مدونة د. محمد عدنان علي الزبر


نوصيكم بالقطاع الخاص خيراً فانه آمل العاطلين عن العمل

د. محمد عدنان علي الزبر | Dr.Mohammed Adnan Ali Zeber


26/10/2020 القراءات: 993  


في أواخر سنة 2015 ونتيجة التظاهرات الشعبية في العراق التي خرجت بين الفينة والاخرى وحزمة الاصلاحات التي شرع رئيس مجلس الوزراء حينها استجابة لضغوطات الشارع، وبعدما لاح العجز المالي للدولة في الافق وظهرت علامات الخيبة من استيعاب الالاف الشباب العاطلين عن العمل، وتصريح رئيس مجلس الوزراء في اكثر من مناسبة على ضرورة تفعيل القطاع الخاص ودعمه، فكان نتاج هذه التظاهرات وتلك التصريحات ان قام مجلس النواب العراقي بتشريع قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 ليحل محل سابقه القانون رقم 71 لسنة 1987 وعدد من القرارات ذات الصلة، فدخل القانون الجديد حيز النفاذ بعد ثلاثة اشهر من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية (الوقائع)، على اعتباره نُشر بتأريخ 9 / 11 / 2015، وما كان من كاتب هذه السطور إلا ان يُسارع في شرح أحكام هذا القانون حتى قبل ان يدخل حيز النفاذ وتدريس هذه الاحكام الى طلابه في إحدى كليات القانون العراقية ظنا منه ان العراق بعدما أُثبت عجزه المالي بسبب حربه ضد داعش واستشراء الفساد سيتجه بما لا يُثير الشك الى القطاع الخاص، لآنه الامل الوحيد الذي يمكن التعويل عليه في حل الازمة والسير قدما بهذا البلد نحو تطوير ادواته في التعامل مع القطاع الخاص والعاملين فيه، لاستيعاب آلاف العاطلين عن العمل والدفع بعجلة الاستثمار الى الامام من خلال توفير البيئة الملائمة للاستثمار الوطني والاجنبي من جانب، ومن جانب اخر توفير الضمان الكافي للعامل ليجد لنفسه الاستقرار في العمل وبذلك يغنيه عن البحث عن التوظيف في دوائر الدولة لما سيجده في القطاع الخاص من ميزة مالية أفضل وحقوق مُصانة بموجب قانون العمل فضلا عن الضمان الاجتماعي الذي يوفر له الحياة الكريمة اذا ما اصابته احدى المخاطر الاجتماعية التي تستوجب الضمان عنها.
لماذا القطاع الخاص؟
مهما كانت الدولة تتمتع بالوفرة المالية فهي لا يمكن ان تستوعب كل الطاقات العاملة كما لا يمكن لها ان تخصص معظم مواردها لتكون موارد تشغيلية لرواتب ومخصصات، وتُتخم دوائرها الحكومية بالموظفين الذين يصح القول عنهم بانهم باب من ابواب البطالة المقنعة الذين تتحمل الدولة وزر بطالتهم من مواردها لاعتبارات كثيرا منها انتخابية أو تهدئة الشارع كلما يطفح كيله، في حين يمكن الاستفادة من هذه الطاقات في مختلف الميادين الاخرى والقطاعات الاخرى الخاصة التي اذا ما توسعت لاسيما الشركات الاجنبية تعني المزيد من العملة الاجنبية، وتنشيط الاقتصاد الوطني ناهيك عن الاستفادة من التجارب المختلفة التي تتمتع بها الشركات الوطنية والاجنبية على اختلاف اختصاصاتها وميادين عملها، ونكون في ذات الوقت قد وفرنا الاف الفرص للعاطلين عن العمل وقد طورنا من كفئاتهم بدلا من جلوسهم في دوائر الدولة ليتقاضوا الرواتب عن بطالتهم المقنعة!.
الاستثمار في العراق كالكعكة بلا طعم!:
على الرغم من مما تقدم نجد ان الاستثمار في العراق كما يصفه احد الباحثين في الجامعات البريطانية بانه كعكة بلا سكر أو بلا طعم، على اعتبار ان معظم الشركات الاجنبية ترغب في الاستثمار في العراق لما يتمتع به من مميزات جغرافية فضلا عن موارده وغيرها من العوامل فيكون بذلك (كالكعكة)، وما يسوده من فساد على اختلاف قطاعاته لدرجة انه يعيق ويغلق الباب بوجه كل من يريد ان يستثمر ان لم تكن لديه الرغبة في المساهمة في الفساد، وهذا الامر اكثر ما تخشاه الشركات الاجنبية الرصينة التي تسعى جاهدةً للحفاظ على سُمعتها على الصعيد العالمي، وبذلك تكون هذه الكعكة (بلا طعم)، وبالتالي لا يرغب أحد بتناولها.
قانون العمل العراقي النافذ بحاجة الى تطبيق:
ان تشجيع القطاع الخاص وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار وحده غير كافي مالم يُفعل قانون العمل العراقي والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق العامل والضمانات الاساسية التي نصت عليها، بما فيها انه لا يجوز تشغيل من هم دون سن الخامس عشر سنة، والاجازات وأوقات العمل وحماية أُجور العامل، وضمانات العامل القانونية في فرض العقوبة الانضباطية حتى لا يكون تحت سطوة صاحب العمل متى وكيف يشاء في فرضها، والاستقرار في العمل حتى لا يكون العامل مهدد في طرده متى ما شاء صاحب العمل، التي أكد على جميعها قانون العمل العراقي النافذ، فضلا عن القوانين الاخرى التي لها صلة بالقطاع الخاص كقانون التعليم العالي الاهلي رقم 25 لسنة 2016، وتعود مسؤولية متابعة تطبيق احكام القوانين المعنية بضمانات وحقوق العاملين في القطاع الخاص، كل من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالدرجة الاولى فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانون العمل، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيما يتعلق بالكليات والجامعات الاهلية وتطبيق قانون الكليات الاهلية المذكور والقوانين ذات العلاقة فضلا عن القرارات والتعليمات المرتبطة بهذا القطاع، ووزارة ومديريات التربية فيما يتعلق بالمدارس الاهلية، ليقع على عاتق جميع هذه الوزارات وكل من منطلق اختصاصها فضلا عن غيرها من الجهات، الواجب الرقابي، للتأسيس لدولة تحترم الانسان وتصون حقوقه، والعمل على الافعال لا بردود الافعال.


القطاع الخاص، تشغيل العاطلين عن العمل، الاستثمار في العراق


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع