مدونة حسين سالم مرجين


مؤشر جودة التّعليم دافوس 2021م بين التّضليل والحقيقة.

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


18/05/2021 القراءات: 8018  


انتشرَ خلالَ الأيامِ الماضيةِ تصنيفُ جودةِ التّعليمِ في العالمِ العربيّ، حيثُ أشارَ المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر جودة التّعليم دافوس 2021م، لتصنيف التّعليم في العالم بأنّ قطر تصدّرت عربيًا ذلك التّصنيف وفقًا لمؤشرِ جودة التّعليم، في حين خرجت عددٌ من الدّول العربيّة عن ذلك التّصنيف، وهي ليبيا، واليمن، وسوريا، والصّومال. وهنا، تعالتْ الأصوات والكتابات في المنطقة العربيّة عبر وسائل الإعلام الفضائيّة، والتّواصل الاجتماعي، وراحت تتخبط بالوطن وأبنائه في دياجير الحيرة والاضطراب، حتّى وصل بعضنا إلى حالاتٍ من الفزع، والغموض، والرّهبة، وأحيانًا أخرى الصّمت والمجهول، وأصبحنا عاجزين عن التّفكير وعن الاستفسار.
وعلى ذلك، أحاولُ في هذه المقالة أن أرسمَ الصّورةَ الحقيقيةَ لذلك التّقرير – المزعوم –؛ كي تبدو الصّورة واضحة لنا، وهي باختصار، تقول: بأنّه لا يوجد تقريرٌ صادرٌ عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر جودة التّعليم دافوس 2021م، ومن أرادَ التّفاصيل يمكنه الرّجوع إلى موقعِ المنتدى الاقتصادي على الشّبكةِ الدّوليّة للمعلومات ليستزيد.
إنّ هذه الصّورة شارك في رسم مشهدها ثلّة من خبراءَ الجودة وضمانها في التّعليمِ بالمنطقةِ العربيّةِ، وهي خلاصةُ حوارٍ ونقاشٍ عُقد اليوم الاثنين الموافق 17 مايو 2021م، لأعضاء وخبراء مجلس ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي باتّحاد الجامعات الدّولي، تطرّق فيه إلى مسائلَ وتداعيات هذا التّقرير على المنطقةِ العربيّةِ بخاصّة في ظلّ هذه الظّروف الرّاهنة، كما بيّن بأنّه لا يوجد تقريرٌ صادرٌ عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر جودة التّعليم دافوس 2021م، وهنا، أستذكرُ مقولةَ عالم الاجتماع - رايت ملز- والتي يُحذّرنا فيها من الوقوعِ فريسة الأقوال السّيّارة أو ما تبثّه وسائل الاتّصال.
وحتّى لا تُثير هذه المقالة خائنة الأعين وما تخفي النّفوس فإنّها تنطلق من الشّعورِ بالمسؤوليةِ اتّجاه جودة التّعليم في المنطقةِ العربيّة، وبعيدًا عن أيِّ ترّهات قد تحجبُ الرّؤيةَ الحقيقيةَ، وكأنّها ريبُ المنون، وبعيدًا أيضًا عن أيِّ محاولات قد تكون مقصودة أو غير مقصودة تسعى إلى إقناعِ بعضنا بأنّ التّعليمَ في المنطقةِ العربيّةِ يعيشُ حالةً من العتمة، وإنّ هذه العتمة أصبحت جزءًا من واقعنا المرّ، وبل وأصبحت ترافقنا في أيّ موضعٍ حتّى في التّقاريرِ والتّصنيفاتِ العالميّة، وكأنّ الأجواءَ الإقليميّة والعالميّة تقول لنا: لقد هيّأت لكم تلك العتمة!
ولهذا، سوف أحرصُ في هذه المقالة إلى رصدِ عددٍ من النّقاطِ المهمّةِ من خلالِ النّظرةِ السّابرةِ العميقةِ، والبحث عن الحقيقة، ومحاولة رؤية واقع التّعليم في المنطقةِ العربيّة بعيدًا عن تلك العتمة والممارسات المقصودة التي تهدف إلى طمسِ أيِّ نماذجَ أو تجاربَ ناجحةٍ في منطقتنا العربيّة، ونسعى من وراء ذلك إلى قرعِ رؤوسِ العاجزينَ والخائفينَ؛ لندرك ما يراد بنا، فنصرف إلى ما ينبغي، فلا توجد مشكلة دون حلٍّ، إنّما توجد مشاكل مطروحة بطريقةٍ خاطئة، كما يقول اينشتاين، وعلى العمومِ، سأكتفي في هذا السّياق بالتّنويه لبعضِ النّقاطِ المهمّة، وهي:
• لا نريدُ التقليلَ من أهميةِ أي تصنيف عالمي للتعليم، ولكن ليس من المبالغةِ بمكانِ القول: بأنّ الجامعاتَ العربيّة وطلبتها ليسوا أقل ذكاءً من طلبةِ الدّول المتقدّمة، ولعلّ واقعَ الحالِ يشيرُ إلى تقدّمِ الطّلبةِ العربِ في أغلبِ الجامعاتِ المصنّفةِ عالميًا كأفضلِ الجامعات، لكن ما نفتقدهُ في الجامعاتِ العربيّةِ هو الثقةُ بأنفسنا؛ إذ إنّ قيمةَ كلِّ واحدٍ منّا على قدرِ إيمانه بنفسه، وهذا يدعونا إلى الحاجةِ لغرسِ عقليةِ الاعتزازِ بالوطنِ ومخرجاته.
• قد يكون مفيدًا أنْ نشيرَ إلى حاجةِ التّعليمِ في المنطقةِ العربيّةِ إلى تحديدِ نموذجِ المرادِ الوصولِ إليه، حيثُ لا ندري ما هي وجهة التّعليم؟ كما لا ندري إلى أين يقودنا؟
وعليه، فإنّ نجاحَ أيِّ نموذجٍ يحتاجُ إلى الجرأةِ في التّنفيذِ، لكن لا أحدَ من مسؤولي التّعليمِ في الدّولِ العربيّةِ يمتلكُ شجاعةَ جرأةِ التّنفيذِ؛ فالأفكار والنّماذج العظيمة تستدعي بالضّرورةِ وجود إدارةِ العزمِ، فالمركب الذي يقوده ربّان خائف لن يصل إلى وجهته، فعَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ، ولو نظرنا إلى بعضِ الدّولِ من حولنا مثل كوريا الجنوبيّة أو ماليزيا على سبيلِ المثالِ سنجد واقعَ تلك الدّول يقول لنا: بأنه َتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ.
• مشكلة التّعليم في المنطقة العربيّة ليست في المستحيلِ الذي نريده أو نتمنّاه، إنّما في الممكن تحقيقه أو ممارسته والذي أصبحنا نفتقده ونضيعه كل يوم.
• إنّ التّعليم في المنطقة العربيّة خلال هذه المرحلة بحاجةٍ إلى اكتسابِ طريقةِ تفكيرٍ جديدةٍ تتمحورُ في أننا نستطيعُ الوصول إلى ما وصل إليه غيرنا (عقلية العزم) من تميّزٍ، وإبداعٍ، وابتكار، فالماء إذا لم يجْرِ أسن.
• إنّ استمرارَ تصنيف الجامعات في الدّول المتقدّمة كأفضل جامعات عالميًا لم يظل كذلك، إلّا لأنّ جامعاتنا في المنطقة العربيّة لا تزال تفتقد إلى وجود إدارة سياسية حقيقية وجادة نحو مشروع نهضوي لإصلاح التّعليم، فشروق الشّمس لا تنتظر النّائمين.


جودة التعليم - مؤشر دافوس لجودة التعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


بارك الله فيكم على هذا الطرح الموجز الثمين والذي اجاب فعلا على تساؤلات ومن ضمنها حقيقة هذا المؤشر ..اوافقكم الرآي ان الدول العربية ليست بأقل من غيرها في انها تحتوي العباقرة والأذكياء ووهناك نماذج نفتخر بها في كل الوطن العربي . ايضا مشكلتنا في الوطن العربي اضافة لما طرحت انه مازالت الإدارات تقلدية وهي في كثير من الأحيان من يقمع التجديد والتطوير بدلاللة لما انطلق المعلم العربي ذاتيا في تطوير نفسه تغيرت مخرجاته الى الأفضل ولوا تم تبني هذا التغير على مستوى الأدارات لكان حالنا افضل بكثير ..الحقيقة مقالة تستحق القراءة وستحق النشر بارك الله فيكم .


هناك فرق أن يكون الطلبة أذكياء وبين ما يكتسبونه من معارف وموارد علمية يمكنهم تجنيدها والتصرف فيها لحل مشكلات وهذه العملية بحاجة حتما إلى جودة في التعليم تمكن أبنائنا في العالم العربي من تعلم مهارات القرن الواحد والعشرين يأتي في مقدمتها التفكير الناقد.