مدونة أستاذ دكتور منى كامل تركي- استاذ القانون الدولي العام
حقوق الأطفال وحمايتهم من الاستغلال والإيذاء
أستاذ دكتور منى كامل تركي | Prof. Mona Kamel Tourky
21/10/2020 القراءات: 909
إن حقوق الطفل تتطلب حماية خاصة تستدعي تحسيناً مستمراً لحالة الأطفال في جميع أنحاء العالم وكذلك نماؤهم وتعليمهم في ظروف السلم والأمن، وخاصة أن هناك حالة لا تزال حرجة نتيجة للظروف الاجتماعية غير الملاءمة وللكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة والاستغلال والأمية والجوع والعجز، فالطفل كي يترعرع شخصيته ترعرعاً كاملاً ومتناسقاً ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم وإعداده إعداداً كاملاً ومتناسقاً ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا وروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء.
فالطفولة هي نبت الحياة ومعبر البشرية من جيل إلى جيل وهم زينة الحياة الدنيا لقوله تعالى: ﴿ المال والبنون زينة الحياة الدنيا ﴾، فهم أمل المجتمع في الغد الأفضل، وهي أهم المراحل الأساسية في حياة الإنسان الذي تبني عليه اتجاهات المستقبل الإنساني، ومن خلالها يخطو ويتفاعل مع معطيات الحياة المحيطة سلباً وإيجاباً وقد كفلت الشريعة الإسلامية حقوق الطفل وبسط حمايته منذ لحظة زواج الوالدين، فأوجبت على الزوج أن يحسن اختيار الزوجة الصالحة وأم أولاده في المستقبل وذلك حرصاً على مصلحة الطفل قبل مولده، وكفلت حقه في الحياة فحرمت الإجهاض، وكفلت حقه في الميراث، وحقه في التربية الصالحة وحقه في التعليم وكافة الحقوق.
فحق الأطفال في الحياة ذكراً أو أنثى قررته الشريعة الإسلامية كحق شرعي، فمن حق كل إنسان أن يتمتع بحياته وأن يعيش آمناً على دمه ونفسه، ومن حقه أن يدافع عن نفسه ويدفع كل خطر يهدده، ومن حقه أن يهيأ له كل ما يبقي على حياته من وسائل العيش من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتطبيب ودواء، وفي بيان الحاجات الأصلية للإنسان لقوله تعالى: ﴿ إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ﴾، وجاء تحريم الإجهاض لحق الإنسان في الحياة ذكراً أو أنثى، وجعل الإسلام للجنين المقتول خطأ دية معلومة في الشريعة ليقدم أعظم تشريع لقيمة الحياة الإنسانية وحق الحياة وهذا التحريم يشمل إسقاط الجنين بالإجهاض وإن كان ابن زنا، إلا إذا كان في ذلك إنقاذ لحياة الأم التي هي أصل حياته وكان ذلك ضرورة لازمة شرعاً وعقلاً وصحة.
كما أن من حقه تحصيل نفقة من والديه وفقاً للفقرة 4 المادة 27/ من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي) والتي أوجبت نفقة الصغير الذي لا مال له على أبيه وعند عدم يسر الأب تكون النفقة على الأم الموسرة إذا فقد الأب ولا مال له، أو عجز عن الإنفاق، بالإضافة إلي أنه قد أوجب نفقة اللقيط مجهول الأبوين على الدولة وبذلك تحق نفقة الطفل على والده بموجب قانون الأحوال الشخصية أو من الأشخاص الآخرين المسئولين عن الطفل بالنفقة وهذه النفقة تكون عاجلة تدفع فوراً في حالة الزوجية أو انفصال الوالدين، وتستمر النفقة لحين يبلغ الطفل القدرة على العمل والاعتماد على النفس وكسب الرزق وفي حالة تعذر ذلك، فتقوم الدولة بتقديم المساعدة المادية للطفل إذا لم يكن له عائل حيث يكفل قانون المساعدات الاجتماعية في وضع الطفل من ضمن الفئات المستحقة للرعاية الاجتماعية إذا ثبت عدم كفاية دخل الوالدين أو عجزهم عن الإنفاق.
وقد اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة كافة التدابير التي من خلالها يتم توفير الحماية الخاصة للأطفال سواء كان ذلك في الدستور أو القوانين والتشريعات الاتحادية حيث اختص القانون الاتحادي رقم (51) لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، واستكمل تدبير الحماية بالنص على تغليظ العقوبة ضد مرتكب هذه الأفعال تجاه الأطفال، بالسجن المؤبد، بدلاً من السجن المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات إذا كان المجني عليه طفلاً أو من المعاقين ولحماية الأطفال من الاستغلال تتخذ السلطات المختصة بعض الإجراءات تتضمن عدم إعطاء الإذن بالدخول للأطفال من بعض الدول إذا كانت أسماؤهم مضافة على جوازات سفر الأهل أو الأقارب وذلك بهدف حمايتهم من التعرض للاستغلال وتركز الدولة على ضرورة أن يحرز مثل هؤلاء الأطفال جوازات سفر منفصلة، وتأشيرات دخول منفصلة، لضمان التقيد بالأنظمة، ولتمكين العاملين في الهجرة والجوازات من التعرف على الأطفال خلال دخولهم الدولة، والتأكد من عودتهم إلى بلادهم الأصل مع أهاليهم وأقاربهم ، فالاعتداء على هذا الحق جريمة لا ينبغي التساهل مع مقترفها، ولا ينبغي النظر إليه من عين الرأفة والعطف والشفقة، فالحفاظ على الجماعة أولى من التبرير لخطأ الفرد أو عمده.
وتكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة، وترعى الأطفال، وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئهم الصحية من كافة النواحي في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية وكذلك توفير أنظمة الرعاية الصحية المعمول بها في الدولة، وتطوير قدراتها في مجال الرعاية الصحية والوقائية والعلاجية والنفسية والإرشاد الصحي المتعلق بصحة الطفل وتغذيته وحمايته كما تعمل السلطات المختصة والجهات المعنية على تقديم الرعاية الصحية لأمهات قبل الولادة وبعدها وفق التشريعات السارية، كما تتخذ التدابير التي تكفل وقاية الطفل من مخاطر التلوث البيئي والقيام بدور فعال في مجال الوقاية والإرشاد الصحي بمجالات الطفل واتخاذ تدابير اللازمة لحماية وقاية الاطفال من استخدام المواد المخدرة والمسكرة والمنشطة ودعم نظام الصحة المدرسية والوقاية من الإصابة بالأمراض المعدية والخطرة والمزمنة.
حقوق- الأطفال- الإساءة- الإيذاء- حق شرعي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع