مدونة الدكتور طلال ناظم الزهيري


الدوافع الشخصية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي

الدكتور طلال ناظم الزهيري | Talal Nadhum Azzuhairi


08/05/2021 القراءات: 6244  


منذ ان ظهر موقع Facebook في 4 كانون الثاني من عام 2004. وحتى الآن اكتسبت مواقع التواصل الإجتماعي على اختلاف انواعها قدرا هائلة من الشعبية، مستفيدةٌ من الحلول التقنية التي ساعدت على أنتشار الإنترنت في عموم الكرة الأرضية، مع إمكانية تجاوز التعقيدات اللغوية التي لم تعد حاجزاً يمنع دخول عالم مواقع التواصل الإجتماعي، خاصةً وان تلك المواقع كانت تحرص دائماً على دعم مختلف اللغات العالمية لضمان الإنتشار على أوسع نطاق، في ذات الاتجاه، يمكن القول ان تبسيط إجراءات التسجيل الى الحدود التي لا تتطلب اي مهارات تقنية أو لغوية، وبشروط مخففة كانت بكل تاكيد عامل مساعد ايضاً على تنامي مشتركي شبكات التواصل الى معدلات اسية . و لاشك، ان هناك عوامل أخرى جعلت من هذه المواقع ظاهرة كونية، حتى انها تغلغلت في عمق التكوين الإجتماعي للمجتمعات البشرية، ولعلنا لا نبالغ اذ نقول انها اثرت في التكوين الشخصي و السلوكي للكثير من الناس على اختلاف الاجناس والاعمار. وفي هذا الصدد يعتقد كل من (Nadkarni, Ashwini; Hofmann, Stefan G.) ان إستخدام شبكات ومواقع التواصل الإجتماعي غالباً ما يكون مدفوع بحاجتين اساسييتين هما : الحاجة الى الانتماء و الحاجة الى العرض الذاتي. وهنا يمكن القول ان الرغبة في التخفي خلف ستار وهمي بالاسم أو الصورة هو حاجة مضافة الى الحاجات السابقة. بل لا أبالغ إذ أقول إن الكثير من مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي يتخفون بأسماء مستعارة أو صور وهمية. والسبب من وجهة نظري مرتبط بشكل عام بالعوامل الإجتماعية و الدينية والقانونية، التي لها تاثير مباشر في سلوك الفرد، وغالباً ما تسهم العادات والتقاليد الإجتماعية في رسم ملامح الشخصية ضمن المنظور المجتمعي السائد. بالتالي فأن السمات العامة للشخصية قد تكون متشابهه الى حد ما في إطار المجتمع. ومع الإقرار إن كل مجتمع هو في الواقع جزء من مجتمعأ اكبر، بالتالي فأن ملامح التشابه في الشخصية تزداد كلما اقتربنا من النواة التي تمثلها العائلة، و تختلف كلما ابتعدنا عنها. كما يؤدي النوع الإجتماعي ( ذكور، اناث) دوراً أخر في إعطاء أبناء الجنس الواحد ملامح سلوكية تتشابه مع المثيل وتختلف مع الآخر. وذلك لأن محددات العادات والتقاليد والقيم المجتمعية غالباً ما تختلف بأختلاف الجنس، فما هو مسموح ومباح للذكر قد لا يكون كذلك للأنثى، وما هو مشين للأنثى قد لا يكون كذلك بالنسبة للذكر. كما ان المرحلة العمرية قد تكون مؤثرة ايضاً إذ قد يرفض المجتمع سلوكيات معينة للشخص في عمر معين ويقبلها في عمر اخر. عموما أوجه الإختلاف البيني ضمن المجتمع الواحد غالباً ما تكون محددة في ملامح الشخصية العامة للفرد، لكنها قد تكون متماثلة على نطاق الديانة والمعتقد و الأعراف الإجتماعية السائدة في المجتمع الكبير (الوطن) .لكن يبقى السؤال الآن: ماهو الضاغط الحقيقي الذي يسهم في رسم الملامح الأخلاقية للفرد في اطار المقبول الإجتماعي.؟ هل هو المعتقد الديني.؟ أم الرادع القانوني.؟ أم الرادع الإجتماعي.؟ لا شك ان علماء الإجتماع قد بحثوا في هذا الموضوع كثيراً، ولعلهم قد توصلوا الى ما نعتقد نحن ايضاً، ان الرادع الإجتماعي غالباً ما يكون صاحب التاثير الأقوى في ضبط السلوك الاخلاقي للفرد. هذه العوامل مجتمعه هي التي أسهمت في تنامي عدد مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي بشكل عام و Facebook بشكل خاص. وهو بالضبط ما خططت له الشركات المسؤولة عن إدارة هذه الشبكات، التي لم تضع قيود على إستخدام الأسماء الحقيقية أو الصور الشخصية وإن كانت توصي بها. ما يهمنا الآن، هو الاقرار ان مواقع التواصل الإجتماعي في العموم اصبحت مجتمعات إفتراضية كبيرة تتداخل فيها كل القيم والعادات المجتمعية. وهي في المحصلة النهائية أفضل بيئة للتسويق يمكن ان يجدها المعلنين.


شبكات التواصل الاجتماعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع