالتغلغل الواسع (الأفقي والعمودي) داخل كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها وحتى داخل نسيجها الاجتماعي (Saban,2020)، بحيث يمكن الحديث عن ثلاث مقاربات للتغلغل الإيراني داخل سورية، وهي:

المقاربة الأولى:
ركزت المقاربة الأولى على مشاركة ضباط من الحرس الثوري الإيراني في قمع المظاهرات السلمية ودعم النظام السوري وتقديم المشورة له، مع العمل المباشر على تجنيد الميلشيات المحلية واستقدام الميليشيات الأجنبية لمساندة النظام ودعمه (Saban,2020)، واستندت هذه المقاربة على استخدام الدين لاستقطاب أكبر عدد ممكن من أبناء الطائفة الشيعية للقتال في سورية، وذلك عبر الترويج المكثف لما أسمته “الجماعات السنية الجهادية التكفيرية” بوصفها تهديداً، ليس للنظام السوري “العلوي” فقط، وإنّما للهوية الشيعية في بيئة “الشرق الأوسط” (العربي، 2013)، الأمر الذي ساهم في تشكيل العشرات من الميليشيات الشيعية وانخراط الآلاف من الشباب الشيعة في هذه الميليشيات، بعد أن جرى إغراءهم بالمال والعاطفة الدينية (الفلاحي، 2019).

كما كان لافتاً، الإيعاز الإيراني لميليشيا حزب الله اللبناني بالدخول إلى سورية لمساندة النظام، ودعمه من خلال المشاركة في المعارك بحجج الدفاع عن المراقد الشيعية الموجودة في مختلف المناطق السورية (عزيز، 2016)، ومع توالي الفتاوى الدينية التي تدعو للقتال إلى جانب النظام السوري، تعزز وجود المليشيات الشيعية، التي حملت أسماء ذات دلالات مذهبية، في سورية وقتالها إلى جانب النظام السوري (عامر، 2017).



وبذلك حققت الميليشيات الشيعية حضور كبير وواضح في سورية، وسيطرت على مواقع عسكرية ومدنية، لدرجة أنها احتكرت إدارة بعض الأحياء والبلدات من الناحية الأمنية وخصوصاً البلدات والأحياء التي حوت على مراقد ومزارات دينية شيعية كالسيدة زينب ومحيطها في جنوب دمشق.

لقراءة المادة بشكل كامل يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية
https://www.mari-center.org/?p=2172


سورية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع