مدونة زينب صلاح إبراهيم علام


"الوصول للحق هبة من الحق" (عن أنس المحبين بالذكرى)

زينب صلاح إبراهيم علام | Zinab Salah Ebrahem Alam


05/01/2024 القراءات: 1086  


جميل أن يدرك أحدنا إمكانية إجراء محادثة مع آخرين من دون أي وسيلة اتصال، قد يبدو الأمر غريبا بعض الشئ، وقد يذهب البعض إلى الاعتقاد أني ربما هنا أقصد مسألة التخاطر تلك، ولكن الأمر أبسط من هذا بكثير؛ كل ما في الأمر أننا من تعاملاتنا مع بعض الأشخاص بمرور الوقت قد نستطيع توقع ردة فعلهم من خلال معرفتنا بشخصياتهم وتجريبنا لسلوكهم في المواقف المختلفة الأمر الذي يُمكننا من الإجابة على سؤال ماذا كان سيقول فلاناً أو يفعل في حال كذا أو كذا؟... ، أو أبسط من هذا قد يمر بشخص مع أحدهم مسألة ما دار عليها نقاش أو طُرحت في مجلسهما لسبب ما وأَبدى ذلك الآخر أو كلاهما وجهة نظره فيها وربما اختلفا معاً... ، وبعد مدة من الزمن قد يتكرر وُروده لنفس المسألة وحينها قد تنشأ لديه ردوداً جديدة تُحيلها مخيلته لزمان النقاش السابق ويبدأ في مُدارسته مع صاحبه وفق ما قد قيل أنفاً، ولعله في السابق كان قد اتخذ موقفاً مُعارضاً تَحول مع مرور الوقت لموقف المؤيد بسبب تنامي المعارف أو زيادة الخبرات أو حتى لمجرد إتساع الإدراك ، ولربما وجد في انتصار عقله أخيراً لصالح رأي صاحبه شئ من الأُنس به لإعادة حبل من الود قد أتصل رغم الفراق، ولعلي هنا أعترف بتجريبي لهذه الأحوال ومن أكثر المسائل التي حقيقةً ابتسم في سخرية من جهلي الماضي في كل مرة تتكرر عليَ نفس المُسلمة التي كان قد سبق إنكاري لها وبعدُ أضحت لدى قناعة، هي ما طُرح يوما ما عن مقولة "من أدرك علماً أدرك كل العلوم" أو هي "من برع في علمٍ واحد سَهُل عليه كل العلوم" تلك المقولة التي تحدى بها الفَراء - النحوي المعروف - القاضي محمد بن الحسن الشيباني - الفقيه - (رحمة الله عليها وطيب ثراهما) حيث أجاب الأول على مسألة فقهية طرحها الثاني بالإستعانة بخبرته في علم الصرف، والجميل في الأمر أن الأمر لا يتكرر حين يتكرر علي بشكل سافر جلي؛ وإنما بين طيات بعض المسائل ألمسه، وهذا سبب آخر للسعادة ومدعاة للأُنس؛ وهو التمكن من رؤية زوايا خفية أو هي زوايا شديدة الخصوصية يكون فيها الرائي أحد أطرافها، ولكن وبالنظر لتلك المسألة آنفة الذكر فلعل ما كان يمنعني في السابق من التعاطي مع مثل هذا المذهب هو اعتقادي بتعارضه مع مذهب آخر يقول "من تكلم في غير فنه آتى بالعجائب" ولكن واقع الأمر حسب ما اتضح لي ما من تعارض إذ يؤصل المذهب الأول لسهولة التلقي والاستنباط، بينما الثاني لضرورة التمكن من السباحة قبل الخوض في الأعماق... هذا والله المستعان. ز. ع


أنس - المحبين - الذكرى - الفَراء- محمد بن حسن الشيباني- الأُنس.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع