مدونة الدكتور عصام صبحي صالح شرير


المبحث الأول: حقيقة تنقيح المناط

د. عصام صبحي صالح شرير | esam sobhi salih shrair


21/10/2020 القراءات: 3541  


المبحث الأول حقيقة تنقيح المناط المطلب الأول: تعريـف المنـاط: أولاً: المناط لغةً: المناط من الفعل ناط ينوط نوطاً، والجمع أنواط، ويدل على معنى واحد، وهو: تعليق شيء بشيء، ومنه قولهم: ناط القربة بنياطها، أي علقها، ومنه ذات أنواط( )، وهي اسم شجرة بعينها كان المشركون ينوطون بها سلاحهم ويعكفون حولها( ). ثانياً: المناط اصطلاحاً: هناك اتجاهان في تعريف المناط، اتجاه يرى أنها لا تختلف عن العلة التي هي ركن القياس، والتي يعلق عليها الحكم، وهذا ما سار عليه أكثر الأصوليين في كتاباتهم( )، بينما نجد اتجاهاً آخرَ يعتبر المناط أوسع من العلة، فيجعلها لكل ما ربط به الحكم الشرعي وعلق عليه، سواء كان مضمون قاعدة تشريعية أو فقهية، أو أصل كلي، أو علة نص جزئي( ). المطلب الثاني: تعريف تنقيح المناط: أولاً: التنقيح لغةً: التنقيح مصدر الفعل نقّح ينقّح، ويأتي في اللغة لعدة معان تدور حول: التهذيب والتشذيب والتخليص، ومنه تنقيح الجذع؛ أي: تشذيبه وتهذيبه حتى يخلص من الشوائب، نَقَّحَ الكلام هذبه( ). ثانياً: تنقيح المناط اصطلاحاً( ): تعريفات الأصوليين لتنقيح المناط ترجع إلى منهجين: الأول: تعريفه على أنه اجتهاد في الحذف والتعيين وهذا لأكثر الأصوليين( )، والثاني: تعريفه بأنه إلغاء الفارق( ). ومن تعريفات المنهج الأول تعريف الشاطبي: " هو أن يكون الوصف المعتبر في الحكم مذكوراً مع غيره في النص فيُنقَّح بالاجتهاد، حتى يتميز ما هو معتبر مما هو ملغي"( ). بينما كانت تعريفات الاتجاه الآخر قال البيضاوي في تعريفه: "أن يبين إلغاء الفارق"( )، ثم أتبعه الإسنوي شرحاً بقوله: "أن يبين المستدل إلغاء الفارق بين الأصل والفرع، وحينئذٍ فيلزم اشتراكهما في الحكم"( ). والمتأمل لا يجد الخلاف جوهرياً بينهما، ذلك أن مآلهما واحد، وهو: تعيين المناط الذي علق عليه الحكم، وهذا ما جعل بعض أعلام الأصول يجعلونهما مسماً واحداً، أو يجعلون إلغاء الفارق قسماً من تنقيح المناط؛ لأن التنقيح تخليص وتصفية، وبإلغاء الفارق يصفو الوصف ويخلص للعلية( ). )) جاء في حديث أبي واقد الليثي : ( أن رسول الله  لما خرج إلى حنين مرَّ بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي  سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم). الترمذي: سنن الترمذي (4/49)، ح2180. وقال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح . )) انظر: الفيومي: المصباح المنير374 ، ابن منظور: لسان العرب7/418. )) انظر: الغزالي: المستصفى في علم الأصول 2/97، ابن قدامة: روضة الناظر وجنة المناظر 2/229، الزركشي: البحر المحيط في أصول الفقه 5/418 . )) انظر: الشاطبي: الموافقات في أصول الشريعة 2/361، الدريني: بحوث مقارنة في الفقه وأصوله 1/124 (الهامش)، الزرقا: المدخل الفقهي العام 2/965، شرير: تحقيق المناط وأثره في اختلاف الفقهاء 14. )) انظر: الحسيني: تاج العروس 7/193، ابن منظور: لسان العرب 2/624 . )) لم أتوسع في البحث في مفهوم تنقيح المناط والمصطلحات المتصلة به، وحجيته ومباحثه، واقتصرت على تعريفه اصطلاحاً؛ لمحدودية صفحات البحث، ولأن موضوع البحث بالدرجة الأولى التطبيقات الطبية المعاصرة لتنقيح المناط، وبيان وجه الاجتهاد فيها، ولمزيد من التوسع في مباحث تنقيح المناط. يراجع: بلقاسم الزبيدي: الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي، حمدان الشمري: نفي الفارق وتطبيقاته في المغني لابن قدامة، ناصر بورورو: تنقيح المناط عند الأصوليين وتطبيقاته الفقهية، عصام شرير: تحقيق المناط وأثره في اختلاف الفقهاء. )) الآمدي: الإحكام 2/ 264، الغزالي/ المستصفى 2/98 ، ابن قدامه: روضة الناظر 2/232، ابن تيمية: مجموعة الفتاوى10/11، الشاطبي: الموافقات 2/365، ابن النجار: شرح الكوكب المنير 4/131. )) انظر: الغزالي/ شفاء الغليل : 412 ، القرافي/ شرح تنقيح الفصول: 2/156، البيضاوي: منهاج الوصول إلى علم الأصول وعليه شرح الإسنوي والبدخشي: 3/99، ابن السبكي: الإبهاج 3/80 ، الشوكاني: إرشاد الفحول 2/641. )) الشاطبي: الموافقات 2/365. )) البيضاوي: منهاج الوصول إلى علم الأصول وعليه شرح الإسنوي والبدخشي: 3/99 . )) الإسنوي: نهاية السول 3/100. )) انظر: الغزالي: شفاء الغليل: 422، ابن السبكي: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب 4/355، الطوفي: شرح مختصر الروضة 3/244، الشنقيطي: نثر الورود على مراقي السعود 2/523.


تنقيح - المناط


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع